هو شاعر ينسج كلماته من أعماقه , ليطرز منها قصائد تدخل القلب دون استئذان, عفوي وشفاف في شعره , مثل سلوكه في الحياة ,سرقه الشعر باكراً ,منذ المرحلة الإعدادية والثانوية ,قرأ الكثير من الشعر العربي ليصوغ القليل منه ,هو منحاز بشكل كلي للمدرسة الكلاسيكية للشعر ,قد تختلف معه في بعض القضايا الثقافية, ولكنه بدماثته ولباقته ,لا تملك إلا أن تحترم اختلافه عنك .
لمً اخترت الشعر ؟
– لأنه اختارني، ولم أختره ,فقد عشقت الشعر منذ الصغر ,وساهم بعشقي هذا أساتذتي الكبار في الإعدادي والثانوي ومنهم الأستاذ عبد القادر علواني والأستاذ محمد علي الدرويش ,فكتبت بواكير قصائدي على ما أذكر سنه 1958ونشرتها في مجلة الجندي , وهي قصيدة (أختي فلسطين) وكنت في الصف الثامن وقرأها أخي عبد العزيز رحمه الله مع زملائه الضباط عندما كان في مصر(في زمن الوحدة بين سورية ومصر) ,وأرسل يعاتبني على تقصيري في كتابة الرسائل إليه ,فأرسلت إليه القصيدة الثانية أقول فيها :
كان المساء وكان طيفك نصب عيني في السماء
فنظرت للطيف القريب وكان بدراً للمساء
وجلست أنظر من ورا دمع يفجره بكائي
إن كنت منك مقرباً فالناس والدنيا ورائي
وهذه القصيدة من عدة مقاطع مختلفة القافية ,ختمتها بقولي:
أرسلت شعري من حما من ذلك البلد الجميل
في مصر أنت وفي حما أجاري كل جيل
لكن مجداُ يجمع الأخوين في عاص ونيل
– أين أنت من الحداثة ؟
– الشعر هو تعبير عن الشعور ,فأي لون من الشعر حقق الصور الجميلة والخيال المجنح والموسيقى الشعرية فهو شعر حداثي,وإنني كشاعر نهج الشعر الأصيل لا أنكر شعر التفعيلة أو ما سمي شعر الحداثة ولكنني أتوجه لمن استسهل الشعر الحديث أو التفعيلة ألا يجنح عن طريق الأصالة ,وقد قلت في إحدى قصائدي :
يا أخوتي أهل الحداثة حدثوا
ما شئتم في القول والإعراب
لكن دعوا نهج الأصالة سامياً
وتمسكوا بمتينة الأسباب
وتفننوا فيما ترون وأبدعو
فالكون ملك المبدع الوهاب
أو ما رأيتم كيف أبدع غيركم في أرض أندلس من الإعراب
زفوا لنا التوشيح فناً رائعاً وكسوه زهوا أفخر الأثواب
ونزار إذ قال الحديث منغماً وحداثة الدرويش والسياب
أسفي على من ظلَّ في فرقاتهم يهذي وظن الشعر كالألعاب
وفي هذه الأبيات أبسط لكم رأيي بالحداثة .
– كيف تنظر للمشهد الثقافي عامة والشعر خاصة في محافظة حماة ؟
– أما المشهد الثقافي في الوطن العربي ,وفي قطرنا العزيز بخاصة ,فأراه من خلال المسؤولين عنه فهو في حالة بائسة ويميل إلى الانحدار والسبب في ذلك يتعلق بالذين روجوا لهذا الانحطاط ,إذ سوقوا للعامية والابتذال ولأشباه المثقفين والمبدعين , وأرى التمايز بين شاعر يبدع ويكتب من جهده وروحه قصيدة تتناول الهم العربي أو التربية والأخلاق ,ويعلو صوته بالمنابر ليسمعه عدد من الأدباء لا يتجاوز العشرات ,وأرى راقصة أو مغنياً يهذي بألفاظ سوقية لا يقبلها الذوق والعقل السليم ,ويتزاحم عليه آلاف المعجبين ,ولا أقول بأن ذائقة جمهورنا قد انحطت وإنما أوجه اللوم الأول لإعلامنا بكل صنوفه للترويج لمثل هذه التفاهات ,إضافة لما يحققه هذا المغني أو المهرج أو الراقصة من أموال خيالية لقاء هذيانه .
– هنالك أصوات شعرية شبابية ,فمن منهم من لفت انتباهك لنتاجه الشعري ,وحبذا لو تذكر بعضهم ؟
– بلغت الثمانين من عمري ,وفي كل عام من مراحل هذا العمر ,أرى شباباً يتنافسون ويبدعون بتنافسهم ليعطوا الشعر ألقاً وجمالاً ,ولا أريد أن أذكر الأسماء ,لأن في ذكرهم ما يدفعهم إلى الغرور وأجمل ما في الشاعر التواضع في العطاء والإبداع .
– لو قدر لك أن تكون مسؤولاً ثقافياً في هذه المرحلة ,فما هي رؤيتك لتفعيل المشهد الثقافي والشعري ؟
– لو قدر لي ذلك لعملت على إحياء التراث من خلال اتصالاتي بوسائل الإعلام كافة ,أو المشرفين عليها لدفعهم إلى إعطاء الأدب والأدباء حقهم من الإنصاف .
– قال الشاعر ممدوح عدوان رحمه الله ,بأن كرة القدم تنال أضعاف مضاعفه من الإعلام والاهتمام المبالغ ,ونرى الصورة النقيضة بالنسبة للمشهد الثقافي ، ما رأيك ؟
– لقد صدق الأديب والشاعر ممدوح عدوان في قوله ولكنه أشار إلى جزء معين ,وهو كرة القدم ولكنني سبق أن قلت إنه الإعلام وهو يروج لأي حدث يريده ,ولا ينأى عن ذاكرتنا بأن كرة القدم التي أشار إليها هي من صناعة الموساد ويروج لها في كل العالم وليس في قطرنا العربي وهذا نلمسه في بروتوكولات حكماء صهيون الذين مهدوا لهذه اللعبة للسيطرة من خلالها على عقول العالم وحرفها عن الهم الجوهري في حياتنا .
– بلغت الثمانين ,حفظك الله, وأنت في عطاء دائم …ما هو الذي لم تبحْ به شعراً..؟
– عرف عني لدى جميع أصدقائي وقراء شعري الصراحة المطلقة في ما أقول ولم أكن من المبالغين في شعري ولا المتسترين على ما تخفيه نفسي، ولي في ذلك قصائد كثيرة تمتدح منها الجرأة والصدق .
حوار:محمد أحمد خوجة