هيروشيما … حبيبتي صرخة .. ضد الحرب النووية الحديثة

في أواخر الخمسينات من القرن الماضي ظهرت في فرنسا سينما الموجة الجديدة ، حينما دخل الميدان السينمائي حشد كبير من الشباب دفعة واحدة جاؤوا من أماكن مختلفة ..
من السينما .. والمسرح ، ومن التمثيل والرواية ، ومن النقد والتلفزيون أيضاً ، فبعد النجاح الضخم الذي صادفه فيلم المخرج الشاب (روجيه فاديم) هو ( وخلق الله المرأة) عام 1956، وهو الذي قدم النجمة العالمية ( بريجت باردو) للعالم ، وكانت قد ظهرت في فيلم ( هيلين طروادة ) بدور ثانوي ، فقد كانت وصيفة بطلة الفيلم الممثلة الإيطالية (روزانا بوديستا) وهو إنتاج إيطالي –فرنسي- أميركي مشترك .
هذا الفيلم أتاح للمنتجين الفرنسيين الفرصة في الفترة من 1958 حتى 1962 لعدد يزيد على المائة من أولئك الكتاب والمخرجين لإخراج أفلام طويلة لأول مرة ، وقد نبغ منهم عدد كبير من المخرجين الجدد مثل ( كلود شايرول ، فرانسوا تروخو ، جاك لوك جودار ، لويس مال ، أنيس فاردا ، وآلان رينيه ) وهذا الأخير يعد أهمهم ، فقد نال أول فيلم يخرجه عام 1959 وهو هيروشيما حبيبتي نجاحاً فنياً هائلاً داخل فرنسا وخارجها ، واعتبره النقاد أروع أفلام تيار الموجة الجديدة في السينما .
لقد ظل آلان رينيه خلال أكثر من عشر سنوات يعبر عن نفسه بأفلام تسجيلية قصيرة فقط ، وظن النقاد أنه تخصص في أفلام الفن ، حينما نجح فيلمه فان جوخ عام 1949 ثم أتبعه بفيلم جوجان عام 1950 وآخر عن لوحة بيكاسو الشهيرة (جيرينكا ) غير أن المخرج كان شديد الرغبة في معالجة مشكلات عصره الجادة ، فأخرج فيلماً هاجم فيه الاستعمار بعنف وهو فيلم التماثيل تموت أيضاً عام 1953 ثم فيلم (الليل والضباب عام 1956 ) عن معسكرات الاعتقال النازية ، وحينما دخل ميدان الأفلام الروائية الطويلة ، عالج أكثر المشكلات المعاصرة حدة ، فقدم هيروشيما حبيبتي عام 1959.
يبدأ الفيلم .. بممثلة فرنسية جاءت إلى اليابان لتصوير فيلم عن القنبلة الذرية ، فتنشأ بينها وبين مهندس ياباني علاقة غرامية تثير في ذاكرتها جانباً من حياتها خلال الحرب العالمية الثانية في بلدتها الفرنسية أثناء الاحتلال النازي ،وعلاقتها بجندي ألماني شاب في الجزء الأول من الفيلم يقدم لنا المخرج عن طريق فن المونتاج مأساة هيروشيما من خلال أجزاء من الجرائد السينمائية والأفلام التسجيلية وعروض الأفلام الروائية اليابانية – وقد أعيدت صياغتها معاً .
ببراعة وقوة ، ولكن هناك صوت إنساني لا يفتأ يكرر : ( لا … لم تر شيئاً عن هيروشيما ) .
ومع الأحداث التي تدور بين الممثلة الفرنسية والمهندس الياباني في حبهما الخاطف الكبير ، خلال أربع وعشرين ساعة )
في بيوت المدينة وشوارعها ومطاعمها وعلب الليل فيها ، وبلحظة تختلط ذكريات الحرب في فرنسا والعقاب الشديد الذي لحق بالمرأة ).
وكانت في تلك الحين شابة صغيرة السن ، لأنها أحبت عسكرياً ألمانياً شاباً فقتلوه بعد ذلك أمام عينيها ، وتقتحم المشاهد صرخة إنسانية واحدة بالمذبحة الجماعية في قلب الفيلم لتهز أعماق أي متفرج ، كيف يمكن عمل ذلك لمخلوق إنساني … وللملايين من البشر ..
قام ببطولة الفيلم الممثلة الفرنسية (إيمانويلا ريفا) عام 1927-2017م إلى جانب الممثل الياباني (إيجيس أوكاد) والفرنسي ( اشارلز دينر) وقد صرحت الممثلة بعد مشاهدتها الفيلم (علينا أن نتعلم كيف ننظر وكيف نتذكر ويؤكد حبيبها الياباني أنها رأت المأساة التي مازالت حتى اليوم رمز الوحشية الأمريكية المستمرة في التناسخ جيلاً بعد جيل.
والمعروف أن الرواية كتبتها الكاتبة الفرنسية الشهيرة (مارجريت دوراس وقامت ببطولتها الممثلة الفرنسية ايمانويلا ريفا التي لم تكن قد نالت شهرتها قبل ذلك الوقت ، ولكنها استمرت في التمثيل حتى عام 2012 حيث قدمت فيلم (الحب) وهي في الخامسة والثمانين من عمرها ونالت عليه جائزة أفضل ممثلة .
ورحلت بعد أن تجاوزت التسعين من عمرها ، وهي أكبر ممثلة فرنسية من الموجة الجديدة التي ظهرت في تلك الفترة قبل ستين عاماً ونذكر منها أني جيراردو، أنوك إيميه ، ميلين ديمنجو ، ومن النجوم آلان ديلون ، جان بول بولموند ـ لينوفانتورا ، روبرت حسين، موريس رونيه وغيرهم .
سليم الشامي

المزيد...
آخر الأخبار