الكوميديا في السـينما العالميـة . . البدايات الأولى

متى ظهر أول فيلم كوميدي وماذا كان موضوعه ؟
سؤال يطرح نفسه عند الحديث عن تاريخ الأفلام الكوميدية في السينما العالمية .
ولا أحد يعرف الإجابة عن مثل هذا السؤال بصورة مؤكدة وربما أول فيلم كوميدي هو ( عطسة فريد أوت) التي صورها وليم ديكسون ، لحساب شركة توماس أديسون السينمائية عام 1895 وكان فريد أوت هذا ميكانيكياً في استوديو التصوير ، وكان بالصدفة وليم ديكسون يصوره عندما عطس ، فصورت هذه العطسة على فيلم خام ، وعند عرض الصورة أثارت ضحك من شاهدها ، ولعل هذه اللقطة أعطت ، فريد أوت لقب أول ممثل كوميدي سينمائي في العالم ، لكن هذا الرأي ليس قاطعاً في تاريخ السينما ، أو في تاريخ العالم ، لكن هذا الرأي ليس قاطعاً في تاريخ السينما ، او في تاريخ الصور المتحركة ، حيث يعتبر المؤرخون الفرنسيون أن أول فيلم كوميدي هو (الذي يرش الماء) من إنتاج (لويس لومبير) مخترع السينما الفرنسية ، ويصور هذا الفيلم الجنايني وهو يرش الحشائش بماء يندفع من خرطوم ، ويأتي طفل خلف ظهره حتى يصل إلى الخرطوم فيتوقف تدفق الماء، ويقرب الجنايني طرف الخرطوم من وجهه ويفحصه ليرى سبب ما حدث،فينطلق الماء في وجه الجنايني ، ويتكرر هذا المشهد عدة مرات مثيراً ضحك المشاهدين .
لقد كان العثور على موضوعات مثيرة للضحك في الأفلام الكوميدية يحتاج إلى عناية أكبر وبحث أدق، لقد كانت الأفلام الكوميدية تعتمد في إضحاك الناس على الرجل السيء الحظ..
لكن ما إن اعتاد الناس على مشاهدتها في الأفلام القصيرة حتى أصبح من الضروري أن تكون الأفلام أطول، والقصة ذات عقدة ، ولم يعد كافياً أن يظهر في الفيلم رجل سيء الحظ – يجري ثم يسقط في بركة ماء لأن المتفرجين كانوا قد بدؤوا يتساءلون حسناً ، ولكن ماذا حدث له بعد أن خرج من البركة .
ومن هنا بدأ البحث عن قصص مضحكة ذات عقدة ، ومن أشهر الأفلام الكوميدية التي ظهرت من هذا النوع عام 1896 فيلم بعنوان ( مغازلات الجندي ) وقصة الفيلم أن جندياً وممرضة يجلسان على مقعد في حديقة عامة يتبادلان الغزل ، وتصل سيدة عجوز وتجلس على المقعد بجانبهما ، ثم تبدأ تزاحم الجندي وحبيبته وعندما يجد العاشقان أنه لم يعد لهما مكان يجلسان عليه ينهضان فجأة ، فيختل توازن المقعد ، وتسقط السيدة العجوز على الأرض ، وقد جرى تصوير هذا المشهد السينمائي له مرت واحدة ( تشبه الكاميرا الخفية هذه الأيام ، حيث وضعت الكاميرا أمام الممثلين وهم يؤدون دورهم – وكأنها تصور مسرحية تجري أمامها على خشبة المسرح : ( وما جاء عام 1903 حتى كانت الأفلام الكوميدية تحتل مكانة هامة في برامج دور السينما الصغيرة ، ومن نماذج تلك الأفلام التي كان يقدمها رجال السينما للجمهور فيلم (راكب الدراجة القصير النظر) وفي هذا الفيلم نرى رجلاً سيء الحظ غير قادر أن يرى أبعد من أنفه وهو يركب دراجة ، ويصطدم بكل السكان وكل شيء بسبب قصر نظره حتى ينتهي به السقوط في بركة القرية ، وتطورت الأفلام الكوميدية حتى بلغت حداً جنونياً يمكن تسميته أسلوب الركض والمطاردة، فمثلاً نرى في أحد الأفلام رجلاً وهو يركض بسرعة شديدة وهو لا يرتدي إلا ملابس نومه ، ويهبط باندفاع من فوق أحد التلال وفي طريقه براميل وعربات ، ومناظر وهو يتجنب كل هذه الأخطار بينما يكتم المشاهدون أنفاسهم كلما رأوه يقترب من هذه العقبة أو تلك ويتوقعون أن يصطدم بها ، ولا يزال هذا النوع من الأفلام الركض والمطاردة موجوداً حتى اليوم مع التنوع في الموضوعات والأحداث .
وهكذا كان مصدر الضحك في الأفلام الكوميدية الأولى هو سوء حظ الآخرين الذي يبدو كامناً في نفوس البشر منذ طفولتهم ، ومن جهة أخرى فإن ضرورات تطوير أفلام الركض والمطاردة الكوميدية اقتضت استخدام الثنائي ، وكان الضحك يزداد ارتفاعاً بازدياد سرعة المطاردة..
وبينما كان هذا النوع من الأفلام يجري انتاجه في أميركا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا والسويد والنرويج والدانمارك وهولندا كانت فرنسا مشغولة بأفلام أكثر جدية ، يشترك فيها عدد من نخبة المهرجين الفرنسيين ، ولكن من بين جميع ممثلي الكوميديات في السينما منذ سنواتها الأولى وحتى اليوم .. لم يظهر ممثل بمثل مقدرة وشهرة ( شارلي شابلن) الذي جسد شخصية الرجل الصغير ذي الشعر المجعد ، والسراويل المتهدلة ، والقبعة المستديرة ، والشارب الصغير والحذاء البالي … هذه الشخصية احتلت مكانتها في تراث الشخصيات الأدبية والفنية والتاريخية جنباً إلى جنب مع شخصيات برومثيدت ودون جوان ودون كيشوت إنه المهرج الأعظم شارلي شابلن .
سليم الشامي

المزيد...
آخر الأخبار