أعذار واهية تحول دون استثمار محطة تلتوت مياه الصرف الصحي تسرح وتمرح في تجمع بري الشرقي الكهرباء: خفنا من الحريق الصرف الصحي: المحطة تنمية مستدامة
مياه المجاري أصبحت على مشارف مدينة سلمية وكارثة بيئية على الأبواب. مياه ملوثة تتخلل المزارع وتجاور المنازل, سموم تحمل ماتحمله من طفيليات وجراثيم وروائح كريهة تسبب أمراضاً وأذيات وعوامل ممرضة أقلها اللشمانيا والكبد الوبائي وأمراض الجهاز الهضمي, عدا عن كونها بيئة مثالية للحشرات والقوارض.
كل هذا يحدث فعلاً وهو واقع تعيشه مئات الأسر في منطقة تجمع عشرة قرى في ريف سلمية الشرقي تعاني منه يومياً نتيجة مرور مياه الصرف الصحي في أراضيها منذ أكثر من عام كامل وذلك بعد التوقف عن تشغيل محطة معالجة مياه الصرف الصحي في قرية تلتوت , فالمحطة تهدف إلى معالجة مياه الصرف الصحي لعدة تجمعات سكنية وهي تلتوت ـ بري ـ تلجديد ـ المفكر ـ فريتان ـ العوينة.
استثمار المحطة متوقف!
ويذكر أن المحور الإقليمي المخدم لهذه التجمعات منفذ بالكامل وموصول إلى المحطة, التي تبعد 3 كم شمال غرب قرية تلتوت, وتعتمد طريقة المعالجة على النباتات (قصب الزل), وتجاوزت نسبة التنفيذ الحالية 95% ولكن استثمار المحطة والتشغيل التجريبي متوقف منذ عام بسبب التأخر في تأمين التغذية الكهربائية من قبل الشركة العامة لكهرباء حماة رغم قيام شركة الصرف الصحي بتسديد كامل التكاليف المادية الخاصة بالأبراج والكابلات ومركز التحويل إلى الشركة العامة للكهرباء.
سيصل التلوث إلى سلمية
المهندس خالد يوسف رئيس بلدية تلتوت قال : بلغت نسبة الإنجاز في مشروع المحطة80 % وفي عام 2011 توقف العمل في المشروع بسبب الظروف الأمنية وتم سحب الأعمال من المتعهد وفي عام 2017 تم تكليف متعهد جديد لاستكمال العمل في المحطة, وفي عام 2018 كانت جاهزة للعمل في النصف الثاني من العام نفسه وطلبت شركة الصرف الصحي من البلديات المستفيدة من محطة المعالجة ربط الشبكة الداخلية على المحور الإقليمي المؤدي إلى المحطة لزيادة الوارد المائي, وبعد عملية الربط لم تتمكن شركة الصرف الصحي من تشغيل المحطة علماً أنها سددت كل مايترتب عليها من تكاليف التوصيلات الكهربائية, وحتى تاريخ اليوم يتابع الموضوع , ويمكن القول: إن هذا التأخر في تشغيل المحطة شكل بحيرة من المياه المالحة على مجرى السيل الموازي لخط الضخ في المحطة ووصل إلى حي السبيل الذي لايبعد عن مدينة سلمية سوى 3 كم فقط.
كارثة بيئية بانتظار الحل
فالأمر لايمكن السكوت عنه وخاصة في فصل الصيف حيث الضرر يزداد خطورة وانتشاراً, فالتلوث الحاصل كما قالت ناهد فرحة مسؤولة الدائرة الفنية في بلدية تلتوت نتيجة مرور مياه الصرف الصحي في الأراضي الزراعية بات يهدد بكارثة بيئية حقيقية سواء على صحة السكان أو المزروعات نتيجة تسرب المياه الملوثة إلى المياه الجوفية والآبار وعبر الأراضي الزراعية مؤدية إلى تلوث جرثومي للمياه و المزروعات, عدا عن أنها بؤرة للحشرات ناقلة الأمراض والقوارض وغيرها.
الأهالي ينتظرون
أهالي التجمعات السكنية ينتظرون بفارغ الصبر تشغيل المحطة ويأملون حل مشكلة الكهرباء كي يتخلصوا من الآثار السلبية لهذه المياه الملوثة، التي أصبحت جزءاً من همومهم اليومية ومنغصاً لحياتهم, ولتخفيف الضرر والحد من الأخطار الجديدة المحتملة.
توقف المحطة أوقف تنفيذ الطريق والكهرباء
فالأمور لاتقف فقط عند توقف تشغيل المحطة وحسب، وإنما ثمة خدمات أخرى لاتقل أهمية عنها قدر لها أن تغيب عن المواطنين في هذه التجمعات تنتظر الحلول، وشاءت الظروف أنها مرتبطة بتشغيل المحطة ارتباطاً وثيقاً، إحداها هو الطريق الذي يربط التجمع بالمحطة والذي يصل طوله إلى 2400 م ، ويخدم الأهالي والتجمع السكني والأراضي الزراعية, حيث بلغت كلفته /75/ مليون ل.س يمتد من طريق عام سلمية ـ تلتوت إلى المحطة بحاجة إلى تعبيد وتخصيص اعتمادات مالية فهو حالياً طريق ترابي يشكل المرور فوقه صعوبة بالغة في التنقل في الصيف والشتاء.
وأهالي حي الجيجاوية / مزرعة الخالد/ المتضررين الأساسيين
يعتبرون تنفيذ الطريق أصبح ضرورة ملحة جداً سواء من قبل الإدارة المحلية أو الموارد المائية, ويناشدون الجهات المعنية بتنفيذ الطريق لما له من أهمية تخديمية كبيرة بسبب المعاناة البالغة التي يجدها المواطنون يومياً في المرور فوقه .
الطريق سيء
وأثناء زيارتنا الميدانية لهذا الحي التقينا مجموعة من الأهالي للوقوف على معاناتهم:
حسان عبد الكريم طالب جامعي ومزارع يعيش مع أسرة كبيرة منذ سنوات في حي الجيجاوية المؤلف من عدة منازل ويقول: نحن مضطرون للعيش هنا كون أراضينا الزراعية موجودة في المنطقة منذ أربعين عاماً ،ويتعذر علينا الانتقال للعيش في مكان آخر كون أراضينا منتجة ونشرف على مواسمها, ولكن هذه المنطقة تفتقر إلى جميع مقومات الحياة والخدمات الأساسية بدءاً من الطريق الترابي غير الصالح للتنقل عليه, وتعرض آلياتنا بين الحين والآخر لأضرار، مع الحاجة الدائمة لاستبدال العجلات وشراء قطع للصيانة بسبب وعورة الطريق, ولايقف الأمر عند الطريق بل لدينا مشكلة أخرى تتمثل في غياب الطاقة الكهربائية بالكامل عن منازلنا, ونستعيض عنها بألواح الطاقة الشمسية كبديل وحيد لم يبق أمامنا سواه, وتصل كلفته بين 300 ألف ل.س و3 ملايين ل.س, حسب حجم الجهاز وتختلف استطاعة كل جهاز ونطاق الاستفادة منه, حيث إن بعض الأسر ليس لديها إمكانية مادية لشراء أجهزة كبيرة واكتفت بالصغيرة منها، ولكن لأغراض بسيطة لتشغيل أجهزة الإنارة فقط ولمدة لاتتجاوز الساعتين في اليوم بأكمله، أما الأجهزة الكبيرة ذات التكاليف الباهظة قادرة على تشغيل الثلاجة والمراوح والإنارة وغيرها ولكن على مراحل وبأوقات متقطعة, حيث لايمكن تشغيل جميع الأجهزة الكهربائية معاً.
فلو أن الكهرباء متوافرة بشكل جيد لكنا استطعنا استثمار الطاقة الشمسية في مشاريع وأمور أخرى أكثر فائدة مثل استخراج المياه من الآبار لسقاية الأراضي, بدلاً من المولدات التي كلف شراؤها مبالغ كبيرة. وأضاف المواطن نفسه أن الطريق الرئيسي الواصل إلى الحي بغاية السوء ويشكل معاناة كبيرة وخاصة في فصل الشتاء بالنسبة لطلاب المدارس وتعبيده مطلب ملحّ وضروري .
نريد كهرباء لتخفيف الأعباء المادية
عدنان شهاب وغيره من أبناء المنطقة لايرون سبباً لمنعهم من نعمة الكهرباء سيما أن توزع الخزانات الكهربائية المجاورة لحيِّهم تم توزيعها بشكل عشوائي, حيث يفترض أن يبعد كل خزان عن الآخر مسافة 1200م, بينما الخزانين الموجودين حول الحي لايبتعدان عن بعضهما سوى 90 م، ولايخدمان حي الجيجاوية رغم وجود عدة منازل مستفيدة وداخل كل منزل تسكن خمس أو ست عائلات بحاجة إلى تزويدهم بالكهرباء.
المولدات وغلاء المحروقات
خالد الصالح قال: غلاء المحروقات مشكلة أخرى تعيق استخدام المولدات الكهربائية كبديل عن الكهرباء, حيث لايوجد عقل يقبل هذا الوضع, فكل ماتنتجه أراضينا يذهب لشراء أجهزة الطاقة الشمسية والمولدات الصغيرة للإنارة والكبيرة لاستخراج مياه البئر وأيضاً لشراء المبيدات الحشرية بسبب انتشار الحشرات كالذباب والبعوض داخل المنازل, وهذه جميعها تكبدنا مبالغ مادية إضافية.
لاهاتف ولا إنترنت
مواطنون آخرون أكدوا أن خدمة الهاتف أيضاً غائبة تماماً رغم وجود الخطوط وتمديدها لكل بيت ولكنها غير مفعّلة وهذا يشكل أيضاً عرقلة وتكاليف زائدة نتيجة الاعتماد على الاتصالات الخلوية وخطوط السيرف للحصول على الإنترنت للتواصل مع الآخرين, بسبب غياب خدمة الهاتف الثابت.
خارج التوسع
ولدى سؤال رئيس مجلس بلدية تلتوت المهندس خالد يوسف عن السبب وراء عدم تنفيذ الطريق وغياب الكهرباء وغيرها من خدمات عن حي الجيجاوية، جاء الجواب بأن مزرعة الخالد / حي الجيجاوية، واقعة خارج التوسع، مايجعلها خارج نطاق الخدمات المقدمة ولكن ثمة أمل كبير في تنفيذ الطريق ومد شبكة الكهرباء على خلفية تشغيل المحطة, فعندما يتم الإقلاع بعمل المحطة سيتم تحسين الواقع الخدمي لهذه المنطقة المجاورة لمحطة المعالجة.
الكهرباء: أيام قليلة ونستثمرها
وبما أن الكرة في ملعب الكهرباء فيما يتعلق بتشغيل المحطة قمنا بالتواصل مع المهندس فيصل وردة وأوضح أن التأخير الحاصل في مدّ الكابلات الكهربائية إلى محطة معالجة مياه الصرف الصحي في قرية تلتوت، سببه عدم توافر الكابلات لدى الشركة العامة لكهرباء حماة ولكننا مؤخراً قمنا بشراء وتأمين هذه التوصيلات الكهربائية ولكن لم نقم بتمديدها بسبب وجود الزرع اليابس حول الأبراج, وقمنا بحصد الزرع مؤخراً , خوفاً من الحريق, ولكننا في القريب العاجل سوف نقوم بتشغيل المحطة بعد إزالة الزرع, فجميع الأمور تحت السيطرة, وتم حلها وهي مسألة أيام قليلة سنباشر فيها العمل في تشغيل المحطة المتوقفة.
محطات المعالجة تنمية مستدامة
مدير عام شركة الصرف الصحي في حماة وحيد اليوسف عدّ أثناء لقائنا معه في محطة المعالجة أن الغاية من تنفيذ محطة تلتوت هي الاستفادة من المياه الخارجة واستثمارها في سقاية الأراضي الزراعية،إضافة إلى تحقيق مردود اقتصادي، حيث إن محطات المعالجة قادرة على إيجاد حلول مستوحاة من الطبيعة يمكن استغلالها في تنفيذ شبكة ري حكومية وتوزيعها على الفلاحين لري أراضيهم الزراعية وكذلك في تسميد التربة من خلال الحمأة المستخرجة من عملية المعالجة، وبيعها للفلاحين بأسعار رمزية لاتتجاوز 350 ليرة للمتر المربع وهي مواد عضوية كاملة أي خالية من أي مواد ضارة للتربة والأهم هو دور المحطة في الإسهام برفع الملوثات عن تجمع ناحية بري الشرقي بالكامل وإزالتها بنسبة 75% من مياه الصرف الصحي.
سلاف علي زهرة