ثلجة الأربعين … من ذاكرة المجتمع والطبيعة

هل سمعتم يوماً بالثلجة الكبيرة ؟ .كثيراً ما حدثنا أجدادنا وآباؤنا وكبار السن من أقاربنا عن ثلجة الأربعين ، والمقصود بها ثلجة الأربعين يوماً ، سمعنا عنها كثيراً، وأصبح يضرب بها المثل ، حدثت في آذار من عام 1911 وتميز هذا الموسم بشتائه القاسي وبرودته الشديدة على شرق أوروبا وتركيا وبلاد الشام ( خاصة شمالها) وحدثت فيه ثلجة الأربعين يوماً على بلاد الشام (الأردن وفلسطين وسورية ) مطلع عام 1911 حيث بدأت الثلوج تتساقط بغزارة وحصلت الثلجة الكبرى التي استمر الثلج فيها يتساقط لمدة أربعين يوماً من دون ذوبان ، فكان الناس يفتحون أبواب بيوتهم ليجدونها مسدودة بالثلج. ووقع برد شديد بعدها واستمر الجليد إلى ما بعد شهر آذار .
غُمرت المدن وريفها بالصقيع ، ووصلت الحرارة إلى درجة عشرة تحت الصفر، وأحياناً إلى السابعة والعشرين تحت الصفر، وهي درجة الحرارة في سيبيريا شمال روسيا .
وفي تلك الفترة انقطع سير القوافل، وقاسى الفقراء الأهوال من قلة القوت والوقود، بعدما يبست الأشجار، وندر وجود الفحم للتدفئة ، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني ، وتوقفت الأفران عن إنتاج الخبز لعدم توافر الوقود .
ويقول أجدادنا : نفقت الحيوانات ،وقُدّر عدد الأغنام النافقة آنذاك بنصف مليون رأس في المناطق التي غمرها الجليد، وهامت الوحوش والضواري، وتوفي مئات من الناس من البرد الشديد والأمراض الصدرية ، ومات المسافرون الذين كانوا في الطريق برداً أو افتراساً من الضواري والوحوش ، وأجبر أصحاب حمامات السوق أن يفتحوها ليلاً لمبيت الفقراء التماساً لدفء الحمامات العامة التي لا نار فيها، وتشققت من شدة البرد الأعمدة الحجرية في بعض المساجد التي يزيد عمرها على 600 عام مما يدل على أنه لم يأتِ مثل هذا البرد منذ /600/ سنة خلت .
وتشقق أكثر الرخام المفروش في المنازل والمساجد، وتحطمت الأواني الزجاجية التي يوجد فيها سوائل ،وجمد الحبر في المحابر، لذلك سميت تلك الثلجة في كتب التاريخ ( ثلجة الأربعين) .
عبد المجيد الرحمون

 

المزيد...
آخر الأخبار