هذا اليوم .. هذا اليوم ذاته.. ألملم ذاكرتي وأجمع شتات صوري وأفكاري وأنا أعبر زقاقاً ضيقاً في حي الطوافرة يؤدي إلى متحف حماة .. للتقاليد الشعبية.
ذاك الزقاق يسكن التاريخ جدرانه الرطبة والتي نمت بين حجارتها الأعشاب والحشائش منذ زمن لاتاريخ له..
عندما تعبره تخال نفسك تمشي إلى جانب من مروا بهذا الزقاق منذ مئات السنين.. تسمع أذناك همس الشعراء الذين وفدوا إلى حماة..
صفي الدين الحلي.. ابن نباتة.. ابن حجة الحموي .. وغيرهم.
ويدغدغ سمعك صهيل خيول ملوك حماة .. أبي الفداء .. المظفر .. الأفضل أسعد باشا العظم.
إنها حماة.. مدينة السحر والتاريخ .
تعالوا ندخل بوابة متحف حماة , ونعبر دهليزاً طويلاً متعرجاً ذا أربعة أبواب , وعندما نجتازه إلى نهايته تنبسط أمامنا باحة فسيحة في وسطها قطعة أثرية فنية دائمة التجدد والخضرة تنبض بالحياة.
تورق .. تزهر .. تعلو باسقة متباهية بنضارتها وهي تحتضن بعناية فائقة أزهاراً تنشر عبيرها بسخاء على الكون.
تعالوا نقف مندهشين أمام هذا الجمال الإلهي (أمام شجرة المنوليا ) التي تتوسط ساحة المتحف, تحدث السائحين والزوار عن حكاية الإبداع في قصر (أسعد باشا العظم) فوجودها ساهم في بناء المتحف.
تلك الشجرة المغتربة جاءت إلينا من قصر الحمراء بالأندلس منذ عام /1900/م أي منذ أكثر من قرن, كما روى المرحوم (صادق العظم) أحد أحفاد مؤيد باشا.
زرعت في ساحة القصر وتركت تراثاً رائعاً في الربيع تزهر وروداً بيضاء نادرة الجمال إنها مازالت محافظة على تاريخ نشأتها وميزاتها الكثيرة المعطاء, ولها حضورها المتميز بين الزهور.
اسم الزهرة /المنوليا/ لكن ماذا نسميها وهي تحمل كل صفات النضارة والحضارة معاً؟
تلك الشجرة المعمرة هل نسميها.. الشجرة التاريخية التي تفيض على متحف حماة.. جمالاً .. وسحراً.. ؟؟ أم نلقبها صانعة زهور الإبداع والجمال المتفوق فهي تصافح بشذاها الزوار والرواد.
تعالوا نمسك أقلامنا ونكتب بمداد حب يسري في عروقنا لبلدنا الحبيب / حماة / بطاقة حب ووفاء للذين تركوا آبدة من الفن التاريخي والطبيعي الدائم التجديد.
في كل ربيع تهدينا أزهاراً عبيرها لايضاهيه عبير لتكون سفيرتنا إلى خارج القطر مشاركة في معارض الزهور العالمية.
فصباح الخير حماة، و متحف حماة, صباح الخير شجرة المنوليا.. وزهرة المنوليا..!.
رامية الملوحي
المزيد...