يحكى أنه في قديم الزمان .. كانت مدينة كبيرة ، جميلة البناء .. واسعة الفناء.. تطل على غابة خضراء..يسميها كل من يراها المدينة ( الحسناء ).
كان يحكم المدينة ملك عادل أحبّه شعبه كثيراً .. رُزق الملك بأمير وأميرة ..
اسم الأمير ( حسن ) واسم الأميرة ( سنا ) .
أتى الربيع بخضرته .. وزهوره ، وشمسه الدافئة .. أحبّت الأميرة ( سنا ) أن تقوم بنزهة للغابة فخرجت مع مربيتها لتتمتع بالطبيعة الساحرة .
لعبت .. ومرحت .. قطفت الزهور .. ركضت وراء الفراشات ، ابتعدت عن مربيتها التي استغرقت في نوم عميق تحت ظلال شجرة وارفة الظلال …
غربت الشمس .. وأظلمت الغابة ، فأضلت الأميرة الطريق …
جلست فوق العشب تبكي .. أحسّت الأميرة بخطوات تقترب منها .. سألتها الأميرة باستغراب وخوف :
ــ من أنت .. ؟
ــ لا تخافي أيتها الأميرة الجميلة .. هيا امسحي دموعك ، سآخذك لقصر أبيك ..
وبغمضة عين وجدت الأميرة نفسها بقلعة كبيرة مظلمة خالية من الناس …
عادت الساحرة بوجه مخيف وأيقظت المربية قائلة :
ــ هيا .. استيقظي .. اذهبي إلى قصر الملك وقولي له :
ــ أنّ ابنته موجودة في قلعة الرعب بأعلى جبل النار ، وإن لم يتزوجني الملك هذا العام ستصبح ابنته غزالة في الغابة مدى حياتها .
ارتعدت المربية وخافت لما حدث معها .. لم تصدق أذنها ما سمعت ولا عينها ما رأت .
دخلت قصر الملك وهي ترتجف هلعاً ، وخوفاً ، وتستغيث …
ــ الأميرة اختطفت … الأميرة اختطفت …
هرع كل من في القصر وتجمعوا حولها ليستطلعوا الخبر .. اقترب الملك منها , وسألها ماذا جرى للأميرة هيا قولي … أخبريني .. !
قصّت له ما حدث معها .. وكيف جاءت الساحرة وأخبرتها .. كيف اختطفت الأميرة وسجنتها في قلعة الرعب .
ارتسمت علامات الحزن الشديد والغضب على وجه الملك وقال :
ــ عرفتها .. إنها الساحرة ( شرارة ) تريد الاستيلاء على مدينتي ومملكتي .
مرت أيام .. والملك والد الأميرة في حيرة من أمره يسأل ويتساءل كيف الوصول لهذه المرأة الشريرة … ليسترد ابنته الصغيرة …
ذات صباح دخل عليه ابنه الأمير حسن وقال :
ــ والدي .. علينا ألا نحزن بل يجب علينا أن نكون أقوى من هذه المصيبة.
نعم حسن ، لأن المصيبة ليست الأميرة فحسب بل هي بلدنا..إنها ( شرارة ) تستبد بهذا الشعب وتستولي على البلد وتتمرد كما تشاء .
ــ الحل أن تذهب أنت يا بني للبحث عن الساحرة ( شرارة ) وعن قلعة الرعب حيث توجد الأميرة .
في صباح اليوم التالي امتطى حصانه وغادر بلده بحثاً عن هذه الشريرة ..
قطع البراري والبلدان ، وهو يسأل عن قلعة الرعب حتى اهتدى إليها بعد معاناة كثيرة استمرت زمناً .. وقف أمام جبل النار الشاهق المرعب ، بكل ما فيه من صخور وأشواك وأهوال …
تسلق الجبل وشاهد في أعلى قمته قلعة كبيرة لا يعرف من أين مدخلها …
رأى على إحدى النوافذ امرأة تطل ،منظرها غير مريح ،اقترب من النافذة وسألها بذكاء وحيلة …
ــ أنا صياد وتعبت من الحر والسير هل لي بجرعة ماء سيدتي.. ؟
ــ أجل توقف مكانك ..
شرب وشكرها ثم بادرها بطلب الدخول للقلعة …
ــ هل بإمكاني أن أستريح عندك قليلاً ، نظرت إليه بدهاء وقد أعجبها ، لقد وجدت فيه شاباً قوي البنية وسيم الهيئة ، ورأت فيه صيداً تستغله في أعمالها الشريرة قالت له :
ــ أجل .. ادخل واسترح ..
مشى إلى جانبها وهو يفكر كيف يقتل الساحرة الماكرة .. وفي أية غرفة من هذه الغرف توجد الصغيرة أخته .
أجلسته على مقعد في ساحة القصر الواسعة وقالت له :
ــ لا بدّ أنك جائع .. سأحضّر لك طعاماً ..
وما إن أدارت ظهرها ومشت حتى هوى عليها بسيفه ..
فصرخت صرخة مرعبة دوى منها القصر وسقطت ميتة تسبح بدمائها .
سمعت الصغيرة صوت صراخ الساحرة ، وضجيجاً مخيفاً تردد صداه في القلعة ، خافت وطرقت الباب بيدها محاولة فتحه .. وهي تنادي :
ــ أنا هنا .. أنا هنا .. افتحوا الباب …
سمع الأمير صوت أخته وصراخها فأسرع للغرفة وكسر الباب وأخرجها ..
ما إن رأته الصغيرة أسرعت إليه .. عانقها واحتضنها ثم خرج بها من القلعة تاركاً الشريرة وقد نالت جزاء عملها ..
عاد الأمير إلى بلده مرفوع الرأس منتصراً ، لقد استرد أخته ..
وأنقذ مدينته من الساحرة شرارة .
رامية الملوحي