الأعلاف . . انخفاض الأسعار وتدني الجودة … نفوق بالأبقار … أسعار الحليب لم تنخفض .. 35 -65 % أعلاف مخالفة
خلال أقل من شهر خفضت المؤسسة العامة للأعلاف أسعار العلف المصنع للمرة الثانية على التوالي وما لم نلاحظه هو عدم تخفيض أسعار الحليب ومشتقاته، ما يجعل هناك ضرورة لتحديد الأسعار وإلزام محال الألبان والمربين بالتقيد بالأسعار الجديدة التي من المفروض أن تتناسب طرداً مع أسعار المواد العلفية التي تدخل في حسابات سعر التكلفة لاسيما وأن مؤسسة الأعلاف قد خفضت أسعار موادها بمبالغ لايستهان بها وما نطلبه أن تنخفض أسعار الحليب ومشتقاته جميعها، لاسيما وأن أسعار الألبان والأجبان قد حلقت عالياً لأسباب عديدة أهمها ارتفاع أسعار الأعلاف والجفاف والتهريب وغيرها مما لاعلاقة لنا به كمستهلكين، فهل نشهد انخفاضاً في سعر الحليب ومشتقاته وإلزام المربين والتجار بالأسعار الجديدة والضرب بيد من حديد على أيادي المهربين ومن لف لفهم…؟!
لم تنخفض أسعار اللحوم والحليب
خفضت المؤسسة العامة للأعلاف أسعار المواد العلفية، ما يعني عملياً أو مجازياً أنه يجب أن تنخفض أسعار مشتقات الحليب بأنواعها، إضافة إلى أسعار اللحوم التي شهدت كما مشتقات الحليب أسعاراً كبيرة خلال الفترة الماضية، كما سيؤثر هذا القرار في نفسية الأبقار التي ربما لن يبخل مربوها في إطعامها، وستنتج المزيد من الحليب على مبدأ «كلما دللت بقرتك أكثر»!.
بالأرقام
حيث انخفض سعر طن علف الأبقار 10000 ليرة ليصبح 116 ألفاً، وسعر طن النخالة أصبح 80 ألفاً بتخفيض 6000 ليرة، وطن الشعير المستورد انخفض 5300 ليرة ليصبح 112 ألفاً، بالإضافة لسعر طن الذرة الذي أصبح 118 ألف ليرة بعد أن انخفض 9300 ليرة، وكسبة فول الصويا أصبح الطن منها بـ 250 ألف ليرة بتخفيض 7300 ليرة، وسعر طن كسبة القطن 185 ألف ليرة والشعير المحلي 118 ألف ليرة للطن الواحد بحيث يضاف إلى قرار تخفيض الأسعار المذكورة 3200 ليرة عبارة عن رسوم مختلفة.
النخالة أغلى من السوق
ويعود سبب التخفيض بحسب مدير المؤسسة لتحسن سعر الصرف، مشيراً إلى أنه رغم توافر المواد العلفية بكميات كبيرة إلا أن المبيعات كانت منخفضة وخاصة مادة النخالة نتيجة كونها تباع في المؤسسة بأسعار أعلى بكثير من أسعار السوق.
خسارة المربين
مردودية الحليب قليلة يقول المربون، زد على ذلك أن سعر استجرار الحليب انخفض بشكل كبير مقاربة بأسعار الأعلاف، وقد أدت هذه التراكمات إلى تدهور أوضاع المربين ودخل بعضهم في طور الخسارة، في حين لايزال تجار الحليب وشركات تصنيع الألبان يرجعون سبب تدهور أسعار الحليب إلى ارتفاع تكاليف النقل والخزن والتبريد، علماً بأن أسعار مشتقات الألبان لاتزال مرتفعة في السوق المحلية، فلماذا وصل مربو الأبقار إلى هذه الحالة المريرة؟ وما انعكاسات ذلك على قطاع تربية الأبقار في محافظة حماة؟
الأعلاف الخاصة تجذب المربين
كان مربو الأبقار قبل عدة سنوات يستنجدون بالجهات المعنية بالثروة الحيوانية لتوفير الكميات الكافية من المقننات العلفية التي توزعها المؤسسة العامة للأعلاف من إنتاج معامل أعلاف الدولة، ولم تستطع هذه الجهات تلبية مطالب المربين وقتها لأن طاقة إنتاج معامل أعلاف الدولة محدودة مقارنة مع احتياجات الثروة الحيوانية، وكان المربون يشكون على الدوام من النتائج غير المرضية لهذه الأعلاف ذات المردودية الضعيفة قياساً لتلك المنتجة في معامل الأعلاف الخاصة.
اليوم وبعد مضي هذه السنوات لم تتغير كميات المقنن العلفي الذي توزعه مؤسسة الأعلاف، ولايزال المقنن العلفي لا يكفي ربع احتياجات الثروة الحيوانية، ولكن تحولت رغبة المربين إلى التوجه لشراء الأعلاف من إنتاج المعامل الخاصة، وتراجعت الرغبة بشراء أعلاف الدولة.
مردوديتها قليلة
مربي الأبقار محمد شحود قال: إن مردودية أعلاف معامل مؤسسة الأعلاف من الحليب منخفضة، وأعتقد أن ذلك يعود إلى زيادة نسبة النخالة والشعير، وانخفاض نسبة البروتين في هذه الأعلاف، وفي المقابل فإن أعلاف المعامل الخاصة تحقق إنتاجية مقبولة من الحليب، لكن بعض هذه الأعلاف يمكن أن يتسبب بأمراض هضمية للأبقار نتيجة زيادة المواد الدخيلة على هذه الأعلاف كالرمال والأتربة وبقايا بعض المحاصيل الزراعية، وتالياً فإن مربي الأبقار يعيش في جو من التجاذبات لتأمين المادة العلفية، وهذه التجاذبات تدفع بالكثير من المربين لتقديم عليقة علفية غير متوازنة لحيواناتهم، وقد اضطر بعض المربين لبيع جزء من أبقارهم، إذ ليس بإمكان المربي الاستمرار بتجهيز خلطة علفية متوازنة (ذرة- قشرة- نخالة- فول) في منزله لأن مواد الخلطة غير متوافرة باستمرار في السوق، إضافة إلى ذلك فإن تكلفة هذه الخلطة تفوق سعر العلف الجاهز بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، فما هي نوعية الأعلاف المتوافرة في السوق المحلية؟
أعلاف تتسبب بنفوق الأبقار
يروي الدكتور البيطري منير برهوم أن بعض الأعلاف المتوافرة في السوق المحلية تتسبب بأمراض هضمية لقطيع الأبقار، إذ يحصل فتلان بمعدة البقرة، وترتبط نسبة شفاء البقرة المصابة بهذا المرض بدرجة فتلان المعدة، وقد حصل نفوق بعض الأبقار نتيجة هذا المرض.
تعاون مستمر
حماية المستهلك وبالتعاون مع الجهات المعنية بتربية الأبقار تقطف عينات من الأعلاف في منافذ بيع المواد العلفية، ويتم تحليلها في مخابر وزارة الزراعة، والمؤسف أن تلك التحاليل بيّنت أن نسبة العينات المخالفة للمواصفات القياسية السورية تتراوح بين 35%- 65% من إجمالي العينات المقطوفة، وتشمل المخالفات نقصاً في البروتينات وزيادة في نسبة الرمال والأتربة، وبعض العينات فيها زيادة في البروتين نتيجة الغش في اليوريا، ويدعى هذا بروتيناً كاذباً، وتتسبب هذه المخالفات بتراجع إنتاج الحليب عن الإنتاج الطبيعي، كما تؤدي إلى تلبك في الهضم وحدوث الإسهالات وحالات التسمم الغذائي في الثروة الحيوانية، وسيتم نشر تحاليل العينات في لوحات إعلانات الأقسام الحقلية والوحدات الإرشادية ليتم إعلام المربين بالعينات المخالفة والمعامل المنتجة لهذه الطبخات العلفية المخالفة للمواصفات، وهذا الإجراء يعتمد رديفاً للإجراءات المتبعة من قبل الجهات المعنية بحق معامل الأعلاف المخالفة.
العلف الرديء مصيدة المربين
أحد مربي الأبقار قال: إن كلام المعنيين في الجهات الرقابية المعنية بمواصفات الأعلاف يتضمن إقراراً بالعجز عن تحقيق نتائج ملموسة تضمن التزام معامل الأعلاف ومراكز البيع بالمواصفات القياسية، وهذا يعني أنه ترك للمربي أن يتولى اختيار نوعية الأعلاف من المتوافر في السوق المحلية، والمربي يعتمد في تمييز العلف الجيد على التجريب، فالعلف الجيد إدراره للحليب أعلى، ويصل معامل التحويل العلفي فيه إلى إنتاج 2 إلى 2,2 كيلو حليب مقابل كل كيلو علف يقدم للبقرة، ومن الممكن أن يكتشف المربي الأعلاف الضارة بصحة الحيوان بعد مضي أسابيع على تقديم هذه الأعلاف للحيوان من خلال ظهور أعراض مرضية عليه، ولكن قد يأتي هذا الاكتشاف متأخراً بعد نفوق الحيوان، ويكون المربي قد وقع في مصيدة العلف المغشوش، ولاسيما أن سعر الرأس الواحد من الأبقار يتراوح بين ٨٠٠ ألف إلى 1مليون ليرة وخسارة رأس واحد من الأبقار بالنسبة للمربي الذي يقتني عدداً محدوداً من الأبقار 1-3 أبقار تشكل مشكلة يصعب على المربي تجاوزها إلا بعد مضي سنوات، حيث تنتج بعض معامل الأعلاف عدداً من الطبخات العلفية المطابقة للمواصفات، وبين هذه الطبخات طبخة مخالفة للمواصفات.
إخفاق الرقابة يزيد المخاطر
لنكن واقعيين إذاً، إن إخفاق الرقابة على صناعة الأعلاف يزيد مستوى المخاطر التي تشكلها رداءة الأعلاف على مربي الأبقار، والحديث عن قطف عينات من الأعلاف وتحليلها كلام لا يحقق نتائج مرضية لأن المعامل المخالفة مستمرة في إنتاجها للأعلاف المخالفة، ويظهر ذلك جلياً من نسبة العينات المرتفعة المخالفة للمواصفات ، علماً بأن تكلفة تحليل العينة مرتفعة.
ولنضف إلى ذلك أنه من غير المنطقي أن تستغرق إجراءات تحاليل عينات الأعلاف مدة تزيد على شهرين، لأن هذا وقت كبير بالنسبة لمعامل الأعلاف التي تنتج كميات كبيرة من الأعلاف يومياً، والمعمل المخالف يغرق السوق بمئات الأطنان من الأعلاف المخالفة قبل أن تظهر نتائج تحليل العينات، ومن جانب آخر ليس من الطبيعي أن يحتكر عدد محدود من المعامل الخاصة إنتاج علف الكبسول، وأن يغرق السوق بكميات من الأعلاف على أنها أعلاف دولة تمت إعادة كبسلتها في هذه المعامل، في حين يقتصر إنتاج معامل الدولة على الخلطة المجروشة التي تحولت في بعض المناطق إلى مادة أولية للتجار ومعامل الأعلاف الخاصة!..
تسعيرة الحليب تقارب التكلفة
يصل معدل الاستهلاك اليومي للرأس الواحد من الأبقار الحلوبة من العلف إلى 10-12 كيلوغراماً بقيمة 860- 1032 ليرة، و8-10 كيلوغرامات تبناً بقيمة 400-500 ليرة، إذ تصل تكلفة الرأس الواحد من الأبقار الحلوبة من العلف إلى ما يتراوح بين ٢٢٦٠ -٢٥٣٢ ليرة في اليوم، ويقابل ذلك إدرارٌ للحليب بمعدل 25 كغ حليباً ويُباع إلى تاجر تجميع الحليب بسعر ١٥٠ ليرة للكيلو، وتالياً فإن مردودية الحليب ضعيفة.
هامش الربح ومبرراته
ويعلل مربي الأبقار ربيع علي قبول المربي بهامش ربحي ١٤ ألف ليرة للرأس في الوقت الحالي بأن المربي يشتري كيلو التبن عند موسم الحصاد بسعر لا يتجاوز ٩٠ ليرة، بينما يصل سعر الكيلو في الوقت الحالي إلى ٢٠٠ ليرة كما يستفيد المربي من بيع ولادات الأبقار كل عامين بقيمة تتراوح بين ٣٠٠ – ٥٠٠ ألف ليرة للرأس، ولكن – والكلام للمربي- من الظلم المفرط لمربي الأبقار أن يشتري تاجر الحليب إنتاج الحليب بسعر ١٥٠ ليرة للكيلو، حيث يقترب هذا السعر من تكلفة الإنتاج.
وأخيراً:
وينتظر المواطن أن يلمس نتائج تخفيض أسعار الأعلاف من خلال تخفيض أسعار اللحوم ومشتقات الحليب، التي كانت تشهد ارتفاعاً كبيراً مع كل زيادة جديدة على أسعار العلف خلال السنوات الماضية، فهل سيتحقق للمواطن مايريد أم إن..؟!
ازدهار صقور