أهالي الحي الجنوبي في سلمية محرومون من مياه الشرب منذ ما يقارب ثماني سنوات ،الأمر الذي شكل منغصاً يومياً بالنسبة للكثير من العائلات التي تعاني من تعذر وصول مياه الشبكة إلى منازلها وخصوصاً في فصل الصيف والذي يمتد أحياناً إلى مابعده .
وبهذا يصبح الأمر أكثر تعقيداً وسوءاً في ظل تنامي الطلب على المياه نظراً لتزايد الاحتياج للاستهلاك اليومي لها.
ومن ضمن الأسباب التي تدعو إلى نقص الوارد المائي إلى تلك الأحياء هو الاستهلاك الكبير لمياه الشرب من قبل المواطنين الذين يعيشون في الأحياء القريبة من الخزان الرئيسي أو من مركز المدينة حيث ضخ المياه يكون أقوى ويضعف كلما بعدت المسافة إلى الأطراف .
الأمر الذي يؤدي إلى تعذر توافرها في الأحياء البعيدة . إضافة إلى سبب آخر يتمثل في قلة المصادر في الأصل وبشكل خاص عدم وجود آبار مياه جوفية كافية لتعداد سكاني كبير ومتزايد كما في مدينة سلمية وخاصة بعد الأزمة نتيجة لجوء الوافدين إليها من جميع القرى المحيطة بها ما شكل أزمة حقيقية في سد كفاية المواطنين من مياه الشرب .
فقد تضاعف استهلاك مواطني مدينة سلمية من المياه إلى ما يقارب خمسة أضعاف خلال سنوات الحرب أمام العجز الواضح والمستمر في تقوية خطوط الضخ إلى تلك الأحياء البعيدة .أو البحث عن مصادر مياه جوفية داعمة لسد حاجة السكان في تلك المناطق .
معاناة يومية في الحي الجنوبي
هذه الأسباب وغيرها أوجدت بيئة وهيأت أجواء تجعل من أزمة المياه معاناة يومية كبيرة مستمرة وممتدة تنغص عيشهم وتحرمهم نعمة أساسية من نعم الحياة .
فالأهالي في الحي الجنوبي والسعن القبلي عدا عن حرمانهم من مياه الشرب الواردة من الشبكة الرئيسية إلا أنهم أصبحوا قلقين على صحة أولادهم جراء شراء مياه عبر الصهاريج مجهولة المصدر، وغير المضمونة من حيث التعقيم والنظافة والتي تعد سبباً رئيسياً للإصابة بأمراض وأوبئة لاتحمد عقباها .
عدا عن أن شراء مياه الصهاريج بحد ذاته يعد عقاباً لذنب لم يقترفوه في ظل الحالة المادية المتدهورة.
4 آلاف ليرة كل شهر
اسماعيل الحايك -مأمون عبد العزيز -قاسم وسالم درويش وغيرهم كثيرين من ساكني حي القراجة عبروا عن سخطهم تجاه الوضع الذي يعيشونه منذ سنوات تصبرهم الوعود الكاذبة والواهية .
فقد أجبرهم الفقر كما يقولون على الاستئجار أو السكن في هذا الحي كونه الأرخص بعد أن هجروا قراهم وفقدوا مصدر رزقهم وأصبحوا يتجرعون مرارة الأيام والظروف .
فبالكاد يتدبرون أجرة المنزل .وفوق كل ذلك مضطرون لشراء المياه بمعدل ١٠٠٠ل.س كل أسبوع أي ٤ آلاف ليرة كل شهر كعبء اقتصادي إضافي .
لم تصغ لهم
مواطنون آخرون اعتبروا أن وحدة مياه سلمية لاتصغي لهمومهم بدليل أنها لم تقم بأي خطوة جدية تنقذهم من أزمة شح المياه في حيهم .حيث أكدوا أنهم تقدموا عشرات المرات بطلبات إما بشكل جماعي أو إفرادي لوحدة المياه شارحين معاناتهم مطالبين القائمين عليها بإيجاد حلول سريعة إلا أنّ لاشيء بعد على ارض الواقع ،ولم يحركوا ساكناً ،ولم يتعدّ الأمر عن الوعود والمماطلات والتسويف ،معتبرين أن ما يعانون منه مشكلة حقيقية ، فالمتضررون من أزمة المياه ليسوا عائلة واحدة وحسب بل حي بأكمله.
السعن القبلي
في نفس الخندق
القاطنون في حي السعن القبلي ليسوا أفضل حالاً ،حيث تحدث أحد المواطنين قائلاً :
إننا نعيش حالة استنفار وتأهب كلما حان دورنا في ضخ المياه ،فنسهر حتى الفجر بانتظار قدومها ،وبعد عدة محاولات لاستجرارها وعندما يأخذ الإرهاق منا مأخذه ويتهددنا اليأس نتمكن بالكاد من ملء خزان واحد بسعة ٥ براميل فقط لايكفي سوى ليومين لنعاود شراء المياه من الصهاريج الجوالة مرة أخرى ،وهذه حالنا منذ سنوات طويلة وإلى اليوم لا يوجد أي أمل في أن نتساوى مع باقي الأحياء .
ويتساءل آخرون :ماذا بمقدورنا فعله هل نترك أراضينا ،ونبيع منازلنا .حتى عندما حاولنا لم نجد مشترياً يرغب بالعيش في حي لا تأتيه المياه.
البُعد هو السبب
المهندس نبيل ثلجة رئيس وحدة مياه سلمية اعتبر أن جميع المحاولات التي قام بها شخصياً وحاول غيره من المديرين الذين من قبله باءت بالفشل فيما يخص إيصال مياه الشرب إلى الأحياء البعيدة عن مركز المدينة .والسبب يكمن في ضعف المياه في المنطقة كونها بعيدة عن الخزان الرئيسي ما يجعل ضخها في غاية الصعوبة .
وأضاف :تم مؤخراً بتوجيه من المؤسسة تشكيل لجنة بوحدة مياه سلمية مهمتها دراسة ضعف المياه في المناطق البعيدة عن مركز المدينة .
وبناء عليه سيتم اتخاذ إجراءات فعلية لحل المشكلة ،وخاصة في منطقة القراجة وتل الغزالة ، أما بالنسبة لحي السعن القبلي فقد قمنا بشراء مضخة يتم تركيبها حالياً .الهدف منها رفع مياه الشومرية إلى الخزان العالي في السعن القبلي ما يحسن الضاغط ويؤمن وصول المياه إلى المواطنين. والموضوع بات قاب قوسين أو أدنى .
المحطات داعمة
ورداً على سؤالنا حول دور محطات التحلية المغذية لمنطقة سلمية في حل أزمة المياه الحالية ومدى استفادة الأحياء البعيدة منها أجاب نبيل ثلجة :
إننا نقوم حالياً بتشغيل محطات التحلية بالطاقة القصوى خلال فصل الصيف وهي ثلاث محطات جاهزة للاستخدام وهي :محطة تحلية الزراعة ومحطة معمل البصل ومحطة الآغا خان .
إضافة إلى محطة الصناعة المتوقفة حالياً ريثما يتم الانتهاء من صيانتها لوضعها في الخدمة من جديد .وتكمن أهمية هذه المحطات كونها داعمة لمياه القنطرة الواصلة إلى مدينة سلمية .
وعن الحاجة الفعلية لمدينة سلمية من مياه الشرب أشار مدير وحدة المياه إلى أن نحو ١٢ ألف متر مكعب من المياه يصل إلى المدينة يومياً معتبراً أن الكمية غير كافية بسبب التزايد السكاني المتسارع خلال فترة الأحداث بينما الاحتياج الفعلي يجب أن يصل إلى ٤٠ ألف متر مكعب .وستحصل مدينة سلمية على وارد مائي إضافي يكفي حاجتها من خط جر مياه مدينة حماة الجديد بعد الانتهاء من تنفيذ ذلك الخط .
صهريج حكومي إسعافي
وبالعودة إلى مشكلة ضعف المياه في أطراف المدينة وإمكانية وجود حلول إسعافية فقد وعد رئيس وحدة المياه بأنه سيتم تزويد الوحدة بصهريج حكومي كحل مؤقت لإيصال مياه الشرب للمواطنين .
مشيراً إلى أهمية تخفيف هدر المياه وترشيد استهلاكها لدى الأحياء التي تصلها المياه بغزارة كأحد الحلول المساهمة في حل المشكلة لدى الأحياء التي تعاني من فقدانها .
وبدورها تقوم وحدة المياه في سلمية بتسيير دوريات ليلية يومية لقمع المخالفات وتغريم المخالفين بغرامة مالية مستحقة الدفع تصل إلى ٢٠٠٠ ل.س عن كل محاولة هدر للمياه.
سلاف زهرة