لا حياة دون تكافل و تكاتف مفــرزات طعــنت مفـــردات حيـــاتنـــا

سنشير في مادتنا هذه ، إلى مسألة فلسفية حياتية بات التوجه إليها قليلاً ألا وهي أن الناس شركاء بالماء والهواء ، بالطبيعة بالحياة بالجوع بالعطش، هكذا طبيعة الكون، فقديماً ما جاع إنسان وحوله من امتلك الطعام، و لا ذُل شخص وبجانبه من يحميه ، حتى عندما تزرع نبتة ذات ورود وتظهر للشارع ، فالناس شركاء لك بالنظر وربما يطلبون منك وروداً منها ، كل ذلك دعوات صريحة للتكاتف والتكافل والمساعدة التي تشكل طرقاً عديدة لبناء المجتمع ولكن ماذا يحدث الآن؟!
خرج من بيت أخيه‏
أبو جمال «تحفظاً» قال :‏ خرجنا من المدينة التي كنا نسكن فيها في ليل لا نور فيه ، تاركين كل أغراضنا وحاجاتنا، فقد كانت الاشتباكات من حولنا شديدة وتنذر بالخطر ، وفي الليل أيضاً وصلنا إلى المكان الذي نسكن فيه حالياً، حيث يسكن أخي الصغير، و في الصباح نزلنا في البيت الثاني الذي يملكه أخي بعد أن أمّنا بعض الأغراض البسيطة جداً حتى لا نجلس على الأرض فحسب ، وبعد يومين فاجأني أخي بطلبه أجراً شهرياً للبيت ، وبعد الاتفاق على أجر معين مشيراً أنه من الممكن تأجير البيت بمبلغ أكبر ، لكن المفاجأة كانت أصعب، عندما طلب مني زيادة الأجرة بعد شهرين فحسب ، ولم يكتف فوضعني أمام خيارين إما زيادة الأجرة أو الخروج من البيت، هنا قررت الخروج من بيته ، لا بسبب الآجار المرتفع فحسب بل لعدم قدرتي على التعايش مع أخ مثله.‏
يطلب الزواج‏
غزوان «اسم مستعار» قال:‏ كانت الضغوط من حولي متنوعة وكثيرة، وكان يجب عليّ القيام بكثير من الترتيبات قبل حتى فكرة الزواج، لكن المدة كانت طويلة، والطريق صعبة، وعندما بدأت بهذه الخطوة بتشجيع ممن حولي، كان لابد من الاستعانة بهم وبغيرهم من المقربين، وكنت فرحاً لذلك الاندفاع الذي لمسته، لكن تفاجأت بعد مدة أن نسبة كبيرة ممن علقت آمالي عليهم، كانوا يكتفون بالكلام فحسب، وما إن تنته الجلسة أو حتى مكالمة الهاتف، فإذا هم ناسون لكل الحديث الدائر بيننا، متخلين عن كل الوعود التي قطعوها على أنفسهم وهنا أريد الإشارة إلى أن اندفاعهم نحوي وطلبي منهم انحصر فحسب بذكر فتاة مناسبة، ولم أطلب منهم أية مساعدة أخرى، ودائماً كنت أسأل نفسي إن هؤلاء الأشخاص مع معرفتهم بحالي وتقديراً لحالة الزواج والاستقرار، إضافة إلى أنهم هم من عرضوا خدماتهم، كيف لهم نسيان واجبهم تجاه من نحصيهم وتجاه مجتمعهم كاملاً أليس لديهم مكان للعمل الإنساني دون أية تكلفة أو عناء وصدقاً كانت هذه المواقف موجعة لي أكثر من كل تلك الضغوط التي تعرضت لها في حياتي.‏
باع أغراض بيته‏
غياث، تاجر، قال:‏ لم يكن لي التوجه المعيشي نحو الوظيفة ، فحاولت رسم طريق لي من خلال التجارة حتى ولو كانت بسيطة، وقد نجحت في عملي إلى حد معين، لكن ولأن التجارة تحتمل الربح والخسارة وبسبب الأوضاع العامة الحالية، أصابتني خسارات متوالية، بعد أن التزمت بمواعيد محددة لتسليم البضائع أو لدفع مبالغ من المال، حاولت بكامل قدراتي تسيير الأمور وتيسيرها لكن كانت الضمانات الموجودة ملحة، لذلك اضطررت الاستدانة من ابن عمي الذي جمعتني به صداقة إضافة إلى القرابة، وبعد انقضاء مدة محددة بات يطالبني بإلحاح وشراسة أكثر من الآخرين ، مع أنه على علم كامل بحالي وأحوالي، ولم تنفع معه كل طلباتي بتقديم مهل جديدة، حتى أنه لم يستمع لبعض الأطراف المقربة مني ومنه بعد أن حاولت تقريب وجهات النظر وتقديم حلول مناسبة، لكن في النهاية وبسبب ضغوطه الزائدة اضطررت لبيع جزء من أغراض بيتي لكي أسدده ماله عليّ، مع علمه بما فعلت ومع قدرته على تأجيل الدفع، وهذا ماأثّر عليّ سلبياً إن كان في عملي أو في نفسي.‏
المحرر
ذكرنا بعضاً من مشاهداتنا ، وبالطبع عندما نلمس مثل تلك التصرفات هنالك غيرها تشابهها وربما أصعب منها ، ونريد الإشارة إلى أن كل التصرفات التي قام بها الطرف السلبي لا ينحصر تأثيرها على الأشخاص المعنيين بالمشكلة فحسب ، بل يطال تأثيرها السلبي كل شرائح المجتمع، ويخرب كل محاولة بنيان تجاه ذاك المجتمع، فهل سيكون هنالك أيام قادمة أفضل؟ هذا ما نتمناه حباً بصورة أفضل ومستقبل أجمل، خاصة أن الحياة لا تكمل إلا بوجود السلب والإيجاب سوية، وبعد أن عرفنا المقولة التي تشير إلى الخير حيث قال أهل الأمثال: «إذا خليت خربت» إضافة لمعرفتنا ومشاهداتنا لأشخاص أو عائلات كاملة، قامت وتقوم بأفعال خير جميلة جليلة.‏
شريف اليازجي

 

المزيد...
آخر الأخبار