تتبدا صورة الشيطان في الأديان كافة وفي التراث الأدبي العالمي والعربي بأنها السبب في الشرور والجرائم والخراب للبشر والحجر, فالشيطان موقظ الفتن والدسائس والمؤتمرات، وهكذا
لاتستوي الحياة والشيطان يعبث بحياة البشر والكون, إذاً يجب أن تنصب له المشنقة حتى تتخلص البشرية من شروره وآثامه, فكيف قدم الإعلام الغربي وتحديداً السينما العالمية صورة الشيطان.
ويل ديزني
لقد أنتجت أهم الأفلام والمسلسلات لعالم الصغار وفي الكثير من هذه الأعمال كان الشرير متوارياً أحياناً في ملامح تحمل صورة العربي والمسلم , وأحياناً تكون الصورة ملتبسة وإن كانت تقارب ملامح العربي أوالمسلم, ولكن بعد أحداث 11 أيلول ظهرت الأفلام والمسلسلات وبشكل فج ووقح لتقدم الشيطان الذي يزرع الخراب والدمار بثوب عروبي أو إسلامي , ماقدم هو اختزال لشرور العالم قاطبة بما يحمله من مكونات جينية تنتج كل آثام ومظالم العالم، وكل هذا ينفرد به فقط العربي أو المسلم وبهذا تكريس لصورة جهنمية تنغرز في عقل الطفل وفي جميع أنحاء العالم, لقد كانت الصورة النمطية سابقاً تقدم العربي والمسلم بهذه الأعمال الفنية بصورة تحمل من التخلف الكثير والشهوانية المفرطة والتخلف العقلي حتى باتت مقترنة بالسخرية والدونية ويصاحب هذا الوصف للعربي وللمسلم ألفاظ بذيئة قلما تستعمل بهذا الكم الهائل في الدراما والسينما.
هوليود .. تصدر المشهد الشيطاني
قد تبدو الأعمال السينمائية والدرامية التي أنتجت عبر فترة طويلة من الزمن لاتبتعد كثيراً عما أنتجته ويل ديزني، فهو تكريس لصورة العربي والمسلم القابع فوق حقل من النفط وقد أقام خيامه قرب هذه الثروة التي تحقن العالم المتحضر بأوكسجين الحياة, فجميع الأمم بالعالم تقدر قيمة هذه المادة السامية إلا أصحابها الذين يصرفون عائداتها على شهواتهم الحيوانية وبطريقة مقززة , وقلما تجد فيلماً أنصف العرب ولو بحدوده الدنيا, إن أكثر الأعمال الفنية كانت تنحو باتجاه واحد وهو أن العربي والمسلم (طبعاً وجهان لعملة واحدة) هما عبء على الحضارة والمدنية الحديثة.
فالحضارة برأيهم هي نتاج الأمم الحية القادرة على العطاء ولكن العرب والمسلمين خارج أسوار الحياة ، إذ يقول أحد المنظريين للسياسة الأمريكية ( هناك شعوب هرمة وهي غير قادرة على العطاء الحضاري، فيجب على هذه الشعوب أن تحال إلى التقاعد ـ هذا برأيهم لأننا أصبنا بالعقم الحضاري.
من الأفلام التي تعمدت الإساءة للعرب والمسلمين ( أكاذيب حقيقية )، أنتج عام 2007 وفيلم ( قرار تنفيذي) بطولة الفنان اللبناني الأمريكي طوني شلهوب وطبعاً كلا الفيلمين يكرسان الصورة الشيطانية.
والفنان طوني شلهوب اعترف بعد عرض هذا الفيلم بأنه قد غرر به إذ قدم العربي الإرهابي الذي لايتقن لغة الحوار سوى عبر فوهة المسدس، وفيلم قواعد الاشتباك الذي أنتج عام 2009 الذي يحدد مسبقاً آلية للاشتباك مع من وضد من .. لقد كانت أحداث 11 أيلول بوابة جهنمية غربية وأمريكية تحديداً بتكريس صورة الشيطان بالعربي والمسلم المسؤول عن الكوارث البشرية والبيئية لهذا الكوكب الجميل الرائع ولكن وجود العربي والمسلم هو الذي أفسد البشر والحجر.
ميرال .. خارج السرب
في عام 2011 أنتج هذا الفيلم وقد عرضته أكثر الفضائيات العربية يقدم العربي أو المسلم بشكل مغاير للسائد في سينما هوليود، بطلة الفيلم امرأة عربية فلسطينية تجاهد بكل ماتحمله من عزة نفس في إثبات حضورها الإنساني والحضاري في بلاد العم سام ، وتستطيع التعايش مع الجميع رغم اختلاف الأديان والأعراق, وهو من الأفلام التي أبدعت بصورة راقية سواء على صعيد الصورة أو النص الدرامي (سيناريو وحوار) ولكنني وللأسف أعتقد بأن هذا الفيلم هو صرخة بلا صدى في فضاء هوليود.
محمد خوجة