أنشودة الفؤاد أول فيلم ناطق في السينما العربية

قفزت السينما العربية خطوات إلى الأمام حين ظهر الفيلم الناطق في الفترة من 1932 إلى 1934، وأبرز فيلمين ظهرا في تلك الفترة ( أنشودة الفؤاد) و(أولاد ذوات) وقد تم تصويرهما في وقت واحد تقريباً , ولم تكن آلات تسجيل الصوت قد وصلت إلى القاهرة في ذلك الحين, ولذلك تم تصوير الفيلمين في استوديوهات باريس. كان فيلم ( أنشودة الفؤاد) هو أول فيلم ناطق يظهر على الشاشة المصرية, وقد قامت ببطولته مطربة مشهورة في ذلك الوقت هي ( نادرة) مع نجوم مسرح ذلك الزمان عبد الرحمن رشدي, وجورج أبيض وزوجته دولت أبيض, كما شارك في بطولة الفيلم الملحن المعروف ( زكريا أحمد) وقام بإخراج الفيلم مخرج إيطالي هو (ماريو قيلبي) وكان هذا الفيلم تجربة مهمة, أفادت الأفلام الغنائية التي ظهرت بعد ذلك , فعلى الرغم من الأغنيات التي لحنها ( زكريا أحمد , والكلمات التي نظمت بشكل جيد, وأداء المطربة ( نادرة ) التي كانت تملك صوتاً جميلاً بالنسبة إلى مستوى الغناء في ذلك الحين, إلا أنها كانت طويلة جداً, واستغرقت جزءاً كبيراً من الفيلم , على حساب القصة:
أما ( أولاد ذوات) الذي أخرجه محمد كريم) ، فهو مأخوذ عن مسرحية ليوسف وهبي الذي أنتجه وقام ببطولته, وشاركته البطولة نجمة فرنسية هي ( كوليت دارفي) واشترك معه في بطولة الفيلم نجوم فرقة رمسيس المسرحية وعلى رأسهم الفنانة الكبيرة ( أمينة رزق) .
وأبرز فيلم ظهر في هذه المرحلة هو فيلم ( الوردة البيضاء) الذي أخرجه محمد كريم وقام ببطولته المطرب محمد عبد الوهاب مع سميرة خلوصي وزكي رستم, وحقق هذا الفيلم نجاحاً هائلاً:
كما أنه أثار ضجة كبيرة بسبب التجديد الذي أدخله محمد عبد الوهاب على موسيقى الأغنية , فلاول مرة ظهرت أغنية عربية على أنغام ( الرومبا) وهي أغنية ( جفنه علم الغزل).
وفي هذا الفيلم نلاحظ أن المخرج قد أفاد كثيراً من تجديد الفيلم الغنائي الأول (أنشودة الفؤاد) وراعى أن تكون الأغنيات قصيرة، بل إنه راعى أيضاً ألا تظل الكاميرا طوال الأغنية موجهة إلى المطرب وكان طول الأغنيات هو أبرز عيوب الفيلم الناطق الأول ( أنشودة الفؤاد) وفي هذه الفترة برز اسم الفنان ( أحمد جلال) الذي كان صحفياً وقصصياً لامعاً, وكان يكتب قصصاً غير عادية أشهرها سلسلة (حديث خالتي أم ابراهيم) لم يدرس أحمد جلال السينما في الخارج، وإنما يرجع الفضل في نجاح جلال إلى موهبته الفذة وذكائه الحاد, ولكي ندرك مدى ذكائه ينبغي أن نعرف أنه قدم في هذه المرحلة المبكرة من تاريخ السينما فيلماً يعتمد على الحيل والخدع التصويرية هو ( عيون ساحرة) ثم قام بعد ذلك بتقديم أول فيلم تاريخي هو ( شجرة الدر) وشهدت هذه الفترة ظهور الأستوديوهات المصرية, وكانت بسيطة طبعاً في معداتها، متواضعة في حجمها وفي إمكانياتها وشكلها ساهمت في تصوير الأفلام داخل (البلاتوهات) بدلاً من الشوارع.
لقد كان لظهور الفيلم الناطق أثر كبير في زيادة إقبال المتفرجين على دور السينما, بل إنه كسب جمهوراً جديداً لم يكن قبل ذلك الحين قد وجد مايدفعه إلى الذهاب لرؤية أي فيلم, خصوصاً وأن الأفلام الأجنبية الناطقة كانت تظهر ترجمة حوارها بالعربية أسفل الشاشة وغير مفهومة, ومن الطبيعي ان المتفرج غير المتعلم لم يكن يستطيع أن يستمتع بالفيلم لأنه لايستطيع متابعة الحوار وحوادث القصة , فلما أصبح الفيلم ناطقاً بالعربية شد إليه ألوفاً من المتفرجين الجدد, وانتشرت السينما في جميع أنحاء العالم, ووصلت إلى ماوصلت إليه الآن..
سليم الشامي

المزيد...
آخر الأخبار