مقدمة : درجت تسمية يوم الشجرة بعيد الشجرة . إلا أن اسمه بالواقع هو يوم الشجرة وهو عيد يحتفل الناس فيه بالأشجار و يشجعون على زراعتها و الاعتناء بها و يعتبر يوم الشجرة يوماً عالميا يحتفل فيه بزراعة و حماية الغطاء النباتي في أغلب دول العالم و يهدف هذا اليوم إلى زيادة رقعة المساحة الخضراء .
إن فكرة يوم الشجرة جاءتنا من العادات الدينية القديمة . إلا أنه و في العصر الحديث و تحديداً في عام 1872 أسس جولياس مورثون يوم الشجرة في ولاية نيراسكا بأمريكا حيث تم تحديده في أمريكا بالعاشر من شهر نيسان من كل عام بعد ذلك أصبحت معظم دول العالم تحتفل بيوم الشجرة حيث لكل بلد يوم محدد في السنة للاحتفال به ومن ضمنها البلاد العربية
الاحتفال بيوم الشجرة في حماة : بعد جلاء القوات الفرنسية عن سورية عام 1946 . بدأت بلدية حماة بشق الطريق الجديد وهو الطريق الممتد حاليا من شمال المركز الثقافي في ساحة العاصي و حتى عقدة الشريعة لتبدأ بعدها البساتين مكان طريق المقصف حالياً.
كان الطريق الجديد محاذيا لنهر العاصي لذا ارتأى المجلس البلدي في حماة أن يقوم بغرس أشجار على الرصيف و من أجل تحقيق هذا الغرض قام بالاتصال مع مديرية الزراعة في حماة و أصحاب البساتين لتأمين شجيرات الأكاسيا و الزنزلخت . و ارتأى المجلس البلدي بالاتفاق مع مديرية المعارف ( التربية حاليا ) و الفوج الكشفي و مديرية الشرطة و مديرية الزراعة و مديرية المواصلات أن يكون آخر يوم خميس من عام 1947 هو أول يوم للشجرة الذي سمي فيما بعد بعيد الشجرة و ليكون يوماً احتفاليا جماهيريا
في الموعد المحدد المذكور أعلاه اجتمع أمام دار الحكومة بحماة طلاب المدارس و فوج الكشافة ( وهي تعزف الألحان الوطنية و التراثية) و عدد كبير من المواطنين ليتوجه الجميع و في مقدمتهم فوج الكشافة يليهم المحافظ و رئيس البلدية و مفتي حماة المرحوم الشيخ سعيد النعسان و المرحوم المطران أغناطيوس حريكة و رؤساء الدوائر حيث انطلق الجميع نحو أول طريق بساتين البشريات ( مكان عقدة الشريعة حاليا ) و خلفهم السيارات التي كانت تحمل الغراس و بعد وصولهم إلى المكان المذكور استعرض المحافظ و رفقاه ثلة من عناصر الشرطة التي أدت التحية الرسمية لهم ليباشر الجميع بغرس الشجيرات على طرف الرصيف المحاذي لضفة العاصي ابتداء من الشرق و هم متجهون نحو الغرب حتى وصولهم إلى ساحة العاصي حيث نهاية المسير . و في الأعوام التالية كان يوم الشجرة ينتقل كل عام إلى مكان آخر في المدينة كي يتم التشجير فيه و فيما بعد إلى المناطق . بعد ذلك ابتدأت باقي المحافظات تحذو حذو مدينة حماة حيث صارت تحدد يوم الخميس من نهاية كل عام يوما للشجرة .
في عام 1951 قررت الحكومة السورية أن تجعل من يوم الشجرة عيدا رسميا حيث صدر مرسوم جمهوري يحدد آخر يوم من العام ليكون عيدا للشجرة و لكي يصبح عطلة رسمية حيث استمر العمل بعطلة عيد الشجرة حتى أواخر الخمسينات ليصبح بعدها عيدا و لكن بدون عطلة رسمية حيث يتم الاحتفال به في جميع المحافظات . و لتنطلق المواكب إلى الأمكنة المحددة للتشجير في تلك المحافظات كذلك مع صدور مرسوم بتحديد يوم الخميس من نهاية كل عام عيدا للشجرة فقد صدرت مراسيم و قوانين من أجل حماية الثروة الحراجية و كافة الأشجار المثمرة حيث عاقبت تلك القوانين و المراسيم كل من يعتدي على الأشجار سواء بالقطع أو بالحرق أو بالإتلاف بالحبس و الغرامة . كما أن تلك العقوبات قد تم تشديدها منذ بضع سنوات في سبيل المحافظة على الثروة الحراجية و سلامة البيئة .
و هنا لا بد لنا من الحديث عن أقدم شجرة في حماة وهي شجرة المانوليا الموجودة حاليا في قصر العظم بحماة و التي يبلغ عمرها أكثر من مئة و ثلاثين عاما حيث يتوقع أنها زرعت عام 1885 في القصر بجانب بركة الماء حيث تحف بها نباتات الزينة . يبلغ طول الشجرة حاليا حوالى خمسة عشر مترا و قطر جذعها حوالى المتر و نصف و هي شجرة جميلة يانعة و دائمة الخضرة . و مع بداية فصل الربيع تطرح أزهارها البيضاء الكبيرة .
إن كلمة مانوليا في اللغة اللاتينية تعني حب النفس أو حب الذات و قد تغنى بها الشعراء فمن قصيدة مانوليا للشاعر الكبير نزار قباني أسوق هذه الأبيات .
يعلمني الحب ما لست أعلم
يكشف لي الغيب ، يجترح المعجزات
و ينثرني كعبير المانوليا في كل الجهات
و إلى ذاكرة حموية جديدة
المحامي معتز البرازي