الحمَامات العامة موروث قديم امتدَت جذور نشأتها الى ما قبل التاريخ ومرَت بعصور مختلفة ازدهرت فيها وخاصة في العصر العثماني ثم آلت الى الانحسار لتواجد حمامات بالبيت..
وفي مطالعة عن الحمامات قرأت ذات مرة “ان المرأة الزوجة في عهد العثمانيين كان يحق لها طلب الطلاق من زوجها في حال منعها من ارتياد الحمام “..فتصوروا
وهنا لن أتكلم عن تاريخ الحمامات عن بنائها وأقسامها وحكاياتها الطريفة , لكن جلٌ ما اعرفه انها تبقى حاضنة للتراث الشعبي ,تتجسدَ فيها قِيَم المجتمع وعاداته وتقاليده وذاكرته وهويّته واعرافه, فهي عموماً احدى سمات الحياة البشرية وجزء أساسي منها ..
والحمام كما قال فيه الحيري “يرَطب الابدان ويُفرح النفس ويُذهب الحزن” ..
وافضل الحمامات كما قال ابن سينا “ما قدم بناؤه ,واتسعَ فضاؤه, وعذب ماؤه”
تلك هي صفة الحمام قديماً واما عن حمام اليوم (الشواف)فقد غدا ليس فقط للاغتسال والعبور من النجاسة الى الطهارة ومصدر للنشاط والفرح والسرور و ملتقى اجتماعي بامتياز لمناسبات مختلفة حمام العريس او العروس, او انتقاء عروس , و..و…
فقد صار له إضافة الى دوره دور حضاري اجتماعي هام .
ففي عصرنا الحديث اليوم ورغماً عن مآسي الوطن وويلات الحرب عليه فقد تحولت بعض من الحمامات وسأتكلم عن حمام الدرويشية وعهدي بها طفلا صغيرا لا يتعدّى الخمس سنوات لما دخلتها حديثا بعد رحلة العمر الطويلة فقد اصابتني الدهشة والانبهار فما رأيته وخلصت اليه بعد تجوالي في ارجائه بصحبة القائم عليه الأستاذ الأخ م. عامر الشواف فقد تعدت وظيفة الحمام من هدف النظافة والاغتسال الى حضور حضاري في المشهد الثقافي للبلد فقد لمست أن جزءاَ منها قد غدا منبراً ومقراً للجمعية العلمية التاريخية السورية يتم فيها اجتماع الأعضاء ومنبرالقاء محاضرات وفضاء رحب لمجالس الشعر والنثر وفنون الادب..
وفي الحقيقة دون شك لقد ساهم التحديث والتطوير للحمام من نسيج مدينة حماه وأصبحت بفضله مقصداً سياحياًكما النواعير كل هذا بفضل ماقام به الدكتور عبد المعين الشواف واغدق على الحمام بكرم ملموس حتى قلبها الى واجهة حضارية من خلال التوّسع في حجم مرافقها العامة ولواحقها مع تطعيمها بمنشآت عصرية كالمرّشات والجاكوزي والساونا وتزيين الحمام بديكورات بديعة تبعث على الدهشة والاعجاب وتنقل ناظرها الى عالم من الذكريات والتخيلات وفضاء روحي ينقلب الى مبعث راحة وسعادة ..
لن أتكلم عن الخدمات وما يقدمه الحمام حتى لا يقال اني اساهم في دعاية او اعلان ..
لكني أثمّن وطنية من قام بمشروع قلب الحمام وكانت غايته السامية وطنيه وحب بلده واعلاء الثقافة فيها ولم يكن مقصده ابدا مشروعا ربحيا فله منا كل الاحترام والتقدير..
وبمثل هذه المشاريع يكبر الوطن ويثبت ان سورية بلد التاريخ والحضارة وشعبها وطني بامتياز
محمد مخلص حمشو
المزيد...