
طالب الحرفيون المشاركون في مهرجان يوم السياحة العالمي الذي أقامته الأمانة العامة للمحافظة ومديرية السياحة بالتعاون مع غرفة سياحة المنطقة الوسطى ومديرية زراعة حماة ومجموعة الفجر للمعارض والمؤتمرات الدولية في خان رستم باشا الأثري بدعم العمل الحرفي بكل الإمكانات للتخفيف من آثار الحرب الإرهابية التي شنت على سورية والتي تركت بصمتها الثقيلة على قطاع الحرف اليدوية بأكمله نتيجة خسارة الحرفيين للعديد من ورشاتهم وغلاء مستلزمات الإنتاج وعدم وجود أسواق لتصريف منتجاتهم إضافة إلى إعفاء الحرفيين من رسوم الاستيراد والمواد الأولية وإعفاء الحرف التراثية من الضرائب والرسوم.
وأكد مدير السياحة المهندس كمال النشار أهمية هذه المهرجانات كعامل جذب سياحي والإضاءة على معالم حماة السياحية والتاريخية إضافة إلى دعم الحرفيين في ظلّ الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها قطاع المهن التراثية التي تتطلب تضافراً كبيراً للجهود المبذولة بين كل الجهات المعنية ولاسيما أن هذه المهرجانات شكلت فرصة للعديد من الحرفيين الذين أعادوا للحرف اليدوية مجدها وألقها وأن التوسع في إقامة المهرجانات هو انعكاس لحالة الانتصار التي يعيشها السوريون وإرادة الحياة لديهم
ودعا الحرفي حازم الخطيب الذي يعمل في حرفة صناعة صابون الغار وزيت الزيتون بالطريقة الباردة إلى تطوير واقع الحرف اليدوية والنهوض بها ووضع آلية مناسبة لتسويق المنتجات في مختلف المحافظات وتفعيل العمل بالأسواق الخارجية ولا سيما مع مرحلة التعافي التي بدأت تشهدها سورية لافتاً إلى أن صناعة الصابون بالطريقة الباردة تعد من الحرف التراثية التي تتميز بها حماة مبيناً أنه تعلم هذه المهنة ضمن أسرته منذ 15 عاماً وكانت هناك ورشة ضمن المنزل قبل التوسع بها خارجه مشيراً إلى أن صناعة الصابون تتم باستخدام مختلف الزيوت إما زيت الغار أو زيت الزيتون والتي تشكل 60 % والبقية مواد محسنات حيث يتم خلط المزيج ضمن حفنة خشبية كبيرة وبملعقة من الخشب ويتم صب المزيج ضمن قوالب خشبية بعدة أشكال وأحجام ويترك لمدة 30 يوماً حتى يجف مضيفاً أن الأصناف التي يتم تصنيعها حالياً إضافة للغار وزيت الزيتون هي صابون زيت الجوز وزيت الورد وحبة البركة وورق الغار المطحون إضافة إلى أصناف طبية صابون دتفال منوهاً بأنه يتم تصدير قسم كبير من المنتجات إلى عدد من الدول الأوربية ولاسيما سويسرا حيث يتم تغليق الصابون بأغلفة من نشارة الخشب للحفاظ عليها.
وأكد على الصعوبات التي تواجه هذه الحرفة الوحيدة على مستوى حماة وهي صعوبة توفير زيت الغار الذي يتم الحصول عليه من منطقة مصياف وارتفاع أسعار المواد الأولية وأيضاً العقبات التي تعترض الحرفيين في تكاليف شهادات التحليل والوثائق لتصدير المنتج.
فيما يؤكد الحرفي حسان حوا المختص بحرفة الطباعة على القماش بوساطة القوالب الخشبية والذي يعد الوحيد على مستوى سورية بضرورة الحفاظ على هذه الحرفة التراثية الأصيلة التي بدأت تندثر اليوم بتأثير ورود الأقمشة الأجنبية والآلية المحليّة ما يستدعي من المهتمين والمعنيين بها إدراكها والحفاظ عليها قبل أن تزول نهائياً لما تمثله من أهميّة فنيّة وتراثيّة مبيناً أنه تعلم هذه الحرفة من عمر 10سنوات وهي حرفة تتم بطباعة الأقمشة القطنية بوساطة الأختام الخشبية حسبما يختار صاحب القماش والقوالب المستخدمة في عملية الطباعة هذه، فهي تكون من خشب صلب محفورة بالرسم المرغوب تغطى بالصمغ العربي أو بمحلول النشا وتطبع على القماش وبالألوان التي يرغب بها صاحب القماش حيث تتم الطباعة باستخدام رسوم ونقشات تراثية وآشورية وفينيقية مؤكداً أن المنتج يسوق لعدة دول عربية منها لبنان والأردن وعدة دول أوروبية منها فرنسا وإيطاليا وسويسرا داعياً إلى إقامة معارض دائمة ودعم الحرفيين بالتسويق خارج القطر والإعفاء من أية رسوم.
ويرى الحرفي عبد الكريم عكاش من مواليد 1964م ومارس مهنة صناعة البسط والسجاد وكان عمره 4 سنوات وتعلمها من والده في العام 1968 وهي مهنة توارثتها عائلته منذ عقود من الأجداد والآباء أن المهنة باتت على حافة الاندثار وهناك حاجة للدعم الرسمي كونها موروث حضاري وتاريخي يؤصل للهوية السورية متمنياً ألا يقتصر على المناسبات فقط ولأيام معدودة وضرورة إيجاد دعم رسمي لهذه المنتجات بتوفير فرص لتسويقها ضمن الأسواق المحلية للمحافظات الأخرى وإيجاد قنوات لتصديرها إلى الخارج بما يُحقق إنعاشًا لها منوهاً بأن مهنته لصناعة المعلقات الجدارية والحقائب والمفارش واستخدامها للتزيين في المنازل إضافة إلى صناعة العبايات والدشداشات باستخدام النول اليدوي.
واقترح الحرفي أحمد الدبيك وهو حرفي مطرزات يدوية إمكانية تشكيل مجموعة من الشباب ليتولوا مهمة الاهتمام بالصناعات اليدوية والتراثية بمختلف المحافظات وليكونوا نقطة اتصال بين الدولة والمصنعين بهدف إقامة المعارض وتسويق تلك المنتجات والترويج لها كي تخرج تلك الصناعات لخارج المحافظات وتعمل وزارة الثقافة على استمرار هذه الحرف من خلال قطاعاتها بعمل ورشات مستمرة وكذلك إقامة المهرجانات والملتقيات السنوية والدورية لتظل الحرف والحرفيون على تواصل مستمر.
وأضاف أن حرفة المطرزات اليدوية الشرقية هي إحدى الفنون الحرفية العريقة التي عرفتها مدينة «حماة» منذ عشرات السنين وهو يعمل في المهنة منذ 31 عاماً ويعتمد في العمل قماش الصاية ويطرز عليه جميع أنواع التطريز اليدوية من تخريج وصرمة وغبانة وشك وأيضاً على الشروال والصدرية والمشلح وشراشف الطاولة بأنواعها وحالياً بدأت العودة في تطريز القنباز والشروال والصدرية لفرق الفنون الشعبية إضافة إلى إدخال حروف من اللغات القديمة كاللغة الأوغارتية والسريانية وغيرها.
ويشدد الحرفي حيدر غالب بزنكو المختص بصناعة الفخار بضرورة إيلاء صناعته كل الاهتمام وتوفير المواد الأولية اللازمة لهذه الحرفة من الترب سواء الحمراء أو الصفراء والتي يتم الحصول عليها من مقالع الرمل وأن تكون هناك تسهيلات من المحافظة والمؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية وتوفير هذه الترب وبأسعار مخفضة وتسهيل عمليات نقلها من المقالع إلى حماة إضافة إلى تنشيط عمليات التسويق بحيث لا تقتصر على الأسواق الداخلية وإنما تفعيل العمل بالأسواق الخارجية وتقديم قروض ميسرة للحرفيين طويلة الأمد..
وفي جناح المرأة الريفية شددت رئيسة دائرة المرأة الريفية في مديرية الزراعة المهندسة غالية سالم على أهمية التعريف بمنتجات المرأة الريفية وتسليط الضوء عليها بالإضافة لخلق قناة تواصل مباشر بين النساء المنتجات في الريف وبين المستهلك وخلق روح التنافسية بين المنتجات لجهة جودة المنتج وتوضيبه وتنوعه ولا سيما تمكين الأسر الريفية عن طريق دعم مشاريع النساء الريفيات ولاسيما من أسر الشهداء مبينة أن جناح المرأة يتضمن مجموعة ذات جودة عالية من منتجات النباتات الطبية والعطرية والعسل ومنتجات القمح والخضار والفواكه المجففة والعصائر بأنواعها والخل ومنتجات الزيتون وصناعة الدبس.
وفيما يتعلق بالجانب السياحي أشار مدير مركز سيريانا للعلوم السياحية عمار العجي إلى اهتمام وزارة السياحة بإقامة الفعاليات والمهرجانات والمناشط السياحية بما يساهم في الترويج للمواقع الأثرية والبيئية والسياحية في المحافظة وتشجيع الارتياد الشعبي للأماكن السياحية وتنشيط الترويج السياحي للأماكن الطبيعية وتعزيز التشاركية مع القطاع الخاص وهي رسالة واضحة للقاصي والداني أن حضارة الوطن الغالي سورية عريقة كعراقة حجارة البازلت وراسخة كثبات ورسوخ جذور أشجار السنديان منذ الأزل منوهاً بضرورة تعريف الطلبة في مركز التدريب السياحية بالحرف التراثية وتهيئتهم لدخول سوق العمل كرافد للسياحة التي تستلزم وجود العديد من الكوادر البشرية المدربة والمؤهلة منوهاً بالعديد من الخدمات والمزايا للطلبة الذين يخضعون للدراسة في مركز سوريانا لمدة سنتين ومن جميع حملة الشهادة الثانوية العامة يحصل فيها المتخرج على شهادة من وزارة السياحة في إدارة المكاتب السياحية والدلالة السياحية ودبلوم تقاني بالعلوم السياحية إضافة إلى الدورات التي يقيمها المعهد في مجالات التدريب على اللغات الألمانية والإنكليزية والفرنسية والروسية وأخرى في مجالات علم البروتوكول السياحي وإدارة الجودة للفنادق والمنشآت السياحية إضافة لبرامج الفوتوشوب المعماري والرسم ودورات تدريبية أخرى والهدف منها رفع المستوى الطلبة لسوق العمل السياحي..
وبين مدير مجموعة الفجر للمعارض والمؤتمرات الدولية المنظمة للمهرجان فراس عردوس أن أهمية إقامة المهرجان تأتي انطلاقاً مما تكتنزه المحافظة من إرث تاريخي يمتد لآلاف السنين مؤكداً أهمية دعم الحرف التراثية القديمة وإعادة إحياء ما اندثر منها وإقامة معارض دائمة للصناعات اليدوية بالأعمال المميزة ومعالجة الصعوبات التي يعاني منها الحرفيون واقتراح الوسائل الممكنة لتسهيل عمل الحرفيين وتشجيعهم على الاستمرار في مزاولة حرفهم.
سراب الدبيك ـ حرفة اللغباني والبريم والسوتاج قالت: هذه المهنة توارثناها أباً عن جد والعائلة كلها تعمل بها علماً أن المهنة عمرها في المحافظة أكثر من 150 عاماً حيث يدخل في صناعة هذه المهنة الحرير بأنواعه الخفيف والوسط والثقيل والبريم والمبسط حيث يتم تصنيع ( الدشداشات الرجالية والنسائية إضافة لملابس منقوشة بخيط نوعه بريم وهو نافر ويسمى بالعامية الخرج) فمثلاً يقولون: دشداشة مخرجة كما نصنع أوجه للطاولات والصايات وأطقم عربية (كلابية مع دشداشة) العباءة الرجالية والنسائية وللعلم هناك بعض القطع تقوم بتصنيعها آلة خاصة بمهنتنا, أما عن المهرجان فقالت:
هي فرصة للتعريف والتسويق لمنتجاتنا ومحاولة فتح أسواق خارجية أو داخلية, وعن المقترحات أضافت سراب: كنا نتمنى لو يفتح سوق في صالات السورية للتجارة لبيع منتجاتنا والترويج لها لأن الكثير من أهالي المحافظة لايعرفون شيئاً عن منتجنا.
وعلى هامش مهرجان عيد السياحة العالمي وفي خان رستم باشا كان للفداء لقاءات عديدة مع الزوار بسوق المهن اليدوية :
الفنانة التشكيلية روضة الجاسم قالت: المهرجان فكرة جميلة للتعريف بالأجداد ومنتجاتهم والترويج لها لأن الكثير منها يجهل تلك المنتجات وما تحمله من جمالية وإحساس بعبق الماضي ونشاهد أن السياح عندما يأتون إلى بلادنا يندهشون بتراثنا ويحاولون اقتناء شيء حتى وإن كان صغيراً وبأي ثمن كان لأنهم يعلمون أننا أصحاب حضارة وعمر تلك الحضارة آلاف السنين.
ـ محمد المبيض ـ معلم مدرسة قال :
يجب علينا جميعاً المشاركة بمثل هذه المهرجانات وأحب أن أقول هنا: كلنا معنيون بتلك المهرجانات وواجب علينا الترويج لها ضمن مدارسنا ولطلابنا ولأسرنا وهذه مهمة وطنية قبل كل شيء لأنها تشرح لأولادنا رؤية أجدادنا في تلك الحقبة الزمنية التي مرت على المجتمع السوري آنذاك وأتمنى لمثل هذه المهرجانات النجاح الدائم من كل قلبي.
وشدد عدد من زوار المهرجان على أن الحفاظ على الحرف اليدوية يحتاج إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات منها ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية التي توضح أهمية هذه الحرف ويمكن استغلالها بشكل أمثل محلياً أما بالنسبة للمجتمع الخارجي فتنشيط هذه الحرفة يكون عن طريق الوسائل الحديثة وهي الانترنت وإنشاء مواقع الكترونية تدعم الحرفة عالمياً .
فيما يرى الزوار محمد فهد الراعي وحسن محمد أنه يجب إنشاء مؤسسة وطنية كبرى ترعى هذا النشاط وتستقطب إليه المستثمرين ليقيموا عشرات المراكز الحرفية للتدريب والإنتاج والتسويق داخل حماة وخارجها وإقامة مشاريع لتنمية الحرف التقليدية والتي يمكن أن تعود بعائد اقتصادي كبير .
يذكر أن المهرجان يستمر لمدة ثلاثة أيام .
حماة – أحمد نعوف – عمر الطباع