نفحات من عبق الماضي

 
 
كان صباح جميل مشرق لايشبه أي صباح آخر..وأنسام خريفية الموعد..وزهرات ياسمين غفت على أكتاف الشرفة. جمعت بعض الأزهار ثم وضعتها على الطاولة أمامي جلست وإلى جانبي صديقي (الراديو)
لتشاركني فيروز فنجان قهوة الصباح،تلك الجلسة الممتعة وذاك الصباح الرائع حملني إلى زمن بعيد..زمن البوح الجميل.
قلبت ذاكرتي أوراق الماضي..الذي لا أنساه مدى عمري..وقف أمامي طيف الماضي مبتسما حدثته كما كان…
ذات يوم..ومنذ زمن بعيد،وأبعد من بعيد،وفي مكان ما..كان بيتي..وهذه شرفتي التي أحببتها كثيرا أراها خضراء زاهية لم تتغير ،وفي زاوية من الشرفة توجد شجيرة ياسمين .
كان أريجها يعانق أصيص الفل الذي بجانبها هذا الألق الجميل يدعوني لأن أجلس مع أسرتي كل مساء لنشرب القهوة بمحبة ووفاق ..نعم خبأت الشرفة بأكمام جدرانها ذكرياتنا و أسرارنا في الماضي  كان كل شيء جميل له طعم خاص..وترابط أسري واحترام متبادل المبنى الذي كنت أسكنه..جيران من  بيئة شعبية لا يزالون في الذاكرة..كانت علاقتي بهم ودية للغاية لأنني تعلمت منهم الكثير من أمور الحياة بكل ما تحمله من تجارب وعظات كنا أسرة واحدة نتشارك الأفراح..والأتراح معا.
كانوا جيرانا كرماء بأخلاقهم الموروثة عن آبائهم و أجدادهم .. حافظوا على علاقتي بهم بحميمية بالغة فشعرت بأني فرد من أسرتهم ، فوجدت عندهم الراحة الدفء في هذا الزمن ..حاولت مرات و مرات إعادة ترتيب شجر المكان إلى حيث كان ..  حاولت فتح بوابة قلبي على مطر الزمن الذي مضى لم أستطع كي أشكل صورة من صور الروح التي سكنت القلب والخاطر فكان ذلك مستحيلا …
في هذا الوقت الذي أنا فيه صار الماضي ذكرى جميلة في مخيلتي وأنا أخطو نحو المستقبل لأنه الأهم والأقوى.
كان بودي أن يتسع الحرف لكل فصول عمري ،وأن يحمل الكلام كل دفء ذاتي على صفحات غدائر الزمن.
رامية الملوحي 
المزيد...
آخر الأخبار