104 هكتارات لم توزع للجمعيات السكنية 31 ألف منتسب ينتظرون دورهم بعضهم من 20 عاماً..مديرالتعاون السكني: مجالس المدن غير متعاونة
لن نأتي بجديد عندما نقول: إن حركة مشاريع التعاون السكني تسير كبطء السلحفاة منذ عقود، بينما يسير الزمن، حركة البناء، تزايد السكان، كقفز الأرنب، ربما تغيرت خلال سنوات الحرب بعض معطيات التسارع لكن بالتأكيد فإن التعاون السكني لن يكون بعد انتهاء الأزمة قادراً على مواكبة حركة العصر.
وللإجابة عن هذا السؤال قصدنا مدير التعاون السكني في حماة المهندس عماد جمول الذي عدَّ في حديثه ـ وهو محق تماماً ـ أن مشكلة التعاون السكني والسكن بشكل عام مزمنة ومعقدة جداً وهي متراكمة منذ سنوات طويلة لغياب الحلول الصحيحة وفشل السياسات الإسكانية على مدار سنوات سابقة طويلة، وبالرغم من وجود عشرات آلاف المساكن الفارغة وعلى العظم فلا يوجد سكن للمواطن بسبب الارتفاع في الأسعار حيث يصل سعر المتر المربع في بعض المناطق إلى مليون ليرة.
أسباب
ويفند جمول أسباب المشكلة إلى:
ـ قدم القوانين والأنظمة المتعلقة بالتخطيط العمراني وغياب التخطيط الإقليمي، وبعض القوانين عمرها عشرات السنوات كقانون الاستملاك رقم /20/ لعام 1983 والقانون 26 لعام 2000 ،أما المرسوم 99 لعام 2011 فلم تصدر تعليماته التنفيذية حتى الآن، وبالمجمل فإن القوانين لاتتلاءم مع الواقع وتستغرق وقتاً طويلاً في ظل الحاجة للإنجاز السريع .
ـ عدم تأمين المقاسم المعدة للبناء وهذا مسؤولية مجالس المدن والمؤسسة العامة للإسكان فآخر استملاك من المؤسسة كان امتداد حي الوفاء /104/ هكتارات في عام 2011.
أراضٍ كثيرة!!
ومشكلة التعاون السكني بهذا الجانب بشكل أساسي:
ـ مع مجالس المدن التي لاتتقيد بالكتب والتعاميم الصادرة عن وزارة الإسكان إضافة للتأخر في توسيع المخطط التنظيمي.
ـ مع المؤسسة العامة للإسكان التي لديها مقاسم وأراضي كثيرة ونسب إنجاز ضئيلة جداً، ففي سكن الادخار مثلاً تم الإعلان عن 12200 شقة على مستوى القطر منها 1000 في حماة وبلغ عدد المكتتبين 1000 على مستوى القطر منهم 41 مكتتباً في حماة.
ورغم ذلك فإن وزارة الإسكان ـ حسب جمول ـ تتعامل بمبدأ خيار وفقوس في توزيع المقاسم للجمعيات، فقد قامت بتخصيص 90% من المقاسم للجمعيات وبتوزيع 9900 شقة من أصل 12 ألف شقة في ضاحية الفيحاء بدمشق وهذا مالا نجد له شبيهاً أو مثيلاً بحماة، فالأراضي المخصصة للتعاون السكني لاتكفي المكتتبين الحاليين، بل إن الـ 104 هكتارات المستملكة لم توزع على الجمعيات رغم الحاجة الماسة للأرض للأعضاء المنتسبين منذ عشرات السنوات ، وبعضهم مازال ينتظر هذا الأمل منذ أكثر من 20 سنة.
التمويل مشكلة كبرى
أما المشكلة الأعقد حسب حوارنا مع جمول فهي التمويل، فالأسعار ترتفع بشكل دائم لدرجة عدم قدرة المكتتب أحياناً على دفع الأقساط الشهرية وهو لايتجاوز ألفي ليرة في بعض الأحيان وهناك 90% من المنتسبين لايدفعون الأٌقساط، والمشكلة على مايبدو ليست في القسط الشهري إنما في الدفعات المطلوبة من المكتتبين كل فترة فخلال السنوات العشر ارتفعت أسعار مواد البناء والأجور عشرة أضعاف.
موت وعصة قبر
ويضاف من جانب التمويل توقف قروض المصرف العقاري للجمعيات منذ عام 2010 رغم وجود /5ر2/ مليار بحماة فقط هي رصيد في المصرف بدون فائدة كما تم أيضاً إيقاف الوديعة لأجل، كما لا يتم تطبيق المادة 19 من المرسوم 99 من حيث الفائدة للجمعيات الزراعية حيث يتقاضى المصرف 9% بدلاً من 5% ومازالت مدة القرض 10ـ15 سنة بدلاً من 25 سنة أسوة بقروض المؤسسة العامة للإسكان / شبابي ـ ادخار ـ عمالي / كما يتم فرض رسم قيمته 500 ليرة على كل إيداع أو سحب حتى لو كان مبلغاً بسيطاً لايتجاوز 10 آلاف ليرة.
كل هذا ـ والكلام هنا للمحرر ـ مقابل مليارين ونصف في المصرف ( يشغلها ) ولايستفيد منها / السكني/.
إشغالات وتقاعس ومخالفات
ويقول جمول: إن حي السلام مستملك منذ عام 1983/ قبل حي تشرين زمنياً / وهو 64 مقسماً موزعة على 57 جمعية بحدود 2048 شقة في أبنية برجية ويوجد إشغالات في 18 مقسماً هي أبنية قديمة ومخالفات جديدة رغم أنها مستملكة ومبيعة للجمعيات، أما الـ 39 جمعية الأخرى فهي قيد الترخيص والإجراءات الإدارية ومنذ نحو سنة بدأت 5ـ6 جمعيات منها بالعمل وكان هناك قبل ذلك منع من الدخول.
استملاك سلمية لم ينجز
أما في سلمية فإضبارة استملاك 70 دونماً للسكن الشعبي لم تنجز منذ 2009 وهي متوقفة ويوجد تسويف ومماطلة وعدم تعاون من مجالس المدن المتعاقبة.
11 مقسماً وزعت بمصياف
وفي مصياف تم توزيع 11 مقسماً للجمعيات ويوجد 4 مخالفات بناء حديثة في 4 مقاسم في الأراضي المخصصة للجمعيات ويوجد تقاعس من مجلس المدينة بإزالتها رغم كثرة الكتب الموجهة بهذا الشأن من الوزارة والمحافظة.
واقع
أما واقع التعاون السكني كما وصفه جمول فهو يتمثل بوجود 133 جمعية سكنية عقدت 120 منها اجتماع هيئة عامة / أي مازالت موجودة وناشطة/ منها 90جمعية لديها مشاريع قيد الإنجاز في حي تشرين ـ السلام ـ ريف المحافظة ومن هذه الـ90 يوجد 11 جمعية لديها مشاريع اصطيافية.
ويوجد 13 جمعية غير ناشطة ثمانية منها في مناطق ساخنة وخمسة تم رفع كتاب لوزارة الإسكان للتصفية والحل كونها ليس لديها أي نشاط، ولم تعقد أي اجتماع منذ عام 2010 أو 2011 والمشتركون متوقفون عن التسديد ولايقوم مجلس الإدارة بأي عمل ولايتجاوبون مع اتصالاتنا.
ما الحل؟
ولوجود تخمة بالجانب النظري والمراسلات الكثيرة دون وجود خطوات ملموسة وجيدة على الأرض سألنا جمول عن المقترح ووجهة نظره للحل فقال : إن المشكلة معقدة ومتراكمة ومتعلقة بعدة جهات وتحتاج جهوداً جماعية.
وحول إمكانية تقصير هذا القطاع وكيف سينافس الخاص قال جمول: لاننكر أن هذا القطاع ربما قصر بنواحٍ ما نتيجة ظروف معينة ولكنه رائد وقدم الكثير للمواطنين مثل أحياء البعث وتشرين وطريق حلب وغرب المشتل.
ولم يخف جمول أن هذا القطاع يتعرض للإتجار وقد يستفيد منه التجار أو الأثرياء لعدم قدرة المواطن العادي على مواكبة الأسعار المرتفعة مشيراً إلى أن المسكن الذي كلف مليون ليرة يُعرض حالياً بـ /50/ مليون ليرة مطالباً بتطبيق قانون التعاون السكني / مسكن لكل أسرة / بينما على أرض الواقع قد يسجل عدة أفراد من أسرة واحد ة بالتعاون السكني بهدف الإتجار أو غيره.
مالم يقله جمول
ربما ألمح أو صرح جمول بأن التعاون السكني فقد الهدف من تأسيسه وهو تأمين السكن اللائق للمواطن بالسعر المناسب وتحوله إلى إتجار ومتاجرة، وما لم يقله جمول وربما ظهر بين الكلمات والسطور أن المكتتب قد يتوفى ويرث أبناؤه الدور، وربما يورثه هو الآخر للأبناء أي أحفاد المكتتب.
أحمد الحمدو