فنون تشكيلية : الفنــانة ســـهى ياســــين .. أكثــر اللوحات إبداعــاً وأصالة رســمت في زمـــن الحــرب الرسوم التـوضيحية تحتــل أهمية كبيرة في الكتــاب المدرســي
الفنانة التشكيلية سهى ياسين من محافظة حماة .ولدت في مدينة مصياف في أسرة أدبية وفنية ، وكانت مجالس الشعر والأدب والفن حدثا يومياً في ذلك البيت ..فالفن لديها هو ثمرة مواهب خاصة، ووحي إحساس خلاق وخيال ، وهو أيضاً خلق للجمال ، وتعبير عن الشعور والفكر بشكل جميل.. قدمت الفنانة منذ الطفولة العديد من الرسوم محلياً وعربياً وعالمياً ، وفازت بجوائز عديدة ، وكرمت عدة مرات وذلك عند فوزها بالمرتبة الأولى في مسابقة عالمية في فنون الأطفال.
كما كانت رائدة على مستوى سورية لمرتين في مسابقات رواد منظمة طلائع البعث. وفي سن الثانية عشرة تم تكريمها في مكتبة الأسد من قبل المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق السيد محمد شريعتي وذلك لفوزها بالمرتبة الأولى في لوحة أطفال الحجارة والانتفاضة الفلسطينية .
درست الفن دراسة أكاديمية في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق وتخصصت في السنة الثانية من دراستها في فن الغرافيك وكان سبب اختيارها لهذا النوع الجميل من الفن هو تأثرها برسوم شاهدتها في كتاب في مكتبة منزلها وهو رواية دونكيخوته للكاتب الاسباني سرفانتس ، وكانت تلك الرسوم رائعة الجمال ونفذت بطريقة الطباعة الخشبية وأثارت فضول الفنانة لما فيها من جمال واختلاف عن أنواع الفنون الأخرى كالتصوير الزيتي والنحت وغيره. في السنة الدراسية الرابعة رشحت لبعثة لجمهورية مصر العربية وذلك لتفوقها في دراستها الجامعية ..تخرجت عام 2002 لتبدأ بعد تخرجها مباشرة العمل في مجلات الأطفال كرسامة وكاتبة سيناريو ،وكانت رسومها وقصصها وسيلة لتزويد الطفل بالقدرة على تذوق الجمال في كل نواحي الحياة وتعليمه بمساعدة الفن ، وعبر الفن أن يرى جمال الحياة بكل مظاهرها ،كما أكدت على غرس القدرة على الملاحظة وروح الابتكار وتنمية المشاعر السامية والأخلاق العالية لدى الطفل..
أقامت الفنانة العديد من المعارض الفردية والجماعية ،نفذت معظم أعمالها بتقنية الغرافيك والطباعة ،وكانت لوحاتها مميزة بأسلوبها القائم على لمسات الريشة المتميزة بالخطوط اللينة المتصاعدة وبتحويرات معبرة وبأسلوب تعبيري هادئ رقيق استقته من الطبيعة والبيئة الجميلة المحيطة بها فكان تعبيراً واقعياً هادئاً جميلاً بعيداً عن الاصطناع والتكلف..
في عام 2010 أسند إليها مهمة عضو في اللجنة الفنية المشرفة على الرسوم في منهاج العربية لغتي وكان توجهها إلى أن الصورة والرسوم التوضيحية تحتل أهمية كبيرة في الكتاب المدرسي ،فالطفل بشكل خاص يميل إلى التعلم بالإدراك البصري وإن الفنان الذي يمتلك المرونة والأصالة الكافيين هو قادر على تقديم إدراك الأشياء في صور مألوفة مرتبطة بالبنية الزمانية والمكانية والمضمون وإيصال الفكرة بأسلوب مشوق سلس مع العمل على رفع سوية الإدراك والذوق الفني لديه.
فن الكاريكاتير: لعل أحدهم يقول: كيف لنا أن نكتب أو نرسم ونلون في زمن الحرب والدمار.. لكن الفنانة سهى ياسين ترى بأن الإبداع يخرج من الألم والحزن، ولعل أجمل الروايات وأكثر اللوحات إبداعاً وأصالة قد رسمت وكتبت في زمن الحرب مثل لوحة غرنيكا لبيكاسو والتي تمثل آلام ومأساة الناس تحت الدمار والقصف.. ومع بداية الحرب على سورية ،رسمت الفنانة الكاريكاتير السياسي الملتزم بالدفاع عن الوطن وانتشرت رسومها بسرعة إلى مواقع محلية وعربية وعالمية ومنها موقع احتلوا وول ستريت الأمريكي المعارض لسياسة أمريكا في حروبها واعتدائها على الشعوب الأخرى.. وللرسامة وجهة نظر ترى بأن فن الكاريكاتير يمكن أن يحمل رسالة قوية قادرة على التأثير والتغيير إذ تتوحد الفكرة والرسم المتقن لتتكامل ولتقدم عملاً فنياً جميلاً وهادفاً و عليه تقع مسؤولية ماينشره من رسوم قد يكون لها تأثير عميق في المجتمع.. والفنانة إذا تمتلك من الأصالة ما مكنها من إتقان أنواع الفنون سواء كان فناً موجهاً للأطفال أو رسوماً كاريكاتيرية أو فناً تشكيلياً ينتج أعمالاً في التصوير الزيتي والغرافيك والفن في رأيها وظيفة السمو بالحياة الواقعية إلى الكمال والمثالية ليخلق عالماً أمثل ،فيسكب الفنان على جراح العالم بلسما ويحول الآلام إلى وسيلة لتحرير الذات والقيام بوظيفة إنقاذ.
* عبد اللطيف يونس