إليكَ تموز..!

تعالَ يا تموز ..! تعالَ وانتشل رُفاتي من بقعةِ الظلامِ هذه..! تعالَ ونّور لي عتمتي..! إنَ هذا الكوكبَ أضيقُ من ٲن يحتويني دونكَ..ومساحاتُ الأرض الشاسعة تضحي قفصاً يفتقدُ الحريةَ.. تعالَ واسقني الرحيقَ بظمٲتي! لاعلمَ لي أنه مازالَ عسلُ عينيكَ صافياً..تعال وأزهِر في صدري بنفسجاً.. حولني بحرارتكَ ثلجاً علّه يُطفيء اللهبَ المشتعلَ بين ضلوعي…!
حدثني عنكَ.. كيف حالكَ? كيف النور الساكن عينيك?
إن كنت تسٲلني عن حالي انا ..فٳني بخير إلا من فقدك.. أردت أن أبكي لكني لم أشٲ أن أشمت البٌعد بي…
لكني اشتقتُ اليك يا تموز ..وحين أقول مشتاقةٌ فٳني لا ٲزفُّ خبراً جديداً.. وحدكَ دون الشهور من يغسل ٲرقي..كٲنكَ الشهر الوحيد الذي مرَّ عليّ و الباقون أيام! ولو اجتمعت شهور الكون فلن اتمنى إلا مرورك..
لتكن لدينا هدنة من هذا الدمار..لو تٲتي يا تموز…لو تخبرني أنكَ بخير ! أي شيء منك ليجعل فوق هذه الارض بذرة حياة…! لو تخبرني أنك قادم وأن الذين حالوا بيني وبين حضورك راحلون!
اخبَرنِي ٲيار أنه ماضٍ, وهمهم حزيران وقال: «الكل راحل» , فليت الجميع يرحل وتبقى وحدكَ يا تموز..اخبر آب أن لا يٲتي …فحين ستٲتي أنت سٲقيدك بٲغلالي..
أحاول أن أتغلب على الغربة التي ملٲتني حين انقضت أيامك ,أضحيتُ وكٲني أعيش في مدينة فَقْدٍ كُل سكانها يُتم.. أحاول أن أكون اقوى من الضعف الذي يكبر داخلي كلما مرَّ شهر دونك ..وأن لا أنحني للعاصفة مهما اشتدت..أنت عَتَادي في هذا الحرب يا تموز.. شٲني معك شٲن نحلة لم تبصر من هذا الكون إلا أزهاره,وأنا لا أبصر من كل العام الا مروركَ.. , تسٲلني ياتموز :
ـ لماذا أنا ?
ـ لأنكَ أنتَ!
لو أخبرتك عن اختلافك عن باقي الأشهر لطال بي الحديث عمراً..
إنسانة منهكَة ..مجعدة القلب ..متصلبة الدم.. منسية في جوف هذه الارض _ هكذا كنتُ_حتى انتشلني مجيئك!
الآن أخبرني أين أنتَ.. لأمشي إليك ولن أكترث أينما كنتَ سآتيك…فحين أمشي إليك تهون الدروب وتذلل وعورة الطريق.. مرهف هذا البعد الذي اختارك من بين الشهور يا تموز.. لعّلي أعترفُ لهُ أنهُ أحسنَ الاختيار!
لا, لا….لن آتيك يا تموز..
ما حيلتي إن كان قدرك البُعد وقدري فقدكَ!
يزرعك الله ربيعاً في سنواتي و يبعدكَ حين يشاء ..وإذا شاء رضينا!
سٲخبرك أخيراً يا تموز:
إني تعلمتُ كيف أمشي في الشارع وحدي دون ظلٍ يحجب ظلي..وأن أجمع الورد وحدي.. و ٲلوح للقمر براحتي وحدي..
تعلمتُ كيف ٲلعق الصبر.. وفهمتُ كل تنهيدات فيروز.. عرفتُ أخيراً ما سرُّ الناي …
لكني سٲلتُ العاصي :
– متى ستلتقي الضفتان ?
هاج و ردَّ :
في زمنٍ توقيتهُ تموز
حين تدق ساعة عينيه!.
تعالَ ارجع يا تموز..!
كل هذا البعد كثير على صبري
ٲرِح شوقي لك بدفء عودتك.
أنتظركَ بكامل التوق يا تموز.

شهد نصر الله الرحّال

 

المزيد...
آخر الأخبار