تتجدد معاناة الطلاب في نهاية كل عام دراسي من عدم قدرة المدرسين على استكمال الدروس والمعلومات الواردة في المنهاج وخاصة بالنسبة لطلاب الشهادتين الأساسية والثانوية ، ما يجعل الطالب يلجأ إلى مصادر أخرى لمساعدته على تجاوز الامتحان بأكبر نصيب ممكن من الدرجات ، ورغم المساعي التي تقوم بها مديرية التربية والمجمع الإداري في مدينة سلمية من توجيه المدرسين في جميع المراحل الدراسية إلى عدم التراخي في العمل ومطالبتهم بتنفيذ خطة العمل والالتزام بالمنهاج، إلا أن أغلب المدرسين كي يلحقوا بالمنهاج يشرحون الدروس على استعجال من دون إعطائها حقها وكفايتها من الشرح والإحاطة بكامل المعلومات والتفاصيل .
حفظ بدون فهم
والرياضيات تعد مادة دسمة جداً ، وتحتوي الكثير من المعلومات ، والوقت المتاح لتدريسها لا يكفي بسبب كثافة المنهاج ، وحل التمارين وشرحها ، ما يجعل المدرس مضطراً لإعطاء قدر كبير منها في وقت قصير وهذا يؤدي إلى عدم فهم الطلاب الفهم الكافي واللازم ، فالدروس تشرح من دون فهم ، ما يجعل الطالب يعتمد أسلوب حفظ البصم فقط .
العدد الكبير
قد يكون المنهاج أحد الأسباب ولكنه ليس الوحيد ، إذ ثمة عوامل كثيرة أدت إلى تردي مستوى التعليم في مدارسنا وتراجعه ، فعدد الطلاب في الغرفة الصفية الواحدة يصل أحياناً إلى / 30 ــ 32 / طالباً ، ما يجعل المدرس يعاني من صعوبة في تتبع جميع الطلاب ، لعدم وجود الوقت الكافي لهذا العدد الكبير .
اختصار الحلول أوقع الطالب في فخ الدروس الخاصة
كما أن المدرسين اليوم وخاصة الاختصاصيين بالمواد العلمية أصبحوا يكتفون بحل سؤال أو ثلاثة من بين عشرات الأسئلة ضمن الدرس الواحد ، تاركين الطالب يتخبط في إيجاد الحلول بنفسه بحجة عدم وجود الوقت ، وهنا تكمن المشكلة ، فالطالب الذي سيواجه صعوبة في الحل سوف يطلب مساعدة مدرس خصوصي ، حيث يوكل إليه مهمة حل المسائل التي لم يتمكن المدرس في المدرسة من حلها داخل المدرسة لطلابه ، وقد يلجأ الطالب إلى الذهاب إلى مدرّسه نفسه في منزله لاستكمال تلك المعلومات والمسائل والحلول .
إضاعة الوقت سبب آخر
وبعض المدرسين أثناء العام الدراسي تجدهم يضيّعون وقت الحصة الدرسية في المزاح مع الطلاب وسرد القصص والبطولات والذكريات الخاصة بهم ، ويمضي الوقت وتذهب الحصة المخصصة للدرس سدى ، وذلك بسبب ضياع الوقت أو تغيب المدرس أو الاحتفالات والأعطال والمناسبات المختلفة ، وهنا من المؤكد أن يتعذر الإلمام بكل الدروس ، وهذا ليس ذنب الطالب ، فالمناهج صعبة منذ فترة ، ولكن المدرسين قديماً كانوا حريصين على وقت الطالب ويستغلون كل دقيقة للشرح والحلول ، وتلقي أسئلة واستفسارات الطلاب ، فلم يلجأ المدرسون حينها إلى الإعلان عن الدروس الخصوصية كما يقوم به بعضهم حالياً ، حيث لا يجدونها عيباً بل العكس أصبحوا يعلنون أمام طلابهم عن استعدادهم لاستقبال طلابهم الراغبين في الدروس الخصوصية لشرح ما فاتهم في المدرسة ويزودونهم بالأرقام والعنوان والمواعيد .
استنزاف ومتاجرة بالعقول وتدمير للطالب
أحمد ، س ، مدرس متقاعد يقول : بعض المعلمين يتقمصون شخصيتين متناقضتين ، الأولى: تتمثل بإنسان جاد ودؤوب وحريص على إيصال المعلومة للطالب بكل إمكاناته، وهو النوع النادر الذي أصبح مهدداً بالانقراض ، والصورة الثانية: تتمثل بشخص لا مبالٍ ، مهمل متكاسل ، يعطي المعلومة بأي طريقة غير آبهٍ في ما إذا فهمها الطلاب أم لا ، هذا إن دل على شيء إنما يدل على أن مهنة التعليم للأسف أصبحت لا تمت إلى المهنية بصلة، بل تحولت إلى متاجرة بالعقول عن طريق الترويج للدروس الخصوصية التي أصبحت بفعل ذلك واقعاً مفروضاً يستنزف القدرات المادية للأهل ويجعل الطالب اتكالياً وغير جدي مع الحصة الدرسية داخل المدرسة ، وينتظر الحلول جاهزة وتوقعات الأسئلة الامتحانية من قبل مدرسه الخاص .
شر لا بد منه
ابتسام ،م، موجهة تربوية في إحدى المدارس الثانوية للبنات قالت : بعض المدرسين يكتفون بشرح بسيط وسطحي وعام ، وبعضهم يكتفون بفقرات محددة ، ويركزون شرحهم على النقاط الهامة فقط ويترك للطالب العبء الأكبر في الفهم ، على أمل أن يستعين بوالديه أو مدرسين خصوصيين ، ولكن وفي ظل صعوبة المناهج وكثافتها ، وعجز كثير من الآباء عن فهمها وشرحها للأبناء يبقى أمامهم حلاً واحداً وهو الدروس الخصوصية .
شيزوفرينيا
إحدى أولياء الأمور تتساءل لماذا تجد المعلمة نفسها في منزلها مع طلابها الخاصين في غاية النشاط والحماسة ، لا تترك صغيرة أو كبيرة حتى تتأكد من إيصالها إلى دماغ الطالب ، وبنفس الوقت تجدها في الصف منهكة ومتعبة دائمة الصراخ تفتعل العقوبات والأسباب لتضيّع وقت الحصة .
طلاب يشرحون الدرس من دون المعلم
إحداهن أيضاً اشتكت على لسان ابنتها من اتباع بعض المدرسين والمدرسات موضة قديمة حديثة وهي اعتماد شرح الدروس على الطلاب داخل الصف، حيث يطلب المدرس من أحد الطلاب شرح درس معين لزملائه بينما يجلس للاستماع إلى الشرح مثله مثل بقية الطلاب ، علماً أن الدرس بما يحتويه من معلومات جديدة ومعقدة ودخول مصطلحات غريبة قد تحتاج لاختصاصي ولخبرة ودراية كبيرة ، كما تحتاج إلى شرح وافٍ واطلاع وثقافة واسعة يعجز الطالب المكلف بهذه المهمة عن الإلمام إلماماً واسعاً بها ، ومن ثم يصبح الشرح مجرد تلقين معلومات من دون الدخول في عمق المعلومات والإحاطة بها من كل جانب ، وتضيف : قد تكون هذه الطريقة هامة لإظهار التفاعل بين الطالب ومعلمته وبينه وبين زملائه ولكن شريطة أن تعود المعلمة إلى الشرح واستكمال المعلومات الناقصة التي لم يقدر الطالب أن يوضحها ، ولكن ما يحدث أن المدرس أو المدرسة يكتفيان بشرح ذلك الطالب كي يريحا نفسيهما من عبء الشرح .
الطالب الفقير خارج دائرة الاهتمام
وبسبب استياء الأهالي من الدروس الخصوصية وحقدهم تجاه الأسباب التي أدت إلى تفشي هذه الظاهرة الخطيرة فإنهم يلقون اللوم بكامله على المدرسين وعدّوا أن الجشع وراء ما يقوم به هؤلاء المدرسون على حساب الطالب الفقير الذي لا يقدر أهله على دفع أجرة الدرس الخاص ، وبعض المدرسين يتعاملون مع درجات الطلاب على مبدأ الخيار والفقوس ، فالطالب الذي يتلقى دروساً خصوصية لديهم له الحصة الأكبر من الاهتمام ويعد مميزاً في التعامل مع درجاته ، كما أن له الحظ الأوفر في معرفة الأسئلة التي سترد في الامتحان من خلال التنويه أو التلميح إليها خلال الدرس الخاص ، بينما يبقى الطلاب الآخرون غائبين ومغيبين عن ذلك ، ويضطرون إلى حفظ كل الأسئلة وفي النهاية درجاتهم تكون أدنى .
الأنشطة الصفية والمشاريع أضاعت وقت الحصة
هوازن .ع، مدرسة لغة عربية تقول : المنهاج ضخم ولا يمكن أن تلوم الطالب على تقصيره ، ولكن أيضاً يجب ألا نلام نحن المعلمين ، فالحصة الدرسية قصيرة ولا يمكننا إتمام كامل المنهاج ، لذلك فإن الطالب أصبح بحاجة إلى دعم ومساعدة ونحن لا نرغم أحداً على الدروس الخصوصية ، كما أن بعض المواد لديها أنشطة صفية أصبحت مطلوبة ومفروضة على المعلم والتلميذ معاً وكذلك المشاريع العملية التي تأخذ الكثير من وقت الحصة وعلى حساب الدروس النظرية الأخرى .
ضعف وفساد
وبين الآراء التي تقول: إن سبب تدني مستوى التعليم ومستوى التحصيل العلمي للطلاب يعود إلى ضعف وفساد إدارات بعض المدارس وعدم كفاءة المشرفين التربويين وضعف الرقابة وانعدام الضمير لدى كثير من المعلمين العاملين في هذا المجال ، يظهر رأي آخر يقول: إن السبب هو انعدام وجود الحافز المادي الذي يدفع المعلم للعمل بشكل جدي وذلك نتيجة عدم وجود فرق في الرواتب بين المعلم الجامعي والأكاديمي وخريج المعهد المتوسط ، الأمر الذي يدفع المعلم مثله مثل أي مواطن يعاني من الدخل المحدود وصعوبة المعيشة للبحث عن مصادر ووسائل أخرى لتحسين وضعه المادي ، عن طريق الدروس الخصوصية .
التربية : مدرسونا ملتزمون بالدوام وكل طالب مستهتر يفصل
مدير التربية يحيى المنجد بيّن أن دوام الطلاب مستمر بالمدارس حتى نهاية شهر نيسان ، وتقوم التربية بجولات يومية إلى المدارس للتأكد من جدية العملية التعليمية ، ويقوم المدرسون بواجبهم في التعليم من دون انقطاع ما دام الطلاب ملتزمين بالدوام ، ولكن ما يحدث أن عدداً من الطلاب ينقطعون عن الدوام في وقت أبكر وهذه مسؤولية الطالب والأهل معاً ، وهذا ما لاحظناه من وجود بعض الأهالي غير المتعاونين مع إدارة المدارس وفي حال تغيب الطالب عن الدوام المدرسي لمدة /16/ يوماً بدون مبرر يتم فصله مباشرة .
سلاف علي زهرة