ظاهرة تتجلى يوماً بعد يوم وتتضح أكثر فأكثر مخاطرها وانعكاساتها السلبية على مختلف أفراد مجتمعنا .. ظاهرة تستحق الوقوف عندها والحديث عنها بحسرة وألم .. إنها ظاهرة رفاق السوء.
يابني .. احذر الشارع ورفاق السوء..
لكن أين هو الشارع ، ومن هم رفاق السوء..؟! سؤال طرحناه على عدد كبير من الأفراد والأسر في بلداتنا وقرانا ومدننا فتباينت الآراء وتعددت الإجابات..
المهم بكل أسف إنه شارعنا ، ورفاق السوء أبناؤنا أو زملاء أبنائنا شئنا أم أبينا وسنعي جميعاً هذه الحقيقة ، على أساس وحدة المجتمع ، لذلك لا يعتقد أحدكم أنه في منأى عن ما يجري، هاهم ينسلون عن مقاعد الدراسة وعلى الأرصفة يتوزعون، أحدهم يحمل علبة سكاكر أو مسكة .. وآخر يلوح ببعض علب السجائر وثالث يرمح خلف السيارات وفي جوانب الشوارع مدللاً على بضاعة تتشكل من مجموعة من عبوات الخبز ونحن زبائنهم .. نحن الذين نربيهم .. فلا تتجه أصبع واحدة تلوح باتهام إنسان دون إنسان.
لم تعد المدرسة بمكان يحمي من الفقر أو التشرد أو الحاجة الملحة .. نحن الذين دفعنا بالصبية إلى الشوارع ليلموا رزقهم باعوا سجائر أو خبزاً يابساً لافرق المهم أن يعودوا إلى منازلهم وفي جيوبهم بعضاً من نقود لاتتيسر حتى لآبائهم في المؤسسات .. بعضهم يدفع بأطفاله مضطراً إلى الشارع من أجل سترة الحال وبعضهم الآخر يدفعهم من أجل الوضع الأفضل، وآخرون من أجل النزوع الكبير واللامنطقي نحو الاستهلاك والثراء بسرعة .. وذلك كله بفعل العامل الاقتصادي هذه بعض الإجابات التي حصلنا عليها خلال استبيانات أجريناها على عدد كبير من الأسر والآباء والأمهات.
حيان محلا باحث اجتماعي يرى: أن تناقص فرص العمل وتزايد متطلبات الحياة وتكاليفها خلال السنوات القليلة الماضية دفع الكثير من الناس لممارسة أعمال إضافية أو أساسية يغلب عليها الطابع الاستهلاكي حتى تحول عمل هؤلاء الأفراد إلى مشكلة حقيقية.
وقد تكون رفقة السوء أحد نتائج هذه الأعمال العشوائية البعيدة عن مراقبة الأهل.
إن وجود الصبية في الشارع ربما يكون مشهداً عادياً ومألوفاً في معظم المدن وبلدان العالم ، ونحن ندرك تماماً أن وجود هذه الظاهرة أمر طبيعي ضمن إطار المعقول.
ولكن عندما يتجاوز الموضوع مظاهر المعقولية يجب التوقف عنده ودراسته بشكل يمكننا من فهم أبعاده الحقيقية ومايمكن أن يؤدي إليه من نتائج .. والجهود التي تبذل على هذا الصعيد ينبغي أن تنصب جميعها في العمل على الحيلولة دون تفاقم هذه الظاهرة وتطورها.
من خلال توظيف الشباب في العمل المثمر وتحقيق التباين والتوازن بين الأسعار والأجور إضافة إلى التعامل بحزم مع موضوع تسرب الأطفال وجيل الشباب من المدارس.
الأطفال .. إلى أين
هذا الجيل الناشىء الذي يخلفنا في صنع المستقبل أين يمضي وقته وكيف أين يعيش؟؟
ترى هل يجمع الطفل بين المدرسة والبيت؟
وهل تعني له السعادة شيئاً وهو موهوب إلى الأرصفة والشوارع أسئلة مشروعة نترك الإجابة عنها للجهات المعنية؟
وخلاصة القول: نحن أمام ظاهرة اجتماعية سلبية يجب الاعتراف بها وإيلاؤها قسطاً هاماً من البحث والنقاش والمعالجة.
أخيراً:
أمام هذا الواقع ينبغي التعامل مع الجيل الناشىء وبشكل أكثر عمقاً وإنسانية حيث لاتبدو المسألة وكأنها مجرد رفقة سوء أو تسرب من المدرسة بل أكثر وأعمق من ذلك.
فالأطفال والمراهقون لن يتعلموا من الشارع إلا ماتلفظه لهم رفقة السوء.
فعذراً من المحللين الاجتماعيين وبكامل التقدير للنصيحة الخالدة بالابتعاد عن الشارع ورفقة السوء.
توفيق زعزوع