بكامل خضارها ورونقها تطل على سهول الغاب من الجهة الشرقية لسلسلة الجبال الساحلية، سميت كناية بدير القديسة «ماما»، تميز أبناؤها بنشاطاتهم الإنتاجية المتنوعة، وتعصبهم للجودة في الإنتاج للمحافظة على أسواق التصريف. هي قرية «دير ماما» التابعة لمدينة «مصياف» في محافظة «حماة»، « ممتدة على طول الطريق الواصل بين مدينة «مصياف» وقرية «اللقبة» على السفح الشرقي لسلسلة الجبال الساحلية، وإلى الغرب من مدينة «حماة» بنحو خمس وثلاثين كيلومتراً، وإلى الشمال من مدينة «مصياف» بنحو اثني عشر كيلومتراً، ذات إطلالة ساحرة على بداية «سهل الغاب» من الناحية الجنوبية، ويقدر ارتفاعها عن سطح البحر بنحو 550 متراً، وهذا ما جعل مناخها إضافة إلى موقعها الجغرافي ما بين السلسلة الجبلية والداخل، متقلباً لا يهدأ إلا في فترة «التشارين»، حيث يتميز بهبات هوائية ومركز ضغط جوي متخلخل، وبالعموم المناخ بارد في فصل الشتاء، ومعتدل في فصل الصيف.
لقد عمل أبناء القرية منذ القدم بتربية دودة الحرير، وتميز عملهم هذا على مستوى «سورية» من حيث الكمية المنتجة والجودة، ولكن في الفترة الحالية ضعف هذا العمل ليس كسلاً ولكن بسبب ضعف الجدوى الاقتصادية وبسبب قلة البيوض ، وزاد اعتمادهم على شجرة الزيتون رغم ضعف المساحات الزراعية الخاصة بالقرية.
وتميز عملهم بتربية دودة الحرير باكتمال هذا العمل، وذلك بدءاً من التربية إلى حل الشرانق، وحياكة المناديل الحريرية التي لاقت رواجاً كبيراً في مختلف الأسواق، كما اشتهروا بصناعة «دبس الرمان» من النخب الأول، من ثمارهم المحلية والمشتراة من الأسواق الزراعية، حيث إن التجار يأتون من مختلف المحافظات لشراء كامل الإنتاج لجودته، إضافة إلى أنهم كانوا قد عملوا في فترات تراثية سابقة بصناعة «هبول التين، والبسط، والعبي، وحبال الشعر، وبيوت الشعر» الخاصة بأبناء البادية.
في القرية بعض المواقع الجغرافية المهمة مثل «ضهر الشير» وهو عبارة عن جرف صخري ضخم وكبير يبلغ ارتفاعه نحو أربعين متراً، وفي داخله مغارة طبيعية على هيئة غرفة رحبة مطلة على كامل المحيط وسهول الغاب. كما يوجد في القرية مغارة طبيعية أخرى تسمى «مغارة الشقفين»، ونبعا ماء عذب: الأول «عين القبلة»، والثاني «عين الشمالية.
لا يزال يحافظ محمد سعود على تراث الحرير وتربيته وصناعته وقد خصص جزءاً من منزله ليقيم فيه متحفاً دائماً للحرير يزوره كل من أراد التعرف على هذه المهنة التراثية ، وهو مقصد للجهات الرسمية والمعنية ولكل من أراد التعرف على هموم وشجون هذه المهنة ، ولمن أراد رؤية جمالها ، وكانت الزيارة الأخيرة لوزير السياحة لتشجيع المهنة وتطويرها، ويحافظ الأستاذ محمود سعود على نول قديم عمره عشرات السنين كتراث يذكرنا بمهنة الأجداد إضافة للعديد من الأشغال اليدوية كالمناديل والشالات والكنزات الحريرية .
ازدهار صقور