هي واحدة من النباتات التي دخلت الأغاني، وقبل ذلك دخلت إلى البيوت، وحتى اليوم ما إن تدخل أي بيت ساحلي إلا وتشاهد حزمة صغيرة من نبات أخضر غامق ميبس معلقاً على الشرفة، أو قد تجدها مكسرة ومخزنة في أوعية مغلقة، تلك النبتة هي الزوفا.
الزوفا هي مشروب أهل الجبل والساحل الأصلي قبل أن يتعرفوا إلى الشاي والمتة والقهوة وهم دائما يقولون فيها الزوفا لا تعوفا، وأذكر أن طقس جنيها وتخزينها كان جزءاً من الطقوس الزراعية، فما إن ينتصف الصيف حتى تبدأ جولات قطافها من البرية ويقوم بجنيها الأطفال والنساء بشكل رئيسي لانشغال الرجال بطقس آخر هو الحصاد، وفوق ذلك كنا نغليها خلال أيام الحصاد لأنها تبرد أجسامنا عدا فوائدها العلاجية.
هذه النبتة تنمو في البرية على السفوح والتلال عادة وتقطف في منتصف الصيف وما يلي ذلك حتى أوائل الشتاء، وتعيش على شكل مجموعات متفرعة من جذر واحد يبلغ طولها الوسطي حوالى الثلاثين سنتمتراً، وأشهر مناطق جنيها سفوح الجبال الساحلية وجبل الزاوية وبعض أجزاء جبال القلمون والعرب في السويداء. وتنتمي نبتة «الزوفا»، والبعض يسميها عشبة، إلى عائلة النباتات العشبية المعمرة إذ تعمر إلى عشر سنوات فأكثر، وتنمو بشكل بري في المرتفعات الجبلية فوق الخمسين متراً، ويكاد لا يخلو أي منزل سوري من تلك الحزم الصغيرة التي تهيأ للشتاء، فحيثما دخل الإنسان بيوت الريف الساحلي كان يرى على عمود البيت (الساموك) حزمة جاهزة من الزوفا معلقة.
عادة ما يغلى الماء ويضاف إليه نبات الزوفا ويحلى بالسكر ويشرب ساخناً، وأحياناً يغلى النبات مع الماء نفسه حتى يصبح لونه أقرب إلى اللون الأحمر، وعادة أيضاً تقوم سيدة البيت بتكسير نبات الزوفا إلى قطع صغيرة ذات طول لا يتجاوز ثلاثة سنتمترات وتخزنه في أوعية استعداداً لليالي الشتاء الطويلة».
وتحتوي الزوفا على مواد عفصية، مقشعة تستعمل لالتهابات المجاري التنفسية. والربو. وقد تستعمل دون سكر، إلا أن الجزء المستعمل من النبات هو الأجزاء الهوائية، الأوراق والجذع، علماً ان أوراق هذا النبات تكون على شكل كتل صغيرة ملتصقة بالساق تنضج عندما يصبح لونها أقرب إلى الأخضر الغامق، والموطن الأصلي لها هو البلدان المتوسطية وخاصة في البلقان وتركيا وتفضل المواقع المشمسة الجافة وتنمو بكثافة في الفصول الممطرة.
تحتوي الزوفا على تربينات بما في ذلك الماروبيين وثنائي التربين وزيت طيار يتكون بشكل رئيس من الكافور والبينو كامقون وبيتا باينين. كما تحتوي على فلافونيدات وهيسوبين وحمض العفص وراتنج».
ويستفيد الناس من نبتة الزوفا بشكل رئيسي في أمراض الصدر والرئة والسعال وعسر النفس خاصة بالنسبة للمتقدمين في السن، كما أنها تمنع ضرر البرد بشكل كبير بسبب تدفئته الجسم بشكل متوازن مسببة في بعض الحالات التعرق للجسم كاملاً ما يشكل عامل إراحة لخلايا الجلد. ويقول الطب الحديث إن للزوفا تأثيراً ايجابياً عندما تستخدم لعلاج التهاب القصبات والعدوى التنفسية».
ازدهار صقور
المزيد...