توأمة المرأة و الحديث الطويل تفـــاصيـــل كثـــيرة و الـــوقـــت لا يكفــي

تمتلك المرأة قدرة على الكلام المتواصل أكثر من غيرها ، و لابد من وجود من يصغي إليها و يثني على أفكارها الزائدة و المكررة ، و إياك المقاطعة أو الانتقاد ، حينها ستكون من المستبعدين عن قلبها ، فإن كان الطعام هو الطريق لقلب الرجل ، فالكلام هو الطريق لقلب المرأة ، بالطبع هذا لا ينفي مصادفة بعض الرجال الذين يتكلمون فراغا و لا يصيبون الحقيقة في أفكارهم ، لتكون الطامة الكبرى هي استسهال الكلمات ، و رخصها أمام من لا يقدرها .

 هاتف طويل جدا
احتلت مكانة جيدة من سنواتها الدراسية الأولى ، فكانت هادئة ، ملتزمة ، مجتهدة ، هكذا عرفتها من أيام المدرسة ، و بحكم أننا جيران أيضا ، حتى زرتهم في البيت ذات مرة لعمل واجب جلسة طويلة ، دخلت بيتهم فوجدتها جالسة على الأرض ، في زاوية منفردة ، تمسك سماعة الهاتف بمحبة و حنين عالي الدرجة ، و نحن بدأنا العمل ، الذي لم ينته إلا بعد ثلاث ساعات و نصف ، لكن حديثها الهاتفي لم ينته بعد ، خرجت و أنا أحاول استيعاب مشاهدتي عادة
مها ، طالبة جامعة ، قالت : لا يمكن أن يبدأ اليوم إلا بحديث طويل مفصل ، حيث أستيقظ قبل والدي ، و أجهز له المتة ، بالطبع هي حجة لأيقظه و أخبره ما أريد ، كان يبتسم لي ، و يسمعني و هو ينظر لي بعين مغلقة و أخرى ضاحكة ، و أنا أسير خلفه و بجانبه و أخبره بأحاديثي كلها دفعة واحدة ، و لا أسكت إلا عندما يقبلني و يقول حان وقت العمل ، يخرج و أنا لم أنه حديثي بعد .
متعة
كوثر ، معلمة ، قالت : أكبر متعة عندي في الصف ، وأنا أشرح الدروس وأجد فرصة مناسبة للتوسع بالأفكار، أو خلق أحاديث طويلة حتى أني لا أحب صوت الجرس معلناً انتهاء الحصة الدرسية ، فأسرع لغرفة المدرسات لأشارك بأحاديث جديدة ، وعندما أعود للبيت يجب أن أخبر زوجي بكل ما جرى في يومي الطويل ،حتى أنه ينام ويتركني أتكلم وحدي .‏
أحاديث مستمرة
سوسن ، موظفة ، قالت : الحلقات النسائية مستمرة في العمل ، حيث لابد أن نعقد تلك الحلقات من بداية اليوم حتى انتهاء الدوام ، و ندعمها بالمشروبات الشعبية و بعض المقرمشات ، كل ذلك و حتى العمل لا يمكن أن يقطع تواصلنا و أحاديثنا ، و من يومين قال لنا مدير القسم : لن أطلب نقل إحداكن من هنا ، بل أنا سأنتقل و ربما للآخرة بسببكن ، و للعلم – تكمل سوسن – بتنا لا نحب أيام العطل و نعوضها بالأحاديث عبر الهاتف أو الواتس .
جمالية
كريم ، مهندس ، قال: يجب أن نجد الجمالية المفروضة في كل الأحداث من حولنا ، صحيح أن النساء يتكلمن كثيراً ، لكنهن يتكلمن ليخبرن عن عوالمهن وهواجسهن وأحياناً تحدث طُرفاً جميلة ، فزوجتي عندما تريد إخباري بأمر، تجمع كل الأفكار والمفردات وتبدأ السرد بسرعة ولاتنسى تفصيلاً ، بعد أن تنهي كل أعمال البيت منتظرة عودتي .‏
طبيعة
عبد المجيد محمد طالب في كلية الإعلام في دمشق ، قال :‏ لا يمكن فصل الرابط القوي بين النساء و الكلام ، وعندما تتحدث المرأة لا تتوقف إلا عند انتهاء فكرتها تماماً ، حيث أعجب من أين تأتي بهذه الطاقة التي تدفعها للاستمرار بحديث واحد لخمس ساعات أو أكثر ، لذلك انتبه مهما كان الرجل مستمعاً جيداً لا يمكن أن يرضي غرورها في الكلام ، لذا فالاجتماعات النسائية خير طريقة لعرض قدرتها وتفريغ طاقاتها ، فهي تعرف متى تبدأ الحديث ، لكن لا تعرف كيف تنهيه .‏ هذا بالعموم ، هذا لا يعني وجود سيدات ممكن أن يمتلكن القدرة على طبيعة وشكل أحاديثهن حتى في الجلسات التي تخصهن ، أو حتى في البيت مع زوجها ، وأفضل ما في المرأة أن تقدر الأوقات التي يكون فيها الرجل تعباً أو مضغوطاً بسبب العمل أو ظروفاً خارجية أخرى .‏ سألته هنا هل لك معاناة شخصية ؟‏ أجابني : قبل الزواج كانت أختي / بالعة راديو / ، يعني أنها تتكلم أكثر من الإذاعة ، وقبل الزواج أيضاً ، كنت متحسباً لهذه الخطوة بسبب تلك النكتة ، التي اتفق فيها الزوجان على تقسيم أيام الأسبوع يوم طبيعي ويوم للنكد ، بعدما كانت أيامهما كاملة نكداً ، فصار الرجل يتأهب ليوم النكد ولا يعرف متى ينتهي .‏
المحرر
تكمل حياتنا مسيرتها بكلام زائد أو بدونه ، لذلك يجب أن يكون لكلامنا معنى حقيقي لا معنى عارض ، وجوده أو عدمه سواء ، فالكلمة يجب أن تحتل مكانها و يجب أن يكون لها وقعها ، و تكون السبيل لطريق واضح كريم ، طريقاً لعلم يرفع بيوتا لا عماد لها ، و ليكن كلامنا دليلاً علينا فهو بطاقة الدخول لعوالم الأشخاص من حولنا ، و الأفضل استمع أكثر مما تتكلم .
شريف اليازجي

المزيد...
آخر الأخبار