تعالت الصرخات حتى سمعها القاصي والداني ، فلماذا لم يسمعها أهل القرار ؟ حيث أصبح أطلاق النار العشوائي شبحاً يخيم فوق رؤوس الكل ولاراد منه أو له ، وانطلقت حملات كثيرة تدحض التعامل المنفلت مع السلاح ، لكن وللأسف أتت النتائج متواضعة جداً ولا أثر يذكر لها ، ألا يكفي كل الضحايا التي لفظت أنفاسها الأخيرة جراء الرصاص الطائش ؟ ألا يكفي ما لحق بأهل البلد من رعب و حزن حتى نزيده قهراً و ألماً ؟ فللسلاح استعماله الخاص ، وله طرق معينة ، وأماكن لاستعماله ، والأهم يحتاج لدقة وحيطة وحذر عند حيازته ، فكم من طفل كان ضحية العشوائية في إطلاق الرصاص ؟ و ذهبت ضحايا بريئة في كل المدن والمناطق جراء تناثر الرصاص المجنون في كل لحظة وفي أي وقت ، فبات التعبير عن الحزن يرافقه إطلاق الرصاص ، والتعبير عن الفرح كذلك ، وفي الحفلات أيضاً ، وفي المزارع ، وعلى الطرق العامة ، حتى بات عادة كريهة متعارف عليها ولا تتم أيامنا إلا بها ، و أذكر قولاً قديماً سمعته من أحد المقربين عندما تكلمنا عن السلاح ، فقال حينها : السلاح يحتاج لعقل متزن لحيازته … و بالفعل لا يفصل بين الإشكالية من عدمها إلا ضغطة صغيرة على الزناد و بعدها تهل المصائب و يعمى البصر والقدر ، وبالطبع هذه إشكالية خطرة ولا بد من الحد منها ، وتحتاج لتكاتف و تعاون كل الأطراف لتحقيق نتائج هامة وضرورية للمجتمع ، فمن جهة يجب حصر السلاح بمستحقي حامليه وللضرورة القصوى ، ووضع ضوابط لذلك ، ومن جهة أخرى يجب على المجتمعات المحلية والأهلية إرساء قواعد الاحترام لقرارات الجهات العامة ، وبث روح المسؤولية بين أفرادها ، ولا ننسى أن إطلاق الرصاص بالإضافة لما ذكرنا ، يعد تعدياً على الحريات العامة ، التي من واجبنا جميعاً احترامها والحفاظ عليها ، فنخن أصحاب حضارة ، ولا يمكن للحضارة أن تكون بما نحن عليه الآن .
شريف اليازجي