وُلِدْتُ عام 1912 في دمشق في حيّ الصّالحيّة من أبوين دمشقيّين، والدي هو أبو الخير عمر باشا ووالدتي نجيبة الدّاغستاني، وأنا الفتاة الوحيدة بين خمسة إخوة ذكور.
يعود نسبي من أبي إلى أسرةٍ دمشقيّةِ الأصل، ومن أمّي إلى أسرةٍ داغستانيّة. نفى السّلطان العثماني محمود الثّاني جدّي الشّيخ محمّد حلبي وأجبره على مغادرة وطنه داغستان مع أسرته بسبب نضاله لتحرير بلاده، وأقام في دمشق نهائيّاً وكان ذلك عام 1929.
تلقّيْتُ علومي في مدرسة تجهيز البنات إلى أن أصبح التّدريس في مدرستي باللغة العربيّة‘ وحين عاد الملك فيصل الأوّل من باريس خرجْتُ لاستقباله بزيٍّ مدرسيٍّ أُعِدَّ خصّيصاً لهذه المناسبة التّاريخيّة. وفي عام 1921 أُصِبْتُ بالحمّى التّيفيّة ونجوْتُ منها بأعجوبة ممّا أخّرني عن الالتحاق بالمدرسة سنة كاملة.
ولمّا أسِّسَتْ مدرسة(العفيف) القريبة من منزلي انتميْتُ إليها، وفي عام 1927 نلْتُ الشّهادة الابتدائيّة وانتقلْتُ إلى دار المعلّمات وكان صفّي قليل العدد لا يتجاوز ستّةَ عشرَ تلميذاً أمّا التّلميذات فلا يكادُ عددهُنّ يُذكر.
ظهرَ مَيلي إلى الأدب وأنا صغيرة، حتّى أنّ أحد أساتذتي تنبّأ لي بأنّي سأصبحُ أديبة مرموقة يوماً ما.. وهذا ما حدث فعلاً.. كانت هوايتي المفضّلة القراءة المستمرّة، لا تصرفني عنها مشاغل الحياة الكثيرة. وفي عام 1932 عاودني المرض وبقيْتُ طريحة الفراش سنة كاملة، انتهزْتُ فرصة المرض لأقرأ وأُشبِع هوايتي وأعُبُّ من ينابيع الأدب العربي والعالمي، كنتُ أقرأ عشرَ ساعاتٍ متواصلة يوميّاً أنتقلُ بين الأدب القديم والحديث والمترجم، إلّا أنّ قراءة القصص كانت هوايتي الأثيرة وكانت عندي الألذّ والأمتع، الأمر الّذي جعلني أستنفد جميع مؤلّفات محمود تيمور وتوفيق الحكيم وطه حسين وميخائيل نعيمة وغيرهم.
تزوّجْتُ من الطّبيب حمدي الإدلبي وأنا في سنّ السابعةَ عشرةَ دون أن أراه ولكنّه استطاعَ أن يراني خلسةً بمساعدة صديقةٍ للطّرفين وأنجبْتُ له ثلاثة أولادٍ هم ليلى وياسر وزياد وكنتُ قد انقطعْتُ عن تعليمي بسبب هذا الزّواج المبكّر ولكن لم أنقطع عن القراءة ولا عن الكتابة.
حقّقتْ أعمالي الأدبيّة شهرةً عالميّة فتُرجِمَتِ العديدُ من قصصي وكتبي إلى أكثر من عشر لغات منها الإيطاليّة والإسبانيّة والألمانيّة والرّوسيّة والصّينيّة والتّركيّة والأوزباكستانيّة، كما تمّ اعتمادُ عددٍ من قصصي القصيرة لتُدَرَّسَ في جامعات عالميّة كجامعات الصّين وإسبانية والولايات المتّحدة وروسيا وأوزباكستان. واحدة من مجموعاتي القصصيّة الأولى والّتي كان عنوانها(قصص شاميّة) شكّلَتْ منعطفاً مهمّاً في مسيرتي إذ أرسلْتُ قصّتها هذه عام 1947 إلى مسابقة إذاعة لندن لتفوزَ بجائزةِ أفضلَ قصّةٍ في الوطن العربي ما منحني ثقة عالية بالنّفس شجّعتني على إرسال قصّتي التّي تحمل عنوان (الدّرس القاسي) من المجموعة ذاتها إلى مجلّة (الرّسالة) المصريّة ذات الأهمّيّة العالية في عالم الأدب والصّحافة وكانت المفاجأة بنشر المجلّة لقصّتي ممّا زادني ثقة وإصراراً على المتابعة.
لن أتحدّث عن نشاطاتي في تحرير المرأة فعندما ترتطمون باسمي ستعرفون تلقائيّاً أنّني كنت بين كوكبة من النّساء النّهضويّات الّلواتي أسّسنَ بجهودهنَّ لمكانة المرأة السّوريّة وما وصلَتْ إليه من تقدّمٍ علميٍّ ونهضة ثقافيّة.
وافتني المنيّة في الثّاني والعشرين من آذار عام 2007 في باريس عن عمرٍ يناهز السّتّة والتّسعين.
تركْتُ ورائي إرثاً ثقافيّاً كبيراً من القصص والرّوايات والدّراسات الأدبيّة الّتي تميّزت بالواقعيّة والتّركيز على الحياة الشّرقيّة، وسجّلْتُ اسمي كواحدة من أكبر الأديبات السّوريّات والعرب، وحصلْتُ على العديد من شهادات التّقدير والجوائز العالميّة.
من كتبي مجموعات قصصيّة تحمل العناوين التّالية: قصص شاميّة ـ وداعاً يا دمشق ـ يضحك الشّيطان ـ عصيَّ الدّمع.
هل عرفتم من أنا؟!! أنا صاحبة الرّواية الشّهيرة الّتي أصبحت مسلسلاً دراميّاً لا ينساه من تابعه (دمشق يا بسمة حزن)، وأنا صاحبة الألقاب: رائدة الأدب النّسائي السّوري وأديبة الشّام.
هل عرفتموني؟؟! أنا الأديبة السّوريّة ألفت عمر باشا الإدلبي.. وكلّي فخر..
إعداد : كنانة ونّوس.