أقيمت في كلية الآداب في جامعة حماة ندوة بعنوان (العربية والدرس اللغوي الحديث ) ويأتي ذلك ضمن سلسلة من الندوات التي تقام بالتعاون بين اتحاد الكتاب العرب لفرع حماة وكلية الآداب في جامعة حماة ، وهي خطوة بناءة للارتقاء بالأدب ونشر ثقافة الحوار الأدبي، وقد تضمنت الندوة جلستين اثنتين . فأما الجلسة الأولى كانت المشاركة للدكتور محمد فلفل والدكتور وليد سراقبي حيث أدار الجلسة الباحث والأديب رضوان السح .مفتتحا الندوة بالحديث عن بعض المحاور التي ستطرح .فكانت البداية مع د. محمد فلفل و (العربية في ضوء المناهج اللغوية الحديثة ) حيث تحدث د. فلفل عن مدى حاجة اللغة العربية إلى اللسانيات متسائلا :هل العربية بحاجة إلى المناهج اللسانية الحديثة ؟ مبينا أهمية اللسانيات كعلم قائم بحد ذاته والذي يلقى في الغرب الاهتمام مثل باقي العلوم الأخرى كالرياضيات والفيزياء وغيرها من العلوم وذاكراً بعض الآراء التي ترفض اللسانيات فهي على حد قول هؤلاء ليست العربية بحاجة لها , فما أغنانا عن اللسانيات ومعطياتها , وموضحا بأن هناك من يرفض اللسانيات مستعرضاً أمثلة في هذا السياق, ليؤكد فيما بعد على الحاجة إلى تنويرية اللسانيات , فنحن بحاجة إلى النأي والابتعاد عن الخطأ الانفعالي غير القائم على أسس علمية مبيناً فضل اللسانيات في استخراج لآلئ تراثنا اللغوي .
ليتابع بعد ذلك حديثه عن حاجة العربية إلى تعدد مناهج الدراسة خاتماً ما بدأ بالتداولية , فطرح التداولية جدد على حد قوله علاقتنا بتراثنا على الوجه الأكمل وعلى استثمار المعطيات .
ليكون الشق الثاني من الجلسة الأولى مع الدكتور وليد سراقبي و (اللسانيات وسؤال المصطلح) وبعرض أقدم نص تاريخي ورد فيه مصطلح اللسانيات /المحكم/ المخصص/.
فاللسانيات علم من العلوم يدرس اللغة دراسة موضوعية في جوانبها المتعددة ,من صوت إلى لفظ وإلى تركيب إلى دلالة , وعن أهمية هذا المصطلح فهو منظومة من المفاهيم الدالة, ظهر لأول مرة حديثاً في الجزائر عام 1966 ,متحدثاً عن ورود مصطلحات كثيرة للسانيات وعن سر تعدد المصطلحات , مستعرضا ً نماذج عن ذلك , ليكمل بمرجعيات هذا المصطلح والنعرة الإقليمية التي عدها وراء كل ذلك .
لينتقل إلى الجوانب المضيئة في اللسانيات بعد في التراث / مفتاح السعادة/ ومؤكداً في ختام حديثه بضرورة ابتعاد الباحث عن الفردية.
ليدع بعد ذلك مدير الندوة السح المجال للمناقشة والحوار فيما طرح في الجلسة من آراء ومادة علمية ذات قيمة.
وبعد استراحة قصيرة كان البدء بالجلسة الثانية حيث كانت دفة القيادة فيها للدكتور عبد الفتاح المحمد ليقدم لنا الباحث القادم من جامعة البعث د. هايل الطالب و(تعليم النص الأدبي في ضوء نحو النص مقاربة نظرية تطبيقية)
انطلق الهايل من أساس معرفي للسانيات فهو في سورية في حالة من تغيب وتخلف, ذاكراً الأسباب وراء ذلك ومنها حصر الدرس اللغوي بالتراث متحدثا عن إحصائيات قام بها تبين أن الدراسات اللسانية لا تأخذ حيزاً من الرسائل المطروحة في جامعاتنا .
لقد عانى الدرس من قطيعة معرفية , فالتراث عالج كل شيء, وإن بعض الدراسات المعاصرة بعد 2010 قعّدت الدرس اللساني ومنطقته من حيث لا يحتمل هذا فأفقدت هذا العلم حيويته وروحه.
متابعاً عن الاتجاهات اللسانية التي حاولت عقلنة الذوق , مبيناً أهمية الدرس اللساني فنحن نتواصل بالنصوص (كيف يصبح الملفوظ نصاً)لينطلق إلى بنية النص والانطلاق كان من داخل النص موضحاً المعايير التي وضعت للدرس النصي ,منتقلاً إلى قضية المعنى الشاغل الأساسي , وفصل الدرس اللغوي عن المعنى وأن ما يجعل النص نصاً هو ما يقوم عليه النص مؤكداً أهمية
أهمية الاتساق (الرابط النحوي )
الانسجام ( الرابط المعنوي )
متحدثاً عن إفراغ النص وتعزيز مسألة الربط النحوي عند المتلقي ليختم بذلك حديثه تاركا المجال للدكتور راشد المنصور و(أثر المنهج الوصفي في درس العربية) والذي بدأ بتعريف المنهج الوصفي في الغرب والتعريف بأشهر مقولاته , لقد تحدث الراشد عن أشهر المقولات وانتقال المنهج الوصفي إلى الدرس العربي من خلال الدارسين المصريين , وقد عرض بعد ذلك عينة مختارة من الدراسات العربية التي طبقت المنهج الوصفي على اللغة العربية في الجوانب الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية, ووقف عند نموذج مختار وهو كتاب (نظرة وصفية في تصريف الأسماء ) للمؤلف محمد أبو الفتوح شريف, خاتما بالحديث تحدث عن تجربة هذا المؤلف وفهمه للوصفية .
كذلك أعقب الجلسة الثانية حوار مطول مع الجمهور الأدبي الموجود أغنى الجلسة وبين أهمية مثل هذه الندوات التي تعرفنا ببحر لغتنا العربية.
شذى الوليد الصباغ