الصوص نسيم .. يبحث عن أصدقاء

فكرت الدجاجة البيضاء ( لا لا) أن تصبح أماً وتكوّن أسرة ، فاحتضنت مجموعة من البيض مدة واحد وعشرين يوماً .
وفي اليوم المحدد فقس البيض ، وخرج الصيصان الواحد تلو الآخر.
نظرت الدجاجة لصيصانها بغبطة وفرح وقالت لهم:
-ما أجملكم صيصاني ..! زغب أصفر كالذهب ، وتتمتعون بصحة جيدة وحيوية ونشاط لا مثيل لهما ، ماعدا أنت أيها الصوص الملون أنت لا تشبه إخوتك لكنك جميل وسيكون اسمك ( نسيم ) ..
مرت أسابيع ( ونسيم) يكبر .. بدأ يشعر إنه يريد الابتعاد عن أهله والعيش بمفرده .. إنه يريد التعرف على البيئة التي يعيش فيها ..
ذات صباح مشمس خرج من المزرعة التي يسكنها ، سار على ضفة النهر وهو يفكر حدث نفسه:
-وما أروعك ايتها البيئة الممتلئة بمخلوقات وكائنات شتى ..
وأنت أيتها الطبيعة الجميلة ، تدفئنا شمسك ونكبر على أرضك ..
تأمل الشمس المشرقة ، والسماء الزرقاء الصافية نظر إلى الأشجار .
والطيور المغردة ، وقف برهة وقرر ..
وفي اليوم التالي ، غادر المزرعة وأهله ، مشى بعيداً يبحث عن عالم جديد
يختلف تماماً عن عالمه ، غربت الشمس ، وقف ( نسيم ) تحت شجرة الصفصاف يتطلع حوله :
المكان موحش مخيف لا أحد حوله ، كل كائن آوى إلى مكانه … أحس أنه غريب ضائع لكنه متماسك وهو غير نادم ، صار ( يصويّ) ..
صو… صو .. وكأنه ينادي أحداً ما. سمعته عصفورة تسكن أعلى الشجرة قالت له :
من أنت ؟
-أنا الصوص نسيم .
-لم أتيت إلى هنا .. هل ضللت الطريق ..؟
-أنا خائف بعض الشيء لكن من أنتِ..؟
-أنا عصفورة أسكن هنا أعلى الشجرة مع فراخي ، وزوجي ، هيا إهدأ ونم تحت الشجرة وفي الصباح نلتقي .
أطل الصباح ، وأشرقت الشمس حاملة للصوص أحداثاً كثيرة وقف تحت الشجرة جائعاً حائراً ينتظر الصديقة الجديدة .
لفت انتباهه شيئاً غريباً للمرة الأولى يراه ، حيوان صغير أخضر اللون يصدر صوتاً لم يسمعه من قبل ، صاح من أعماقه ما هذا؟
ارتعد وابتعد ، لكن الحيوان يقترب منه تدريجياً ..
وقف الصوص أمامه وسأله :
-من أنت .. إنك مخلوق جميل أراك أول مرة؟
-أنا ضفدع … أسكن هنا على ضفة النهر في الماء وأمشي على التراب ، أتغذى على الحشرات الصغيرة الموجودة في الماء … أنا أعيش على العشب الأخضر لكن من أنت ومن تكون؟
-أنا الصوص نسيم أتيت إلى هنا أبحث عن عالم جديد وأصدقاء جدد ..
وبينما هما يتحدثان حطت العصفورة على غصن الشجرة مرحبة بهما قالت :
-صديقي الضفدع هذا صديقنا الجديد نسيم .. لقد أصبحنا ثلاثة في هذا المكان الآمن .
التفتت إلى نسيم وقالت له :
-صديقي نسيم هنا بالقرب منا حقل زراعي زرع قمح بإمكانك الإقامة فيه وتأكل منه ..
ابتسم الضفدع قائلاً :
-والماء من هنا صديقي من هذا النهر إشرب منه وتنعم ..
شكر نسيم أصدقاءه الذين ساعدوه وأحبوه وعاش معهم في وئام ومحبة ..
مرت أسابيع وشهور ، والصوص نسيم تغيرت ملامحه ، أصبح ( الديك نسيم ) يختال في مشيته متباهياً بعرفه الأحمر القاني ، ومنقاره البرتقالي ، وريشه الملون الزاهي ..
صار يقف كل صباح تحت الصفصاف ، يوقظ رفاقه بصوته الجميل .. كوكو … كوكو .. أقبل ربيع آخر .. وصار كل شيء أخضر زاهياً ، فكر نسيم بالعودة لأهله ..
لقد اشتاق إليهم قال للعصفورة :
-صديقتي العصفورة أود العودة لأهلي غداً أريد أن أودعكم ..
جمعت العصفورة أصدقاءها وأفراد أسرتها وقالت لهم :
مرّ عام على لقائنا ، ومعرفتنا بصديقنا ( نسيم) فلنحتفل بهذه المناسبة الجميلة لأنه يريد أن يودعنا ويرحل .
قال الضفدع أنا أرحب بهذه الدعوة وسوف أحضر زوجتي وفراخي ..
احتفل الجميع .. وكل أحضر مالديه من طعام .. صاح الديك مرحباً بالأصدقاء غنت العصفورة ، ورقص زوجها ، وزقزق فراخها طرباً ، رقصت الضفادع فرحين مسرورين ، أمضى الجميع يوماً سعيداً كان من أجمل الأيام لأصدقاء البيئة قال الديك مودعاً .
( لن أنساكم أحبتي ، سأعود إليكم إن كتبت لي السلامة ) .
رامية الملوحي

المزيد...
آخر الأخبار