إن مدينة حماة تعج حالياً بالأسواق ، ففي كل حي و في كل حارة تجد سوقاً أو أكثر بحيث إن معظم الأنشطة التجارية سيما الاستهلاكية منها لم يعد مقتصراً على منتصف المدينة . ففي جميع أسواق تلك الحارات والأحياء تجد البقاليات الكبيرة والصغيرة و محال بيع الخضار و الفواكه و اللحوم و كذلك محال الألبسة و الأحذية . أيضاً فإن المطاعم أصبحت منتشرة في تلك الأحياء ابتداء من المطاعم الصغيرة و مطاعم الوجبات السريعة وانتهاء بالمطاعم الكبيرة . أما مقاهي الأنترنت و محال بيع الجوالات و محال بيع الأراكيل (الأركيلة هي آفة العصر لانتشارها بين الكبار و الصغار ، الرجال و النساء وما تحمله من أمراض سرطانية ) فحدث و لا حرج ، لقد أصبحت تلك الأسواق مليئة بها . وأصبحت هذه الأسواق أيضاملأى بعيادات الأطباء و الصيدليات و كثير من الأنشطة المتنوعة .
الأسواق المحدثة في حماة كثيرة أذكر أشهرها على سبيل المثال لا الحصر : سوق حي القصور و سوق حي المناخ في منطقة الحاضر . أما في منطقة السوق فهناك سوق حي الصابونية و سوق جنوب الملعب البلدي وسوق حي البعث .
في زاويتي هذه سأتناول الأسواق القديمة في حماة و التي مازال معظمها قائماً حتى الآن و هذه الأسواق هي :
سوق المدينة : أو سوق حي المدينة و هذا السوق يعود تاريخ إنشائه إلى سبعة آلاف عام مضت منذ أن وجد حي المدينة و هو أقدم حي في حماة . وقد كان مكان السوق منذ بداياته في منتصف حي المدينة بجانب المعبد الوثني آنذاك و الذي تحول إلى كنيسة عام 399 م و من ثم تحول إلى مسجد عام 636 م والذي كان في حينه يشكل مركز البلد . و إننا نلحظ حالياً أن هذا السوق قد توسع حتى أصبح محاذيا لشارع ابن رشد
سوق الطويل : وهو أشهر أسواق مدينة حماة و كان يسمى سابقا سوق المنصورية نسبة إلى بانيه ملك حماة المنصور محمد بن الملك المظفر تقي عمر الأيوبي المتوفي عام 1220م و يمتد سوق الطويل من شارع المرابط مقابل بحرة باب البلد سابقا إلى منتصف شارع الدباغة و يبلغ طوله بحدود 600 متر تقريباً، و كان يحتوي على العديد من الخانات يتفرع عنه عدة أسواق ، منها سوق الصاغة و سوق النحاسين والسوق المؤدي إلى حي جورة حوا والذي كان في السابق مليئا بمحالبيع السيالات و القطايف، كذلك فإنه يتفرع عنه زقاق الشيخ معروف . و للتنويه فإن سوق الطويل يطلق اسمه على عدة أسواق في عدة مدن ففي كل من دمشق وحمص و بيروت توجد أسواق تدعى سوق الطويل . لقد كان سقف سوق الطويل في السابق مغطى بسقف عمار منذ أيام بنائه . إلا أنه في نهاية القرن الثامن عشر تم تغطيته بسقف معدني
سوق الجلباب : وهو السوق الممتد من نهاية سوق الطويل في منتصف سوق الدباغة بمسافة حوالى مئتي متر تقريبا جنوب جامع السلطان . وسمي بسوق الجلباب لأن معظم محاله كانت للخياطين الذين يقومون بخياطة الكلابيات و الشراويل . و هذا السوق كان في السابق مغطى بسقف معدني مثله مثل سوق الطويل . إلا أنه أصبح مكشوفا منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي .
سوق الحاضر الكبير: وهو أقدم سوق في منطقة الحاضر حيث يتوسط تلك المنطقة
سوق برهان : ويقع بجانب سوق الحاضر الكبير وهو سوق مغطى ويوجد ضمنه خان حيث تعود ملكية الخان إلى برهان الجيلاني أو الكيلاني و مازال الاسم محفورا على باب الخان إلى جانب تاريخ إنشائه و هو 1298 هــ – 1876 م
سوق باب البلد : وهو السوق الممتد من المرابط مقابل سوق الطويل باتجاه النصب التذكاري و يعود تاريخ إنشاء هذا السوق إلى القرن الثامن عشر .
سوق البارة : وهذا السوق الذي مازال قائما حتى الآن وهو يقع خلف جامع المسعود غرب حمام الادربك سابقا . وكان و مازال متميزا بأن معظم محاله تبيع الحليب ومنتجاته من الجبن واللبن و الشمندور والقشطة والبيريت ( والبيريت قريب من القشطة إلا أنه يتميز بأنه أكثر دسما منها ) وقد سمي هذا السوق بهذا الاسم بسبب رخص أسعار بضائعه . فالبارة هي أصغر قطعة نقدية معدنية متداولة أيام العثمانيين
سوق الحاضر الصغير : وهذا السوق يعود تاريخ بنائه إلى منتصف القرن التاسع عشر كما أن له اسم آخر وهو سوق الخضرة . ويقع في منطقة السوق قرب ساحة العاصي و سمي بهذا الاسم لتمييزه عن سوق الحاضر الكبير سيما وأن تشكيلة بضائعه متقاربة مع تشكيلة بضائع سوق الحاضر الكبير
سوق الخميس وهو سوق شعبي حتى أن بعض المؤرخين يذكرون أنه كان معروفا لديهم منذ أكثر من ثلاثمئة عام .
ينعقد هذا السوق منذ الصباح الباكر من كل يوم خميس لينفض بعد صلاة الظهر بقليل و في هذا السوق تجد مختلف المعروضات . ففي السابق كانت بائعات الحصر التي تصنع في المنازل من القش و كذلك باعة القراطل بالإضافة إلى ما يخطر على البال من المعروضات سواء من الأدوات المنزلية المستعملة أو المأكولات كالقضامة والشنكليش و البندورة اليابسة ومحشي الباذنجان والخفيف اليابس . كذلك فقد كان يوجد في سوق الخميس ركن للحميماتية سواء من كان يرغب بشراء الحمام أو بيعه . وهناك أيضا كانت خيمة أبو عباس التي كان فيها الدب والسعدان و الضبع حيث يقوم أبو عباس بتقديم عروضه لقاء فرنك واحد أو فرنكين . أنا أذكر أنه في أوائل الخمسينات كان سوق الخميس تحت القلعة ثم انتقل فيما بعد إلى ساحة المغيلة قبل أن يشغلها العمران وبعد ذلك انتقل إلى عدة مواقع منها باب طرابلس – مقبرة العشر . أما الآن فهو حاليا قرب جسر المزارب .
سوق الجمعة : وهذا السوق بداياته كانت مقابل حمام الأدربك بحارة الجسر و كان ينعقد هذا السوق بعد عصر يوم الجمعة لذا كان يطلق عليه أحيانا سوق العصر . وهو سوق حديث نسبيا تعود بداياته إلى أوائل الخمسينات من القرن الماضي
في البداية كانت المعروضات في هذا السوق عبارة عن الدراجات العادية ثم ما لبث أن دخل الحمام و العصافير إلى السوق بعد ذلك أصبح سوق الجمعة يكبر شيئا فشيئا حتى غدا أكبر من سوق الخميس بسبب كون الجمعة يوم عطلة . و أصبح مكانه مكان سوق الخميس في اليوم التالي . و ينعقد هذا السوق بعد صلاة يوم الجمعة ويستمر حتى قبل صلاة المغرب .
– سوق الغنم : وهذا السوق كان يقع بعد جسر الهوى مباشرة غربي الطريق . وكانت تعرض فيه الأغنام و الماعز للشراء و البيع ثم مالبث أن انتقل إلى عدة أماكن كان آخرها منطقة المزارب حاليا
– سوق الدواب : وهذا السوق متخصص ببيع وشراء خيول الجر والحمير و البغال و الإبل و البقر .
أذكر أن هذا السوق كان في ساحة حارة الجسر مكان المخبز الآلي حاليا بعد ذلك انتقل إلى جنوب حي عين اللوزة ثم انتقل إلى طريق سريحين.
حاليا لم يعد للسوق المذكور من وجود بعد انتشار سيارات البيك آب والطراطير والحلفاويات والدراجات النارية . حيث إنه من النادر أن تجد في أية قرية دابة من أي نوع كانت . ما عدا في مناطق الجبال الغربية و بأعداد قليلة حيث تستعمل هناك الحمير للتحميل على المسالك الجبلية الوعرة
وإلى اللقاء في ذاكرة قادمة.
المحامي معتز البرازي