الأدب النسائي

إن مصطلح اﻷدب النسائي مصطلح زائف وغير ذي دﻻلة معرفية أو نقدية حقيقية .. أما إن كانت كثرة تداوله قد أعطته حق الوجود الواقعي وبات من غير الممكن تجاهله أو القفز فوقه فإنني أعد النصوص التي تتناول القضايا المتعلقة بالمرأة دون الرجل أيا كان جنس كاتبها من اﻷدب النسائي وأجرؤ بناء على ذلك على نسبة كثير من النصوص التي أنتجها الرجال إلى اﻷدب النسائي وعلى إخراج كثير من النصوص التي أنتجتها النساء من شمول هذا المصطلح. …. المعيار عندي يتمثل في القضايا التي يتصدى لها اﻷدب وليس في جنس الكاتب.
والناقد حين يشتغل على نص أدبي ﻻ يهتم بجنس كاتبه حين يتعلق اﻷمر بالتقنيات والضوابط واﻷدوات التي ينبغي أن تتوفر في النص.
أما تبرير بعضهم للمصطلح بأنه يشبه مصطلحات أخرى كمصطلح اﻷدب المهجري أو المغاربي أو الخليجي فتبرير متهافت ﻷنه يجعل من المرأة فئة من دون اﻵخرين في مجتمعها، ذلك أن المفهوم اﻻجتماعي الذي يميز بين الذكر واﻷنثى في المجتمع الواحد من صنع الثقافة السائدة ﻷن كلا منهما يولد إنسانا كامل اﻹنسانية وفي أحسن تقويم ثم يقوم المجتمع ذو النزعة الذكورية بتحويل أفراده: هذا إلى رجل وهذا إلى امرأة. وتخصيص كل منهما بمنظومة من القيم تختلف حسب النوع. ومنظومة القيم هذه هي التي تفرق بين الرجل والمرأة، وهي ما بات يعرف بالجندر. فالقضية ليست فطرية كما يبدو ﻷول وهلة.
وعلى فرض قبولنا بالمصطلح نتيجة تداوله في الخطاب النقدي فإنني أحصره بالنصوص التي تنتجها المرأة والمتعلقة حصرا بقضاياها وحاجاتها ومطالبها ووعيها بحقوقها اﻻجتماعية والسياسية واﻻقتصادية. ووعيها بجسدها المختلف بوصفه الطالب والمطلوب.. والمشتهى والمشتهي…. وأنه ليس مجرد أداة يستمتع بها الرجل ..أو مجرد وسيلة للتكاثر وزيادة النسل ..
وهكذا يغدو النص الذي تنتجه المرأة امتدادا لحواسها المخذولة حين تفرج عن أحاسيس جسدها التي كانت مخبوءة تحت ركام التابوات وتكتشف أن لجسدها المختلف لغة مغايرة. وتقوم بتحرير مستعمرة الجسد اﻷنثوي من النظرة الذكورية التي امتهنته واختزلته إلى سلعة للإغراء واﻹغواء واﻹمتاع .
وﻻ بد من كلمة أخيرة في هذا المجال تشير إلى ما اقترفته بعض الكاتبات حين وقعن في الغلو والتطرف في حديثهن عن الجسد اﻷنثوي بحجة البوح. فاستبحنه أكثر مما استباحه الرجال .. وأرخصنه ..وقدمنه عارياً حتى من ورقة التوت .. طلبا للشهرة أو استجداء للجوائز المشبوهة.
محمد راتب الحلاق

المزيد...
آخر الأخبار