عادت (الشتوية) إلى أيام زمانها، وعاد معها البرد القارس، وعاد الناس طوعياً إلى صوبيات أيام زمان، (صوبيات الحطب)، حتى حكايا الناس والجدات قرب النار عادت إلى مجدها، بعدما نامت الجهات المعنية على موضوع توفير مواد الطاقة من غاز ومازوت، وباتت التدفئة في ثلاجة الدراسات وإيجاد الحلول الغائبة. كمية البرد والمنخفضات الجوية النادرة والتي من المحتمل أن تتكرر, وكأن المسؤولين يقولون في أنفسهم: مادام الشتاء قد انتصف والناس بلعوها من (تم ساكت) فلماذا لانكمل هكذا حتى آب اللهاب؟!
الأشجار تُقطع وتذهب إلى مواقد التدفئة, وما توفره الجهات المعنية في المازوت والغاز, قد تدفع ثمنه الثروة الحراجية التي أصبحت غنيمة سهلة أمام الفؤوس التي تعلم تماماً من أين تؤكل الشجرة في أزمات كهذه. فكما تسببت أزمات الأعوام الماضية في ولادة أثرياء جدد جراء الإتجار بالحطب، فإن ترك الأمور على هذا النحو من شأنه استنساخ سماسرة وحطابين من نوع مختلف هذه المرة, لنكون أشبه بمن يدفع الثمن مرتين. فالغابات التي كلفت الدولة (خيرات الله) قد تنتهي في صوبيات الحطب التي عادت من جديد تغزو البيوت, كرمى لعيون الطاقة وإشكالية توفير مصادر التدفئة, والشاطر يحزر مَنْ له الأولوية . الدجاجة أم البيضة.. أم الاثنتين؟! غاباتنا الحراجية بخطر, يؤكد ذلك زحف الصحراء وتقلص المساحات الخضراء.. وزيادة إقبال الناس على شراء صوبيات أيام زمان.. فإذا لم نستيقظ من النوم العميق, فعلى العرق الأخضر السلام.. ياسادة ياكرام.. ألم يقل أجدادنا الكرام:
(الدفا عفا والبرد قاتول)؟!
توفيق زعزوع