الفساد يضرب جذوره العميقة في كل المجتمعات الإنسانية ,طبعاً يختلف بين مجتمع غربي وآخر شرقي ,ما زلت أذكر حادثة قديمة عندما انقطع التيار الكهربائي عن مدينة شيكاغو (خمس دقائق…فقط) أثناء هذا الوقت القصير نسبياً حدثت عشرات , وربما المئات من جرائم السطو والقتل والاغتصاب ,إذ انطلق كل مجرم نحو فريسته في حلكة الظلمة ,وكأن هذا المجتمع الشيكاغوي قائم على الجريمة المنظمة, أعتذر إن أقحمت الجريمة بعمل درامي سوري .
خواتم …نص درامي دموي بامتياز
العمل قصة وسيناريو وحوار ناديا موسى الأحمر (أعتذر بأنني لم أسمع باسمها سابقاً) وربما تقصير مني , ولكن قد نفاجأ بأن الكاتب الدرامي ,رغم أنه قدم لنا عمله الأول ولكنه يمتلك أدواته الفنية والفكرية, فقدم لنا نصاً درامياً بسوية عالية في المعالجة الدرامية وفي الحدث ذي الخصوبة وموضوعه الذي يطال أكبر شريحة بالمجتمع ,ولكن أن تكون بنية النص الدرامي قدمت عشرات المرات ,إن لم تكن مئات المرات في الدراما السينمائية والتلفزيونية , وكأن المتابع أو المتلقي للعمل الدرامي بجهل مما يقدم له , فذلك أمر آخر حكاية العمل تتمحور حول سيد (عبد المنعم عمايري) يدير من خلف مكتبه الأنيق نادياً رياضياً يصطاد بنات صغيرات من الشوارع ليعتني بهن ويعلمهن ,فتصبح منهن المحامية والدكتورة والصحفية ,والقاتلة المحترفة ,أي منطق هذا ,وكيف أن العلم لم يحصن هؤلاء الضحايا من سيدهن ,رغم هروب الصحفية (نادين تحسين بك )مع حبيبها (خالد القيش) الذي يتعرض لمحاولة قتل فقط لأنه حاول أن يفضح شبكة العنكبوت هذه ,كونه صحفياً ,السيد (عبد المنعم عمايري) يقيم علاقته النسائية بالجملة ,ويقيم المقصلة الأخلاقية على زوجته (مرح جبر) التي تخونه (الثأر بالمثل) ويتناوب العشق الأب والابن علاقة مع عشيقة (مديحة كنيفاتي) ,نعم هي خلطة غريبة عجيبة ,رغم تبريرها الدرامي الهزيل ,والسيد يدفع بصهره (عبد الهادي صباغ ) للسجن بتهمة أنه قاتل أخته ,وتتشرد العائلة بعد موت الأم وزج الأب بالسجن ,ويعتني السيد بابنة أخته (كندة حنا) لتصبح بعد تعلمها فنون القتال (قاتلة محترفة) ويستغلها بطريقة إجرامية,وتقع ابنة أخته (شادي مقرش) بحب ابنته ( هيا مرعشلي) .
إن السيد يعاقب كل من يخالفه بالموت قتلاً ,وكأن ملك المافيا لا يعرف من فنون الإجرام سوى القتل ,هي حلول إجرامية تملك الكثير من السذاجة ,والجهل بعالم المافيا وخفاياه التي تتفن بصياغة أساليب شيطانية ,لقد قدمت كاتبة النص الدرامي قشور عالم المافيا , وكانت فقيرة بلغة الحوار الذي جاء ,حواراً مسطحاً لا يحمل أي دلالات فكرية أو فنية ,أو عمقاً شعبياً ,(الشركة المنتجة لنايف الأحمر وديالا الأحمر) فهل الكاتبة ناديا موسى الأحمر من العائلة المنتجة ….؟ لاأعلم
سوية الأداء ….؟
لعب دور البطولة الفنان عبد المنعم عمايري ,وكونه طاقة فنية متميزة فقدم حاول أن يقدم قراءه للعمل الدرامي تناسب هذه الشخصية الإجرامية ,وهذا حد من عطائه لأن النص يحمل من التسطح الكثير ,الفنانة كاريس بشار زوجته الثانية والمشرفه على النادي (ستار الإجرام ) حاولت أن تقدم شيئاً مهماً …ولكن , الفنانة كندة حنا بقيت أسيرة الشخصية ,الفنانة جيني اسبر تقدم جمالها على أدائها , الفنان شادي مقرش قدم حميمية بدوره ,الفنانة ميرنا شلفون حاولت أن تضيف شيئاً , الفنانة لينا دياب كعادتها ,حضور أكبر من أدائها ,الفنان عبد الهادي صباغ خبرة كبيرة بدت واضحة رغم مساحة الحضور .
إخراج …يكرس سوية النص
خلف المونتور وقف المخرج ناجي طعمي يدير ممثليه , وهو صاحب تجربة كبيرة نسبياً وله أعمال تحمل بصمة إخراجية , ولكن للأسف بهذا العمل لم يستطع أن يذهب بعيداً ,فقدم حلولاً بسيطة وفقيرة في مفرداتها ,وتأتي أهمية المخرج لا في إدارة ممثليه ,بل في حلوله الإخراجية في ذروة الأحداث من تنفيذ آلية القتل (مثلاً) ولكن بعض هذه الحلول أتت بعد الفعل الدرامي وكأنه استسهل أبسط الحلول وأقلها تعقيداً .
قبل النهاية
أغنية العمل ,أو ما تسمى شارة العمل ,لم تضيف للعمل شيئاً ,بكلماتها البسيطة لدرجة السذاجة ,ولحنها العادي وطبعا أداء مطربها العادي
للأسف الشديد أنا أكثر المتابعين لنهوض الدراما السورية , ولكن انحدارها وتسطحها بات منفراً للمشاهد السوري والعربي ,الذي بدأ ينفض من متابعة هذه الدراما التي تصدرت في الماضي الفضائيات العربية بجدارة .
محمد أحمد خوجة