تذخر سورية بآلاف المواقع التاريخية والأثرية التي تعرض العديد منها للتخريب مؤخرا بسبب الحرب على بلدنا الغالي ، وعند الحديث عن هذه القضية في إطار النقاش العام نصطدم بجملة واحدة هي (إن البشر أهم من الحجر ..!!)
لا أريد الحديث هنا عن أهمية المواقع الأثرية التي تشكل جزءا من تاريخنا وإرثنا الحضاري وهويتنا الثقافية ومصدرا مهماً من مصادر الدخل لخزينة الدولة ..
.
بل أريد الحديث في أهمية هذه المواقع و تأثيرها الإيجابي الممكن بتحسين المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأفراد والمجتمعات التي تكون على تماس مباشر مع تلك المواقع الأثرية التاريخية .
بداية لابد أن نتفق أنه لاتزال كلمة (( الآثار )) في كثير من الأذهان تعني إما الكنوز والذهب والقطع التي يمكن بيعها ، بل ويشكل التنقيب عنها لدى البعض أحلاما وردية تودي بهم إلى السراب وغياهب المجهول …أو تدل على مواقع مهملة متهدمة تعاني الكثير من المشاكل .!
.
الحقيقة أن هذه المواقع هي غير ذلك بل يمكن إذا أحسن استثمارها وإدارتها أن تنعكس إيجاباً على واقع حياة الفرد والمجتمع ، ولتحقيق هذا الأثر الإيجابي يجب أن نسعى كمؤسسات ثقافية رسمية وجهات أهلية مجتمعية لتنمية الوعي بأهمية التراث الثقافي الأثري وترسيخ ارتباط الفرد بآثار أجداده ، فالمواقع الأثرية تشكل دليلا ماديا اجتماعيا على وجود شعب متجذر ومتأصل مترسخ الهوية والانتماء في مكان ما، فهي ربط الماضي بالحاضر و المستقبل ، فمعرفة الإنسان لماضيه وحاضره يمكّنه من صياغة مستقبله ومستقبل أولاده والأجيال من بعده .!
.
إنها الرابط بين المواطن والوطن ومن هنا تبرز أهمية الحفاظ على هذا الرابط وتعزيزه وتقويته ليتحول لمصدر اعتزاز وفخر وتلاحم بين أفراد الشعب الواحد .
.
لا يخفى على الجميع أن الجانب الاقتصادي له دور هام في كل ذلك فيجب تحويل تلك المواقع لعناصر أساسية في داعم الحياة والمعيشة لأفراد المجتمع أكان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر .
فالآثار من أبرز المقومات التي تساهم بالانتعاش الاقتصادي من خلال دورها في توفير فرص العمل ودعم المجتمع من حيث تقليل نسب البطالة ، فالاستثمار السياحي للمواقع الأثرية المختلفة وخاصة في المحافظات والمدن والقرى النائية البعيدة يؤدي لإيجاد أدوار وظيفيّة اقتصادية للشباب في تلك المناطق مما يحقق الاستقرار السكاني والدعم المعيشي للأسرة .
.
كيف لا والقطاع السياحي هو الأول في إيجاد فرص العمل بسوق التوظيف العالمي والمواقع الأثرية تشكل أحد أهم عناصر الجذب الأساسية في القطاع السياحي والاستثمار الصحيح لتلك المواقع يسهم في إيجاد اقتصاد تنموي قوي متكامل داعم لطاقات الشباب ، طبعا كل ذلك في إطار تطوير للبيئة القانونية والاستثمارية والتشغيلية التي تضمن تحقيق كل تلك الرؤى ..
تلك الرؤى ممكن أن نناقشها لاحقاً مع تجارب من الواقع المحلي بمقالات أخرى معكم .
للحديث بقية ..دمتم بخير
#المهندس_مجد_حجازي