على ضفاف العاصي : فرمانات مازوتية تعسفية..!

خَرَقَ أحد الرجال (الشجعان) الأعراف الاجتماعية المحلية التي سادت منذ زمن بعيد، وشذّ عن القواعد والنظريات (الوهمية) المُعشعشة في رؤوس كثيرة، والمسيطرة على أدمغة وفيرة، والمهيمنة على أعداد غفيرة.. فهي –أي النظريات والقواعد- تتحدث عن تميّز الذّكر، وأفضليته على الأنثى، وتفوقه، ومقدرته، وسطوته، وكيف أنه الأول والأخير، الآمر والناهي صاحب الشأن والمرتبة الأعلى، والفلك الذي يدور حوله كلّ من يتبع له.
أقرّ الرجل (الشجاع) بغير ما ضغط أو إكراه، وبعفوية وبساطة متناهيتين، وبصوت غير خفيض، أقرّ أن زوجه (شريكة عمره) استحوذت على مقاليد الأمور البيتية ضاربة عرض الحائط بكلّ التّبجحات عن الهيمنة الذكورية، وأحقيّة الذّكر بالفوقيّة، والصدارة، والتحكّم بمقدرات الدّار وأهلها.
يعترف (الشجاع) أن أنثاه أشبه ماتكون بالسلطان، أوامرها لانقاش فيها، ولارجعة عنها، كما أنها – قد- تكون مجحفة، قاسية , شديدة التعقيد, ومع ذلك على الجميع الالتزام، والتقيدّ التام بفحواها, وتنفيذ مضامينها.
آخر الفرمانات الصادرة عن الأم الرؤوم, والزوج المصون جاء بعد استعارة عشرة لترات مازوت من عند الجيران ريثما تصل المئة لتر الموعودة.. وبنود الفرمان الظالم تقول:
ـ يوضع قفل مُحْكَم على البرميل الذي يحضن المازوتات.!
ـ تُوضع أسلاك شائكة حول البرميل.!
ـ يتناوب أهل المنزل على فترات لحراسة البرميل.!
ـ يتم تركيب كاميرات تصوير لمراقبة البرميل على مدار الساعة. !
ـ ممنوع استخدام المازوت للتدفئة حتى ولو ارتجفت الأبدان, واصطكّت الأسنان من قساوة البرد..!
ـ المازوت للاستحمام فقط، ومن يروم الماء الساخن عليه إحضار الأوراق الثبوتية التالية :
1ـ شهادة حسن سلوك من المختار.!
2ـ براءات ذمة من مؤسسات الكهرباء, والماء , والهاتف.. ومن دائرة المالية.! ومن دائرة المرور إن كان يملك سيارة .!
3ـ إخراج قيد وصورتان شمسيتان وثلاث صور قمرية وأربعة مريخية . !
4ـ البطاقة الذكية.. أو غير الذكية.!
5ـ شهادات وتقارير طبية من اختصاصات عديدة تثبت أنه خالٍ من الأمراض السارية والمعدية, ومن الآفات القلبية والكبدية والهضمية, والمعوية والتنفسيّة.. لم يدهمه ناسور, ولم تؤرّقه البواسير..
ليس في عيونه حَوَلٌ, وبصره حاد نسبته ( 20 من عشرة يعني يرعى الواحد اثنين..! ويُستثنى من تقارير السلامة البدنية من جرى القمل والصئبان في رأسه.!
أخيراً .. شهادة خبرة تؤكد أنه لايستَحِمّ إلاّ مرة واحدة في السنة.. و.. حَمّام الهنا .. و.. نعيماً..!

غزوان سعيد

المزيد...
آخر الأخبار