كبرتُ الآنَ يا أُمي وقلبي لمْ يَعُدْ طِفلا
كبرتُ ولمْ أزل أحبو إليكِ وأضلُعي كَسلى
وتلبَسُني تجاعيدٌ
بأحزانِ الدُنى حُبلى
وشَيبي صارَ يكسوني
وذاكرتي
بناتُ الحي
أحلامي
دمى الأطفالِ
شارعُ بيتِنا الملقى على جبلٍ
يُضيِّعُني
يمرِّغُ خافقي بالدمعِ حتى خِلتهُ نَصْلا
كبرتُ الآن يا أُمي!
وصارتْ هجرتي فرضاً
أُصلِّيهِ على عجلٍ
وضوءُ البيتِ منكسرٌ
تحسَّسَ من دمي زيتاً
يُفسِّرُني،أفسِّرُهْ
يبعثِرُ فيَّ ذاكرتي
ويترُكني على الطرقاتِ أحصي بعضَ خيباتي
وآيُ الليل بعد الفجرِ صوتٌ دائمٌ يُتلى
كبرتُ الآنَ يا أُمي!
كبرتُ كمثلِ أغنيةٍ تشيخُ بذكرياتِ الناسِ
حينَ الناسُ تَجهلُها
كصوتِ الستِ حينِ تقولُ:
(مخطرتش على بالك يوم)
كصوتِ الشوقِ حينَ يرى ( مُضناكَ)
قصيدةً حبلى بشوقِ الناسِ كُلهمِ
كبرتُ ولم أعدْ أحصي نجوماً
بتُّ أحفظُها
وصارَ الفجرُ ذاكرةً أظلّ أخالهُ ليلا
وتكبرُ حوليَ الأشياءُ يا أُمّي!
وتَلعَنُني
و رملُ القريةِ السمراءَ
بجهَلُني و يُنْكِرُني
أنا عارٌ على الدُنيا
أحَاصَرُ من جهاتِ الموتِ أجمعِها
فلا ماضٍ ولا آتٍ
هباءٌ،كلّ ما حولي
أنا رجلٌ إلى النسيانِ أمضي حاملا لُغتي
وكلُ الناسِ تنكرُني
أجرِّبُ كل أنيابي وكنتُ أظنني
شِبلا
وبابُ الحبِّ منغلقٌ
وبابُك لمْ يضعْ قِفلا
محمد نور دمير