مصياف من المناطق السياحية الهامة ليس في محافظة حماه فقط بل على مستوى القطر، حيث تمتلك العديد من العوامل الطبيعية بالإضافة إلى العوامل البشرية التي ساعدت على قيام السياحة فيها ومن أهم العوامل التي ساعدت على قيام السياحة العوامل المناخية حيث تعد منطقة مصياف من المناطق ذات الحرارة المعتدلة الملائمة جداً لسياحة الاصطياف، وخاصة في فصل الصيف، إضافة إلى وجود غابات من السرو والصنوبر والسنديان التي تكسو قمم الجبال ما يعطيها منظراً رائعاً تبتهج له القلوب والأبصار .
و تمتاز منطقة مصياف بسيادة رياح معتدلة السرعة في غالبية أيام الصيف هذه الرياح التي تزيد في اعتدال درجة الحرارة تشكل عامل جذب كبير للسياح خاصة من المناطق الحارة، كما أنها غنية بالمغاور والكهوف والينابيع ذات المياه العذبة في العديد من القرى.
وفي مصياف العديد من المنشآت السياحية الحديثة بالإضافة إلى الأوابد الأثرية والقلاع فهي زاخرة بالمعالم الأثرية التي تدل على عظمة المنطقة وعراقتها ولا توجد قرية في المنطقة تخلو من وجود معلم أثري يتمثل إما بالقلاع أو الأديرة ـ أو المقابر التاريخية بالإضافة إلى التلال الأثرية في كل قراها .
منشآت خاصة
تحتوي مصياف عدداً كبيراً من المنشآت السياحية ولكنها تتبع للقطاع الخاص الذي لا يمكن الأغلبية العظمى من سكان مصياف من الدخول إليها كون أسعارها لا تقارب بالنسبة للطبقة العاملة، فأغلب سكان المنطقة هم من ذوي الدخل المحدود والمهدود، وإن لم يكن حديثنا طبعاً عن السياحة بأبهى صورها، فحتى السياحة الشعبية باتت صعبة المنال على هذه الطبقة.
مكلف ومرهق
يقول أحمد ـ موظف ـ ولديه ٤ أولاد السياحة أو حتى الخروج خارج المنزل بات مكلفاً ومرهقاً في وقت واحد، بعد (نق) الأطفال للخروج فأبعد مشوار يمكننا أن نذهب إليه هو للمناطق القريبة، فالنقل مكلف جداً جداً فالسيارة مثلاً تطلب مبالغ باهظة لمسافة أقل من ٢ كيلو متر، البارحة خرجنا لمكان قريب طلب سائق السيارة ٥٠٠ ل.س والمسافة استغرقت أقل من ٥ دقائق، ولكن معنا عدة الرحلة فاضطررنا لطلب سيارة أجرة، فكيف بمسافة أبعد وهذا لم نتحدث عن متطلبات الرحلة.
ليس لدينا قدرة
تقول سعاد ـ ربة منزل ـ : أتمنى أن يكون لدينا القدرة للقيام بنزهات ومشاوير لنا ولأطفالنا صيفاً، ولكن ضيق ذات الحال يمنعنا، في منطقتنا مسبح إذا فكرنا بزيارته وطبعاً هو الأرخص بين الأماكن الأخرى حيث الدخول اليه بـ «٣٠٠» ل.س للشخص ونحن كعائلة مكونة من ٥ أشخاص سندفع ١٥٠٠ ل.س ثم تأتي احتياجات الأسرة بما يقارب الـ ٥ آلاف وهو أقل مبلغ يمكن دفعه، ومع أجرة السيارة يصبح تكلفة المشوار ١٠٠٠٠ ل.س وراتب زوجي ٤٠ ألف ليرة أي إن يوماً واحداً يكلفنا ربع الراتب وهو مشوار سياحي محلي شعبي بامتياز، فكيف إذا فكرنا بمشوار أبعد.
غياب مصطلح السياحة الشعبية
يقول سامر :دخول أسرة متوسطة الدخل لمطعم وتناول وجبة عشاء قد تبقيها نصف شهر بدون طعام، ولأن القيام برحلة خارج المدينة يكلفها ادخار سنة كاملة، حتى وصلنا لغياب مصطلح السياحة الشعبية عن ذهن الكثيرين، واقتصرت الرحلة على جلسات بأطراف الطرقات أو في الحدائق تلجأ إليها عائلات ذوي الدخل المحدود هرباً من ضغوطات الحياة والعمل التي تفوق وطأتها حر الصيف.
الرحلات الجماعية
برزت في الآونة الأخيرة فكرة اجتماعية قد تكون ناجحة في مجال السياحة وهي القيام بالإعلان عن رحلات جماعية تحدد فيها طرق الرحلة وساعة الانطلاق والعودة حيث تكون في بولمانات كبيرة أو متوسطة وبتكلفة تكاد تكون مقبولة نوعاً ما بالنسبة للشخص ولكنها مكلفة في حال كانت لأكثر من شخص في الأسرة لأن تكلفة الشخص الواحد تتراوح بين ٣٥٠٠ و ٥٠٠٠ ولكن الهدف منها تقسيم أجرة الباص على مجموعة كبيرة.
الغلاء هم مشترك
ويرى نادر زيارة المطعم بالأمر الصعب بالنظر لدخله الذي لا يتجاوز ٣٥ ألف ليرة، ووصف رواد المطاعم هذه الأيام بالطبقة (الهاي هاي) ويقول: حتى المطاعم الشعبية التي كانت للبسطاء لم نعد قادرين على زيارتها منذ سنوات لارتفاع أسعارها ، ويتابع: فاتورة أي مطعم تتجاوز 30 ألف ليرة وهو مبلغ كبير بالنسبة لدخلي ويتذكر محمد آخر زيارة له لمطعم منذ خمس سنوات .
ابتعاد قسري
غابت فكرة زيارة المطاعم عن بال شريحة واسعة حيث رمى ارتفاع الأسعار بثقله على كاهلهم فيقول موسى: لماذا نزور المطعم ونقضي طول الوقت بالتفكير بقيمة الفاتورة التي سندفعها !!
فيما وصف صاحب أحد المطاعم ارتفاع الأسعار بالهم المشترك بين الزبون وصاحب المطعم، حيث بات من الصعب المحافظة على نفس سوية الخدمة المقدمة بالأسعار القديمة، لتزداد الهوة بين التكاليف والأسعار ففي الوقت الذي زادت الأسعار بنسب فاقت الـ 100% ، يجد صاحب المطعم صعوبة بزيادة السعر 50 أو 100 ليرة على الشخص الواحد. كما أن كتلة المصاريف المرتفعة المترتبة على المطاعم من كهرباء ومواصلات وأجور ومحروقات ، وما أصاب هذه الكتلة من تضخم نظراً للارتفاع الشديد بأسعارها ترافقت بانخفاض عدد الزبائن واقتصادهم بالطلبات، الأمر الذي يشكل خطراً على السياحة الداخلية وحتى الشعبية حيث وصلت سندويشة الفلافل لسعر ٤٠٠ ليرة في تلك المطاعم وهذا يقضي على آمال المطاعم الصغيرة التي تسعى لتطوير خدماتها وتقديم وجبة محترمة بسعر مناسب.
جلسات شعبية
رئيس مجلس مدينة مصياف المهندس سامي بصل قال: نقوم بالعمل على تطوير السياحة الشعبية من خلال زيادة الخدمات وتخديم بعض المواقع في المدينة، حيث تم وضع مقاعد خشبية في عدد من الطرقات والشوارع في مصياف مثل طريق مصياف الزينة، وحول القلعة، وهناك بعض الحدائق المستثمرة وهي من أملاك البلدية والمستثمرون يخدمونها بشكل جيد، سواء بالألعاب أو الكافيتريات بأسعار مقبولة، ويعد مقصف الوراقة أيضاً شعبياً نظراً للإقبال الكبير عليه ولكون أسعاره مناسبة، يمكننا القول: إن السياحة الشعبية في مصياف تحسنت خلال السنوات الأخيرة نظراً للإقبال الشديد لزيارتها من خارج المنطقة وحتى من المدن الأخرى، ونحن نعمل على تحسين واقع المدينة وتخديمها.
لا يمكننا القول بان السياحة عموماً والشعبية منها خصوصاً بخير، فسياحة بدون مال (بهدلة)، والمال غير متوافر ولا مجال أبداً لجميع نظريات الاقتصاد وشد الأحزمة من أن تنجح في العمل على إنعاش السياحة التي باتت في الإنعاش وتلفظ أنفاسها الأخيرة مالم تجد من يضخ الأوكسجين في أوردتها.
ازدهار صقور