إن الاهتمام بثقافة الأطفال وأدبهم اهتمام واهٍ, ضعيف (!) وفي السنوات القريبة التي مرت , ظهر هذا الاهتمام بعد أن تنبهت إليه أجهزة ثقافية محلية وعربية، وأدركت الأثر المشتت الذي يمارسه أولئك الأدعياء والمضللون والمقلدون فابتدأت العناية بثقافة الأطفال , والتفتت هذه الأجهزة الثقافية إلى مستقبل الطفولة والأطفال, غير أن هذا الاهتمام مايزال في بداياته(!!!)..
ـ بلى .. مايزال في أول الطريق ـ هذا الاهتمام .. فهو مرة يحبو ومرة ينطلق .. مرّة يتسارع ويتعثر مرّات، وقد بدا عمل هذه الأجهزة أشبه بقطرة مداد تريد هزيمة بحر, أو أشبه بنقطة مضيئة مشرقة في عالم تكتنفه الظلمات والأهوال والتحديات (!!) و.. أطفال اليوم هم غير أطفال الأمس!!
أطفال اليوم يختلفون..
إنهم أطفال الكمبيوتر والأنترنت والجوال والليزر, أطفال الاستكشافات الفضائية والكونية, والنجوم والأفلاك البعيدة، والتصدي في أدب الأطفال وثقافتهم هو تصدّ مختلف, يحتاج إلى توفير أكثر الطاقات, وأكثر المعارف, وأكثر المعلومات، كفاية وموهبة وإخلاصاً وتفانياً ووعياً وإدراكاً(!!).
* نحن ـ اليوم ـ بحاجة إلى من يكتب السيناريو( سيناريو البرنامج التلفزيوني الموجّه للأطفال) .. فزمننا هو زمن الصورة!!
* ونحن بحاجة إلى من يكتب نصوصاً للصور المتحركة!.
ونحن بحاجة إلى من يكتب نصوصاً لأفلام قصيرة!
ونحن بحاجة إلى من يكتب المقالة العلمية التي تخاطب الأطفال!..
ونحن بحاجة إلى من يكتب الرواية الطفلية مثلاً ( رواية عمرون شاه وبينوكيو) !
ونحن بحاجة إلى من يكتب القصّة الطويلة (للأطفال مابين الـ 11 و13 عاماً)! ونحن بحاجة إلى من يكتب المسرحية والأوبريت الغنائي(!)
هذه الأمور نفتقدها في ثقافة الأطفال كما نفتقد صحافة الأطفال (الجادة) والصحافة المدرسية, والصحافة الإخبارية!!
وبالمناسبة يمكن القول هنا :
ـ ليست هناك مراجعة دقيقة في هذه الصحافة إن وجدت في بعض الأحيان في صحفنا ومجلاتنا, كما أنه ليست هناك خطط في برامج الأطفال الإذاعية والتلفازية, وعلى الرغم من وجود دعوات مستمرة لمعارض كتب الأطفال ودعوات لإرساء عادة القراءة لدى الأطفال, لكن ذلك لايتم عبر قنوات مبرمجة,وخطط مدروسة فعالة, ومنهجية واضحة تتنامى في هذا العصر المتسارع!! بل هناك تقصير في مسابقات أدباء الأطفال ومؤلفي كتبهم, وتقصير في توظيف الخيال العلمي, وفي نقد كتب الأطفال المطبوعة وتقييمها وفق معايير تربوية ونفسية مشتركة!!
وما أقل الكتب والبرامج التي تراعي القيم الترويحية!!
ما أقل الكتب التي تراعي التشويق!!
ما أٌقل المسرحيات الطفلية الضاحكة والقصص المسلية الهزلية التي تمتّع الأطفال وتثير دهشتهم واهتمامهم وتدخل السعادة إلى نفوسهم!!
نريد لثقافة الأطفال.. ولأدب الأطفال أن تكرس كل وسائل الاتصال والتواصل مع الأطفال..
نريد أن تتعهدهم بالرعاية المتكاملة ليكون الكتاب جزءاً أساسياً من الحياة الطبيعية للأسرة!.. بل إن تخصّص كل أسرة جزءاً من ميزانيتها لشراء الكتب وتنظيم العلاقة بين الطفل والمجلة، وبين الطفل والمسرح، وبين الطفل والبرنامج التلفازي!!
نريد أن يتم اصطحاب الأطفال إلى مكتبات الأطفال, وترتيب زيارات دورية وتشجيع كل المبادرات للقاء الأطفال مع الأدباء والكتاب والرسّامين والمخرجين والموسيقيين والفنانين والمخترعين والنابهين والعلماء والأذكياء والمتفوقين ,وأن تكون هناك صلة مستمرة مع آخر المستحدثات المعاصرة وآخر المستجدات العلمية, وآخر الإصدارات الموجهة للأطفال، فهل نحن فاعلون!!
نزار نجار