لكل منطقة أو مدينة عادات وتقاليد معينة يمارسونها في الخطوبة والعرس كيف كانت تتم عملية الخطبة والزواج قديماً في مدينة محردة؟
مراحل الخطبة
يقوم أهل الشاب بدعوة بعض الوجهاء وأفراد العائلة ليذهبوا إلى بيت الفتاة ليطلبوا يدها للخطبة, فيقوم أهل الشاب بطلبها عدة مرات حتى يوافق أهلها, وبعدها يحضرون الكاهن (الخوري) ومعه عدد كبير من الأهالي, ومعهم ( حملة العبي) التي كانت تعبأ بقطع الحلوى, وبعد أن تتم المباركة يوضع منديل فيه بعض الليرات الذهبية, ويصلي الخوري عليه, اسمها صلاة الخطبة , بعدها توزع الحلوى على الحضور, وكان يحدث هذا دون حضور الخاطب ولا المخطوبة, لأن تقاليد محردة تمنع حضورهم أو مشاهدتهم لبعضهم أثناء الخطوبة, وفي اليوم الثاني بعد الخطوبة يلزم على الخطيب العريس أن يملأ منديلاً بالحلوى والسكاكر المختلفة, ويحضر معه أصدقاءه ورفاقه ليتجرأ بالدخول إلى منزل العروس, ويقدم هذه المحرمة التي تستعملها الخطيبة لباساً لرأسها, وكانت تدعى ( القرموطة) وكانت الأعراف والتقاليد تمنع المخطوبة من المرور في الحي الذي يسكنه الخطيب, وإذا دعتها الظروف للمرور من أمام بيته فالأحسن والأفضل لها أن تغير الطريق لأنه من المعيب أو العار عليها أ ن تمر في حارة خطيبها أو أمام منزله.
بعد الخطوبة
بعد أن تتم مراسم الخطوبة تبدأ الخطيبة بالعمل الحثيث لتجهيز المواد اللازمة لها للعرس, فتخرج إلى بيادر القمح لتختار سوق السنابل المسمى ( القصل) أبيضها وأخصبها, وتصنع منه باقات القصل وتحزمه حزماً متفاوتة الثخانة وتقوم بصبغه بعدة ألوان زاهية, وتقوم بصنع أطباق وصواني وقشاوي مختلفة القياسات والحجوم, وهذه الأطباق تلزم للعروس أثناء نقل جهازها المؤلف من ثياب مطرزة بالحرير الطبيعي, وقد طرزتها العروس بأصابعها والذي صبغته بيدها لتصنع منه مايسمى بثوب القز والدراعة والبغازية وتزينها حتى تصبح تحفة فنية بالغة الأهمية لدقتها ورسومها الجميلة, وكانت العامة تقيس لباقة العروس ومهارتها بقدر ماتصنع من القصل والدراعات والبغازيات والطواقي, التي فيها نوعان ( نوع مطرز بالحرير) بأشكال هندسية لا أحلى ولا أجمل من ذلك, ونوع آخر أبيض سادة وهذه الأعمال كانت تقدمها لمن كان ينقطها بعد الإكليل، فالشباب تقدم لهم الطاقية الحمراء أما الكهول فتقدم لهم الطاقية البيضاء مع قبلة على كتفه احتراماً وامتناناً.
العرس المحرداوي قديماً
في اليوم الأول, كان يحتفل لإجراء مراسم الحنة للعريس , وذلك بعد إقامة حفل يقام في منزل العريس من المساء وحتى ساعة متأخرة من الليل, فالمطرب الذي يعزف على العود توضع له طاولة خاصة وعليها المشروب والطعام, أما باقي الناس فكانوا يجلسون على الأرض ويفرش أمامهم أكياساً من الخيش, ويفرش عليها الطعام والشراب والموالح، وفي اليوم الثاني تحنى العروس, ويقوم أحد أفراد العائلة بوضع الحنة على يدي العروس وقدميها مع القيام ببعض الرسومات والزينة وذلك بوضع لفافات العجين حيث يتخللها الحنة.
وفي اليوم الثالث يقوم العريس بالاستحمام ويصطحبه أصدقاؤه ورفاقه إلى ساحة القرية ( الحارة) وحوله الأصدقاء والأهل, ويقوم الأصدقاء بإلباسه الثياب الجديدة حتى الحذاء والعقال الجديد, ويوضع له وردة حمراء على عقاله, ثم يركب على حصان مكسي بشراشف من الحرير المختلفة الألوان ويدور حول القرية تتقدمه عراضة, وتسير الجماهير من خلفه , وأثناء تجواله يتقدم أحد الأصحاب ويدعو العريس لتناول قسط من الراحة والضيافة , ويحتفل صاحب المنزل بالعريس وبمد الفرش والبسط , وتكون الفرش مغطاة بشراشف الحرير والأرائك ممدودة وموضوعة فوق الفرش, ويجلس العريس عليها دون أن يخلع حذاءه, وبعد فترة قصيرة يتابع العريس المسير حتى يصل نقطة الانطلاق.
العروس
كان يجهز الجمل ويوضع على ظهره الهودج, ويفرش على ظهره السجاد والشراشف المصنوعة من القطن أو الصوف الملون بجميع الألوان الزاهية , كما يزين رأس الجمل وصوره وهنا يطلب الأذن من أهل البيت بالسماح لأخذ العروس فيقوم والد العروس أو كبير العائلة مع أحد أقارب العريس بمرافقتها حتى تركب على ظهر الجمل في وسطه وعلى جانبها فتاتان من صديقاتها, ورأس العروس مكلل بمحارم الحرير الشفافة, والفتاتان تلبسان عباءات سوداء اللون لايظهر منها إلا وجهها , ثم تبدأ رحلة العروس يتقدمها قارع الطبل والمزمار والأهازيج والزغاريد والأغاني الشعبية والشباب يعقدون حلقات الدبكة والرقص الشعبي الجميل على صوت المزمار والشبابة ويمرون أمام العروس ويصافحونها مصافحة اليد.
وعندما يصل الموكب إلى بيت العريس تقدم أم العريس عجينة مزينة بالورد, لتقوم العروس بلصقها على مدخل الباب, وفي هذه الأثناء يحضر جدي ماعز أسود اللون ليذبح أمام بيت العريس, وتقوم العروس بلباسها الجميل بالقفز فوقه وإلصاق العجينة وعندها يكون العريس واقفاً على سطح المنزل ليلقي بحبات القضامة والملبس والسكاكر ,وعليه ان يصيب رأس العروس, ولو بحبة حلوى واحدة, ثم تدخل العروس إلى غرفتها فتجد منصة مرتفعة ومزينة ومغطاة بالسجاد لتتربع وتجلس بجوارها مجموعة من رفيقاتها, والعروس ترتدي اللباس التقليدي الشعبي, ورأسها مزين بأكاليل الورد وصدرها موشح بالزهر وجبينها موشح بوشاح من الفضة ويصدر أصواتاً عند تحركها.
جينا يحيى