يقدر عددها بالملايين تمر فوق عدة محافظات من بينها حماة
ظاهرة علمية والفراش غير ضار لابالمحاصيل ولا بالبيئة
لاحظ الكثير من أبناء محافظة حماة أسراباً من الفراش لأول مرة وبأعداد كبيرة جداً وبدأت التساؤلات هل الفراش يضر بالمزروعات أو الأشجار أو البيئة أوالمياه ؟
لماذا هذه الأعداد الكبيرة؟ هل هي مضرّة لمحاصيلنا؟ ومن أين تأتي؟ الباحث إياد السليم حدثنا بقوله:إنها فراشة الخبيزاء ملايين من تلك النوعية تعبر أراضي سورية هذا الكم من الفراش غير ضارٍ أبداً, لا لمحاصيلنا ولا لبيئتنا.
هذا الفراش « فراش الخبيزاء» والشهير بـ «السيدة الملونة» هو منتشر في معظم أصقاع كوكبنا, وهو من أنواع الفراش القليلة التي تقوم بالهجرة, وقد جاءنا هذه الأيام من الجزيرة العربية, في طريق هجرته إلى أوربا فكان يأتينا من الجنوب, ويعبر فوق حمص ويكمل فوق الجبال الساحلية وحتى فوق ماء البحر متجهاً شمالاً,وهذا العام مرت أسراب منه فوق أجزاء كبيرة من محافظة حماة .
أما سبب أعداده الضخمة هذه هو ما حصل في صحاري الجزيرة العربية, إذ هطلت أمطار غزيرة غير اعتيادية, ومنذ أول الشتاء فحولت كثيراً من صحاري السعودية والأردن وسورية إلى مروج خضراء, وتفتحت أزهارها بكثرة, وفقس الفوج الأول من هذا الفراش, وعاشت أفراده بالملايين, لتتزاوج هي الأخرى وتعطي جيلاً ثانياً بأعداد بالمليارات, فكلّ فراشة من هذا النوع تضع حوالى 500 بيضة, وهذه شكلت انفجاراً سكانياً بين نوعها, وهذا حرّض لديها غريزة هجرتها الجماعية ( قد لا تهاجر في بعض السنين, إذا ماكانت أعدادها قليلة) وهجرة الفراش تختلف عن هجرة الطيور المعروفة, فهي هجرة حقيقية, أي هجرة بلا عودة, وقد يموت الفراش في المهجر, وحتى أنّه قد يكمل طريق الهجرة الجيل التالي منها, أي قد يهاجر فوج إلى اليونان, فيبيضون فيها ويموتون, وأولادهم يكملون الهجرة إلى بريطانيا مثلاً, ويبيضون ويموتون هناك, وهذا الفراش على الأرجح أنّه لا يهاجر عائداً جنوباً في الخريف, أي هو غزو واستيطان, أكثر منه هجرة, فالباحثون والدارسون لهم لم يشهدوا هجرة عودة لهم, إذاً هي ليست هجرة كما عند الطيور ذهاباً وإياباً, أصلاً طول حياة هذا الفراش لا يسمح بذلك, فمن 15 يوماً لفقس البيض إلى أسابيع لشرنقة دودتها,
إلى أسابيع لخروج الفراشة من الشرنقة, وحياة الفراشة لحوالى 20 يوماً.
وكما لاحظنا برصدنا لأسرابها , فهي تتزاوج أثناء طيران هجرتها, وللحقيقة العلمية نقول: إنّ دود هذا الفراش لا يتغذى فقط على نبتة الخبيزاء البرية كما يشيع بعض الأشخاص, وإنّما على نباتات «الفصيلة النجمية» وهذه فيها آلاف الأنواع, وأظهرت البحوث 300 نوع نبات حتى الآن تقتات دودة هذا الفراش عليها, ولكن نؤكد أنه لاداعي أبداً لقلق مزارعينا, أو محبي بيئتنا, وأصلاً هذا الفراش يأكل من رحيق الأزهار, ويساهم في تلقيحها, ولاحظ سكان حماة و اللاذقية وطرطوس،وحمص انتشار أسراب كبيرة من هذه الفراشات بأعداد متزايدة، خلال الأيام القليلة الماضية وأنّه لأمرٌ مضحك القول إنّ دولة ما قد أرسلت وباءً باتجاهنا مثلاً هي ظاهرة علمية جميلة, نفتخر بأنّنا قد شهدناها ولو مرةً واحدة في حياتنا.
عبد المجيد الرحمون