كان يا مكان أيام زمان .. كانت الأسرة المؤلفة من /10/ أشخاص تسكن منزلاً واحداً تجلس مع بعضها على مائدة الطعام ، يجمعهم طبق واحد من الطعام ، تكبر الأسرة ويزيد عددها ، وتبقى في ذات المنزل وعلى ذات الطبق الذي يلفه الحب والحنان ، تغير الواقع وتشعبت الحياة وكثرت الأعمال وانقلبت المفاهيم ، فغدت الاستقلالية أولى الخطوات التي يتخذها أفراد الأسرة ، فيبتعد أفرادها رويداً رويداً، وما إن يكبر الشاب ويبلغ سن الزواج حتى يفكر ببناء منزل منفرد خاص به ليبتعد عن إخوته ، ولأن للحياة الزوجية متطلباتها ومسؤولياتها وأولها السكن الذي يحدد مصير الزواج .
فالمنزل العائلي الذي كان يضم أسراً عديدة لم يعد موجوداً اليوم ولم يعد يحتمل وجود أكثر من أسرة ، لأنه في اعتقاد الكثير من أفراد المجتمع مقولة مفادها :ابتعد عني فأحبك .. وقرب مني فأسبك .
الفداء قامت بإجراء استطلاع ميداني واستبيان شمل عشرات الأفراد من النساء والرجال فكانت الآراء حول هذه المسألة متطابقة تقريباً .
منغصات الحياة
لم تعد الحياة كما كانت سابقاً لأن الحياة الاقتصادية هي التي كانت تحد من استقلالية الحياة هذا ما قالته السيدة مريم ناصر وأضافت :
قديماً الجميع يعمل تحت كنف رب الأسرة ويأتمر بإمرته رغم اختلاف وجهات النظر ، لأن الوالد هو صاحب القرار ومن بعده الوالدة التي تدير شؤون البيت ولا يوجد استقلالية للأولاد .
واليوم تغير الواقع كثيراً من العمل في الأرض أو تربية المواشي إلى الوظائف والأعمال الحرة وغير ذلك أي إن الحالة العامة ، وكذلك الحالة الاقتصادية تغيرت ما يسمح لهما بالاستقلالية .
وهذا الاستقرار كان الدافع الأساسي لإيجاد منزل بديل عن منزل العائلة .
ندى كامل معلمة قالت :
قديماً كانت العائلة مجتمعة تسكن غرفة واحدة ولأن كل فرد من أفراد العائلة يحتاج إلى غرفة لنفسه ، أنا شخصياً لم أسكن مع أسرة زوجي حتى لا تقع خلافات عائلية .
علماً أن الآباء يرتكبون أخطاء كبيرة عندما يزوجون الأولاد في سن مبكر لا سيما عندما تكون الزوجة غير بالغة سن الزواج ومن الخطأ تسكينهم في منزل واحد ، وهذا السبب الرئيسي لحدوث مشاكل بين الأشقاء .
هنادي حسين جامعية قالت : من أكبر المنغصات التي تواجه الحياة الزوجية هو تأمين المسكن ، فلم تعد الحياة قابلة لأن يسكن جميع أفراد الأسرة في بيت واحد، وفي ظل الظروف الراهنة فإن تأمين السكن أو المنزل من أهم الصعوبات التي تواجه الزوجين ، فأنا خطبني ابن عمي منذ ثلاثة أعوام وبسبب عدم تأمين المنزل ومن ثم الزواج حدثت خلافات كبيرة وتمت فسخ الخطوبة بيننا وهذا ما ينعكس سلباً على العلاقات الاجتماعية .
رأي :
الدكتور حمد خليل علم اجتماع قال :
إن تناقص فرص العمل وتزايد متطلبات الحياة وتكاليفها خلال السنوات القليلة الماضية دفع الكثير من الناس لممارسة أعمال إضافية يغلب عليها الطابع الاستهلاكي ، فغياب الزوج عن البيت طوال النهار والليل وإهماله للواجبات المنزلية والعائلية ، وهذا العمل تحول إلى مشكلة حقيقية بين أفراد الأسرة والحياة الزوجية ومن ثم تحول عمل هؤلاء الأفراد إلى مشكلة حقيقية بين أفراد المجتمع .
أخيراً :
تعددت الآراء واختلفت ، ولكن الغالبية ترى وتعتقد أن الاستقلالية والسكن المنفرد أصبحت ضرورة من ضروريات الحياة الزوجية وتجنب الوقوع في الكثير من الخلافات العائلية والتي لا تصب في مصلحة أفراد المجتمع وتقاليده وعاداته .
توفيق زعزوع