حلق طائر الشحرور مع محبوبته في سماء حماة …
مرّا فوق العاصي ، والنواعير ، وحطّا فوق شجرة كبيرة في أحد البساتين.
قال لمحبوبته :
-هذه هي حماة .. كل الطيور تفد إلى حماة … قاصدة بساتينها تستمع لشدو النواعير .. وتستحم في مياه العاصي ..
تأكل من ثمارها الطيبة الناضجة .. تعالي نبني عشاً جميلاً فوق هذه الشجرة العتيقة الوارفة الظلال الغافية على كتف العاصي … نرى كل حماة من حولنا جميلة زاهية ..
ثم نستيقظ في الصباح ، نشاهد قباب مسجد أبي الفداء .. ونرى الآثار والأوابد منتصبة شامخة ، نحلق ونغرد فوق متاحفها الأثرية المتميزة وعند الأصيل نستنشق عبير الياسمين الغافي على أسوار بيوتها مضمخاً بأريج الفل معانقاً رائحة البيلسان المزروع في شوارعها الهادئة ..
جميلة حماة .. بكل فصولها.. رائعة بصيفها .. ساحرة بربيعها وخريفها .
دافئة بشتائها .
وقف يتأمل أمواج العاصي اللطيفة وهي تناجي الصفصاف والحور والرمان والجوز .. ثم قال :
أية عيشة أهدأ من العيشة في ظلال هذا الشجر ..؟ أي منظر أحلى وأمتع من هذه المناظر الساحرة .
إن حماة مدينة الموسيقا والأحلام .. فمن مسافة إلى مسافة تشاهد النواعير تحمل ماءها لتسقي الجنان والبساتين .. فكأنها نغمات موسيقية تخرج من هذه الدواليب الضخمة الهادرة .. إنني أعجز عن وصفها لك .
الشعر يفيض من كل ناحية من نواحي حماة ، وتغريد الطيور يستقبل نهارها ويودع مساءها ..
ما أرغد العيش هنا في مدينة الشعر والخيال .
بهذا الجرس الخلاب من الإبداع للطبيعة في حماة ودون إسهاب أو مبالغة يحضرني قول الشاعر أحمد صافي النجفي عندما زار حماة وفتن بجمالها فقال :
هذه حماة مدينة سحرية وأنا امرؤ بجمالها مسحور
يا ليت شعري ما أقول بوصفها وحماة شعر وشعور
رامية الملوحي
المزيد...