لم تُبالغ يوماً في طلتّها الخارجية !

كانتْ تكرهُ مساحيقَ التجميلِ ،تلعنُ الحالَ التي آل الجميع إليها وتحثُّنّي دوماً على تركِ تلكَ الأدواتْ!!
أسيل! بالله عليكِ منّ يستحقُ أنّ تمسّكِ النارُ لأجلهِ !قولي لي !
ومنّ يستحقكِ سيراكِ في بيتهِ تتجملين كما يحلو لكِ ولهُ.
أصمت حينما تتكلمْ ،وبعد صمتٍ يدومُ لدقيقتين أقول: إنّي أتجملُ لنفسي. تَضحكُ كثيراً وتقولُ أنّي أبررُ ليس إلا وأنّي كاذبةٌ ،كاذبةٌ على نفسي أولاً وجداً ومنّ ثمّ تُكمل: أسيل! المنزلُ والحفلاتُ والأعراسُ هيَ أهلٌ لمساحيقِ التجميلِ، وليست الطُرقاتُ والمارة !.
أحيانّا تُغريني كلماتّها فأمسحُ ما وضعتُ وأخرجُ مُترددة، لمْ أكنْ لأملكَ جُرأتها ،كانتْ تخرجُ بملامِحها الحقيقيّة، ببراءتها الأولى، مرفوعةَ الرأس ، تؤمنُ بأنَّ منّ أحبّها أحبّها دونَ أدواتِ تجميلٍ ، دونَ ألوان تسقطُ مع أولِ حبةِ مطرٍ لتُحولَ الجمالَ المُصطنعَ إلى تعاسةٍ ، كانتْ تهوى المطرَ ، تفعلُ ما يحلوّ لها تحتَ حبّاتهِ ، تمشيّ بحريةٍ فليس لديها قناعٌ تخشى فقدَهُ كما تقول ، تُمجدُ والدتي أفعالها وتفتَخِر ،تضرِبُ بقمر الأمثلةِ وتدفعني لأنّ ألتحقَ بموكبِ إيمانها، كم من السهراتِ أعلنتُ انسحابي منها مُتأففةَ من حديثها ، الذهولُ دوماً من نصيبِ والدتي تُحبُ أحاديثَ قمر، تسمعُها كنشرةِ يوميةٍ بمتعةٍ تامةٍ !!
في أحدِ الليالي المثلِجةِ حناناً ،كانتْ قد خيمتْ روح المحبة على بيتنا ،أخبرتها بأن صديقتي قد انفصلتْ عن زوجِها وليتني لم أفعل!!!
«أمرٌ طبيعي « هكذا كانتْ ردةُ فِعلها أمام الخبر!!
لُمتُ نظرتَها الأنانيّة ،اتهمتُها بأنّها لا تشعر بأحدٍ، دونَ النظر إلى وجهي حتى ..نطقتْ:بالله عليكِ أسيل أيُّ ردة فعلٍ تريدينني أن أبدي!
ما نهاية بدايةٍ هاويةٍ ؟؟
صديقتكِ تلك تستيقظُ منذ السابعة ولا أظن أن السابعةَ تكفيها عل الفجرَ موعدُ استيقاظها تضعُ الخلطةَ السحريةَ والبُهرجَ والألوانَ والكُحلَ والكثيرَ مما لا يُعدُّ ولا يُحصى من أدواتِ التجميلِ لتخرجَ بدرَ زمانِها كما سمعتها تتكلم قالتْ بأنّها تملُّ أحياناً من كلماتِ الشباب الطائشةِ ،ومن لطفِ البائع ، وفريق الكادرَ الطبي حتى ،إمرأة في عامِها الثلاثين تجدحرجاً عليها أن تتفاخر بذلك!!
نسيتْ زوجها دون لُقمةٍ تسدُ رمقَ قلبهِ ، ومنزلها يعجُّ بالفوضى كعقلِ زوجها ،يكفيها أنّها رتبتْ سُحنتَها كما تعتقد !!!
يُصبحُ منزلها خارطةَ وطنٍ صغيرٍ تتلاشى معالمهُ بفعلِ قذائف الإهمال !
صرختُ في وجهها: كفاكِ جنوناً وما شأنُ تلك الموادِ في انفصالها، الكحلُ قد أفسد حياتها ! كفاكِ ! بالله عليكِ !؟،
أجابتنّي: نعم الكحلُ من فعل.أذهلتني يومَها ،أبدتْ رأيَها بطريقةٍ لا تخطرُ على بالِ بشرٍ: «أسيل أصبَحتْ المرأة تخرجُ من بيتِها مُتزينة بكاملِ غنج ودلال، فاتنة مُغرية، وتعودُ مُتعبة مُنهكة لتخلعَ قِناعَها، فالأقنعة مهما حاولنا ارتداءها سنستسلم ونُزيلها ، عٍبءٌ ثقيلٌ هيَ ، فيراها متعوسَ الحظِ بِسُحنتها الحقيقيةِ وبقايا آثار أقلامِ الكُحلِ ببشرةٍ مُخضوضةٍ فيكرهُها ، ويلعنَ الساعةَ التي أتى فيها ، هذا إن وجدها في المنزل، ليست هذه نهايةُ القصةِ!!
زوجهاَ قد رأى أُخرياتٍ متزيناتٍ كما كانتْ هيَ خارجاً ، قد رأى ابنة الجيران ، وزميلتهُ البهيّة، وزوجة صاحبِ البلدية ، سيُقارن.. هوَ بشر والنفسُ تُميزُ الأجملَ !!

عادَ إلى بيته ليجدها والبقايا قد كستْ وجهها، والبقايا مُزعجة كما تعلمين ، مُزعجةَ للعينِ ، فكيف إن ارتدتها امرأة !.
كنتُ أظن بأنّ قمر لا تملكُ قلباً حتى، أحسدُ صلابتها أمام مُغرياتِ الحياةِ ، أحدثُ نفسي أحياناً أن لهاأدواتُ تجميلٍ ربانيةٍ، فحديثها جذابٌ مُنمقٌ جداً ،يسكنه الجنون ، مَصبوغاً بالحياءِ ،أصبحتْ شمساً في زمنِ المُتشابهاتْ .
تساءلتُ: كيف لشمسٍ وقمرٍ أن يجتمعا !.
زينة مُحمّد الرّفاعي

المزيد...
آخر الأخبار