لاحظت أن معظم هدايا الناجحين في الشهادتين الإعدادية والثانوية كانت جوالات حديثة ومميزة، والسؤال: هل من حق الشباب المراهق امتلاك جوال ؟ هل لديهم مسؤوليات وأشغال تقتضي منهم حمل هذا الجهاز في الشارع أو في كل مكان؟ هل لديهم أعمال تجارية أو ماشابه ذلك..؟
طبعاً نتذكر الكثير من القصص السيئة عن استخدام المراهقين للجوال من السرقة، إلى تصوير المعلمين أو الفتيات إلى جرائم الشرف بسبب تناقل صور لفتيات عبر البلوتوث، وكثيرة أكثر تلك القصص التي لانعلم بها،لكنها موجودة وتنخر بأخلاق شبابنا بطريقة لاتقبل الاستهتار أو التقزيم لما لها من تداعيات تراكمية.
فالتجارب والمعطيات تشير إلى أن مراهقة ومراهق مع جوال يؤديان إلى وجع رأس ومشكلات وخصوصا إذا كان المراهق أو المراهقة من النوع اللعوب والمستهتر.
المشكلة
هذه الآلة الصغيرة (الموبايل) أوقعت الأهل في حيرة من أمرهم هل عليهم تمكين ابنهم أو ابنتهم منه أم هو سيتمكن منهم.؟ أي إن بعضهم أكد وجوده مع الأبناء تحت ذرائع مختلفة لاسيما الأحداث التي مرت بها البلاد ومازالت بعض المناطق تعاني منها، والبعد عن المدرسة وغير ذلك من الأسباب ،وأحياناً تحت ضغط الأبناء على مبدأ المساواة مع أقرانهم ووو والبعض الآخر وجدوا به نقمة عليهم،خاصة أصحاب الدخل المحدود لأنه يثقل كاهل الأسرة في مصاريف زائدة عن الحاجة لم تكن في حسبانهم،والبعض قالوا :
إنه شر لا بد منه ترف ومصروف زائد
سليمان معلم :يرى أن الجوال في يد المراهق نوع من الترف غير المبرر الذي سيجعل من شخصية الابن شخصية مدللة ومترفة،وبالتالي سيضعف ذلك لديه نوازع الاعتماد على الذات والبحث عن عوامل النجاح في الحياة ويرفض حيازة المراهقين له رفضاً قاطعاً إيماناً بالعجز في ضبط تلك التقنيات وما يعني ذلك من أن هامش تعرض ابنهم للمثيرات غير السوية سيزداد ما سيرفع من احتمالات انحرافه خلقيا.
أبو حسام موظف:أولادي الأربعة ينفقون على الجوال شهرياً آلاف الليرات مابين الوحدات واستبدال الأجهزة بأحدث، وهذا مرهق لنا،لكني لم أستطع أن أمنعه عنهم لأنني لا أريد أن ينتابهم إحساس بالتقصير مني على الرغم من قناعتي بمساوئه.
آراء متناقضة
الصيدلانية سلام تقول: إن حمل طفلها للمحمول يسهم في تنمية استقلاليته وتقوية شخصيته وتعزيز شعوره بالاعتماد على ذاته، ولابد من تربية الطفل على التقنيات الحديثة وتوضيح مساوئها ومحاسنها ،والتركيز على حسناتها،يجب أن يفهم أولادنا أن هذه التقنية وجدت ليستفيدوا منها وليس للإساءة للآخرين أو لأنفسهم.
أحمد موظف:إذا كان الجوال ضروريا للطالب،فأقل شيء على الأهل أن يقوموا بتوعيته حول مضار ومنافع هذا الجهاز ومراقبته بأيدي أولادهم بشكل دائم،لكننا للأسف نحن نعاني من نظرة الأهالي أنفسهم لهذه الأمور فالكثير منهم يفاخر بنوع الجوال الذي أعطاه لولده بأنه آخر موديل دون الانتباه إلى تصرفاته أو كيف يتعامل مع هذا الجهاز وخاصة البنات.
المحامي محمد ش:الهاتف الجوال له سلبيات كبيرة على الشباب،وخاصة المراهقين ،فهو يشغلهم عن الدراسة،ويمكنهم من ربط علاقات مشبوهة مع أشخاص غير معروفين وذلك يمكن أن يعرضهم للابتزاز بالإضافة إلى أنه يفقدهم التركيز في حياتهم اليومية والدراسية، كما أنه يدفع الأطفال والمراهقين إلى السرقة من أجل شحن هواتفهم بالوحدات خاصة وأنهم يفتقدون إلى الوعي وهم بحاجة إلى مزيد من الرعاية والإحاطة من الأولياء وهو مالايتوافر في أغلب الأحيان.
سألت أحد الشبان الذي كانت هدية تفوقه في الصف التاسع عن رأيه بالجوال فأخبرني: بأنه لا يحب أن يسمع المقولة التي يكررها الأهل أننا في مثل عمركم لم نكن نفعل كذا أو نلبس كذا، ولم نكن نملك جهازاً نقالاً،هذه هي طبيعة الحياة اليوم التي أصبح فيها حمل الجوال أمراً عادياً بل أقل من عادي. الوقائع تشير إلى أن الجوال كان السبب في هروب بعض الطلبة من المدارس وترك الدروس لملاقاة الفتيات بعد الاتصال والمواعدة واللقاء في الحدائق أو المطاعم العامة، وهنا ساعد الجوال على انفراج في العلاقات العاطفية وسهولة التواصل وكثرة اللقاءات بعيدا عن الرقابة البيتية وبإمكان المراهقين إيهام الأهل بأنهم يدرسون في غرفهم ولكنهم يتحدثون بهواتفهم ويتواصلون بالصوت والصورة مع الآخرين، وهنا يطول الحديث عن المخاطر التي يمكن أن تحدث مع المراهق نتيجة الجهل بالتقنيات التي تمكن الطرف الآخر من سحب الصور أو مقاطع الفيديو والتلاعب بها عن طريق الفوتوشوب وتركيب الرأس على جسم آخر وإلى ما هنالك من تقنيات قد تعرض المراهق للابتزاز والانزلاق في مهاوي الخطأ.
أخيراً:
يرى البعض أن قلة الدراسات والأبحاث عن مخاطر انتشار الجوال في أيدي المراهقين يتعلق بالشركات المنتجة للجوالات فهي شركات ضخمة وقوية وليس من مصلحتها إجراء هذه الأبحاث العلمية عن تأثير الخليوي، بالإضافة إلى أن الدراسة مكلفة وتحتاج إلى وقت طويل وتجدر الإشارة إلى أن بعض الشركات تعمل على تجهيز طراز الهواتف الحالية بأن تضيف سمات وملامح تجذب الصغار والبحث دائماً عن الطريقة التي يمكن فيها جذب المراهقين واكتشاف طريقة حياتهم وكيف تتناسب الجوالات معهم كيف يستمعون للموسيقا وأي أنواع من الرسومات التعبيرية يستخدمون… والمؤسف أن الأهل الذين لم يمنحوا ابنهم جوالا باتوا في خانة المقصرين بحق أولادهم ويجعل الابن في خانة المحروم ممايملكه معظم أقرانه. ونحن ندفع إراديا مئات الملايين لتدمير أولادنا .
فيصل يونس المحمد