تمر الذكرى السنوية الثانية, لرحيل العلامة د. إبراهيم فاضل 1933 ـ 2017 مرور الكرام, في بلد الفكر سلمية، وكأن الراحل لم يكن قد شرب من مائها, وتعلم وعلَّم في مدارسها, وأبدع وألَّف ما ألَّف من أهم الكتب, إن على مستوى سلمية, أو على مستوى سوريا والعالم العربي.
وتبقى الخشية هنا, من استمرار تجاهل الفاعليات الثقافية والمجتمعية لهذا الراحل الكبير – ربما – مُعتمدين في ذلك, على اعتبار أن الراحل, لم يكن من المتعطشين للشهرة والمنابر, مُكتفياً بصومعته الفكرية, ومكتبته الموسوعية, وأبحاثه الإشراقية والاستشرافية .
وهنا نتوجه – فقط – بالشكر الجزيل لِما قدمته جمعية عاديَّات سلمية, لأكثر من مرة في ذكرى رحيل هذا المفكر والفيلسوف الكبير.
هو عالم موسوعي, مفكر وفيلسوف وأديب وشاعر قلَّ نظيره, في عصر الاختصاص البحت, والتهافت على الشهرة الزائفة.
قد تختلف معه بالرأي, لكنكَ لا بد وأن تحترمه وتُجلَّهُ أكثر, قد تُدهشك أفكاره وتحليلاته ومعلوماته, لكنكَ, لا بد وأن تقف مُتفكراً بما يقوله, فإنه ،وبكل بساطة, قادرٌ على أخذك إلى عوالم أخرى, قد لا تجد لنفسك عادةً مُتَّسعٌاً من الوقت للتفكير بها فمن عوالم الإلكترونات الأصغر, إلى عوالم الفلك الأكبر, ومن جذور الفكر الإنساني, إلى استشراف المستقبل, ومن إشراقات الفكر الصوفي, إلى عقلانية المنطق, ومن فلسفةٍ تبحث عن الحقيقة, عبر رحلة جيدائه (الذات الكلية المُحترِّرة من أناه, ومن الزمان والمكان) عبر لقاءاتٍ فكرية فلسفية, تمتد بعمقها حتى تلاقي جذور الفكر الأوربي, فتتلقفها حيناً, وتجادلها أحياناً, إلى الغوص في أصول الفلسفة العربية وجذورها, ومن قوانين رياضية, تبحث في البعد الثالث, وربما الرابع, إلى إشكالات مساحة المثلث ومغازيها, وصولاً إلى جذور الأرقام العربية, ومن لغة رصينة جميلة شعرية روائية قصصية, إلى شعرٍ ينهد نحو فكرٍ ونزعة إنسانية, ومن ميتافيزيقاه الخاصة به, إلى علومه الطبيعية الواقعية, ومن حواسه الخمسة والثلاثين غير الاعتيادية, يُطلُ عليك, ليناقشك عبر حواسك الخمسة العادية.
ففي عصر قلَّ فيه أن تجد مختصاً يفقه بعلومه, يُطلُّ عليك بكل جلالٍ وقدرٍ, موسوعي الفكر, غني المعرفة, متواضع عاشق للإنسان, حرٌ بأفكاره, خلاقٌ بإنجازاته, واهبٌ حياتهُ للوصول للحقيقة وتحرير الإنسان.
ولد الباحث الكبير الدكتور إبراهيم فاضل في عام 1933 م في سلمية, ودرس في مدرسة نموذج سلمية, وانتسب عام 1947 م للكلية الوطنية في حمص, ثم انتسب للجامعة السورية في دمشق / كلية الفلسفة / وبعد فترة انقطاع عن الدراسة, استطاع التخرج فيها, حاصلاً على ليسانس (إجازة) في الآداب / قسم الفلسفة /, وبعدها حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية في الإبداع من جامعة الإبداع الدولي على مجمل أعماله الفكرية, ثم مُنح عضوية الاتحاد العالمي للمؤلفين.
لم ينقطع د. ابراهيم طيلة حياته عن مرافقة الكتاب, فقد عُرِفَ عنه نهمه الكبير للقراءة, ويعدُّ من أهم الباحثين في مجال التنقيب في بطون الكتب باحثاً في التراث السلموني, خاصةً, والسوري عامةً, وله في هذا المجال العديد من الدراسات المهمة. كما قام بتأليف عدد كبير من الكتب الفكرية والفلسفية والتراثية, وله عدة نظريات فلسفية مهمة, , وهو ناقد أدبي بارع, كما إنه شاعرٌ يُجيد نسج الشعر التقليدي الموزون, ويُجيد ببراعة كتابة الزجل.
من أهم مؤلفات د. ابراهيم فاضل
الفلسفة تبحث (الرحلة الأولى 2000 ق.م – 524م الصادر عام 1979م)
الفلسفة تبحث, وزارة الثقافة (الرحلة الثانية 524م – 1057م الصادر عام 1990م).
الفلسفة تبحث, الجزء الثالث من 1057م وحتى العصر الحالي
لقاءات الفلاسفة, وزارة الثقافة 1988م
مشرع الجيداء لتحرير الإنسان من الخوارق 1994م
الفلسفة تستجوب التاريخ
الأغنية الشعبية
لعنة بابل
جذور الفكر الإنساني 1997م
داعج أخو جازي, /قصة بدوية /
كور الزهور
عبد السلام بن رغبان / ديك الجن /.
المعري شاعر بصير
موسوعة الفلسفة
فلاسفة على المسرح
طالي الكنعاني
مذكرات الفلسفة العربية
المرتجل في شعر المتنبي
كما أن له العديد من المؤلفات الأخرى المتنوعة, وله أيضاً الكثير من الترجمات عن الإنكليزية. غادر عالمنا في الخامس عشر من آذار عام 2017لِعُلومِهِ الخلود! ولروحه السّلام.
نزار مصطفى كحله