عرف حاليا في هذه الفترة من السنة ، سبب واحد لاندفاع غربان الليل إلينا ، و تمزيق الآفاق لتطويقنا ، عند التحامنا مع الطبيعة في البرية الجميلة المنتشرة في كل بقاع بلدنا الغالي ، فمن بداية آذار و حتى نهاية نيسان ، تسافر كل ألوان الأرض إلينا و منا ، و تجد خطوط الحياة كلها في بقعة صغيرة جدا تحاكي التاريخ و الحاضر ، مندفعة لمستقبل لا يأفل الخير فيه ، بل تنطلق حياة من حياة ، و تنبعث الروح في كهوف اشتاقت للضياء فيها ، هذا موسم العطاء في بريتنا ، و هذا موسم حشائش الأرض صاحبة الطعم اللذيذ و الفوائد الصحية ، و التي لا تكون إلا بعد و مع موسم أمطار تفجر خيرات من تحت تراب خير ، فإلى رحلة مع مفردات جادت بالحب الأكرم .
أكثر من فرصة
نحتال على الوقت هذه الأيام ، لنختار بعناية اليوم المناسب للخروج إلى البرية ، حيث نقضي يوما مريحا ، و نبحث عن الدردار و الخبيزة و البابونج و الحميضة و قرص العنة و البلغصون و اللوف و الصب زيت ، و غيرها و حسب البقعة الجغرافية يوجد السلبين و الكمأة ، كلها خيرات مجانية من الأرض ، تلعب دورا هاما في التغذية . حيث تقول أم أسامة و هي فرد فعال بمجموعتنا : صحيح أن طعم أعشاب البرية لذيذ ، و لكن أفضل الأكلات أثناء المشوار نفسه ، حيث يتم انتقاء الأعشاب و تنقيتها و غسلها جيداً، و تنحصر المكونات بزيت الزيتون النقي و الثوم و الليمون و الملح ، و ما أجمل الطهي عندما يكون على نار الحطب .
عمل
يقول محمود أبو المجد، حيث التقيناه في أحد المشاوير مع مجموعة من الأشخاص يقطفون كل الأنواع الموجودة في الأرض : خيرات الأرض هذه تشكل مورد رزق فعال لكثير من العائلات ، خاصة بأنها بركة من السماء و الأرض ، و لا تكلف إلا قطافها و فرزها و تسويقها ، و هنالك أعشاب طبية غير الغذائية منها ، كحبوب القبار مثلا ، الذي يطلب لدخوله بنوع من الأطعمة من جهة ، و أيضا لأنه جزء من بعض الأدوية الفعالة ، لذلك تجد انتشاراً لورشات كاملة أحيانا للحصول على أكبر كمية ممكنة ، و بالتأكيد السبب الأساسي هو وجود هذه الأنواع في الطبيعة لفترة محدودة و قصيرة .
للأسف
يشير عادل زعرور ، و هو مهتم بالأعشاب و منتجات الأرض الطبيعية ، إلى ضرورة الحذر أثناء التعامل العام مع تلك المنتوجات ، و يقول : أكثر من حالة تسمم سمعنا بها من خلال تناول بعض أنواع من الفطر السام ، و اختلاط نوع من الأعشاب لتشابهها و لحاجتها لخبرة واسعة ، و بالتأكيد هذا الموسم كان قاس على بعضهم بعد وفاة أشخاص كانوا يبحثون عن الكمأة ، أي إن الخروج للطبيعة شيء جميل جدا ، و يحتاج للحذر جدا .
المحرر
نتجول في السوق فنجد أن خضراوات الطبيعة تباع و بأسعار جيدة ، و ذلك لفائدتها الأكيدة ، و قلة ضررها على الجسم ، و لسبب آخر : بعد بعض مراكز المدن عن المساحات الطبيعية ، و قلة الوقت و الخبرة للتعامل المباشر مع الخضراوات المذكورة و غيرها ، لذلك هي مطلوبة ، و بعضهم لا تخلو مائدتهم يوما من أحد أنواعها ، و بعض الأنواع قليلة الوجود و لا يعرفها الجميع ، و أعرف من يطلب نوعا معينا و يوصي عليه ، و هنالك نوع منها لذيذ الطعم ، كثير الفائدة ، يؤكل أخضرا مع السلطة ، و يمكن أن يطهى ، و يحتاج للبعد عن الطرق العامة لنجده ، و هو نبات يدعى ( الشنعيف ) ، و الأكثر من ذلك أن ربات المنزل أصبحن يحتفظن بها حتى موسم الشتاء ، بجعله ( كسيدا ) لذيذ الطعم مليئا بالحنين للتراث و العادات و التقاليد الجميلة .
شريف اليازجي