الكتابة عمل إبداعي!.
الكتابة حدث رائع!!..
ولكن القليلين القليلين هم الذين يعرفون كُنْه هذا العمل الباقي.. العمل الخالد!
و.. الأثر الكتابي الفني يخطف البصر بإشراقاته ورؤاه!! لماذا؟!
لأنه يندفع من النفس العامرة بالذوق والموهبة والإلهام !!
و.. عندما تختلط الأحزان بالمواجد والأشجان..
عندما يختلط الألم برقعة الكون السوداء..
عندما ترفرف الأماني مضمّخة بنور الفجر..
عندما تتراقص أمام عينيكِ أشرعة الحبّ والطمأنينة والأمان..
يولد الحرف .. و.. تولد الكلمة..
و.. كل جهد يبذل في سبيل الحرف والكلمة.. ممتع .. و.. رائع!!
و.. لكن لم تكن مسألة الكتابة في يوم من الأيام عملية سهلة و.. ميسورة (!!) و.. ما أكثر الذين يظنون ذلك..
ما أكثر الذين لايقدرون قيمة الحرف.. وعناء الكلمة..ومكابدة المبدع.. الكاتب!! الكتابة الإبداعية ( شعراً أم نثراً , قصيدة أو قصة) هي ذروة الفكر.. الكتابة الإبداعية هي خلاصة تجربة الحياة.. فيها مكابدة ومعاناة..
الكتاب الإبداعية هي ملاذ كل شاعر وكاتب ومبدع وأديب..
يلجأ إليها حين يريد أن ينفس عن نفسه… عن جراحه عن أصوات الألم أو الفرح, عن الحب والمكابدة والمعاناة..
ونحن .. ( الأدباء.. الكُتّاب , الشعراء، القاصون) حين نترفع عن الشكوى يولد الحرف.. تولد الكلمة .. يولد الإبداع..
وإن أجمل منظر تقدّسه العين هو منظر الكاتب المنحني على أوراقه يخطّ بقلمه سطور الإلهام والإبداع(!!)
والكتابة لاتتم بالإكراه أو بغيره..
لأنها حالة خاصة جداً..
ربما تجيء هذه الحالة في وقت لايكون مناسباً, ولكن لابد للمبدع أن يستجيب لها فيشرع قلمه ويهيء أوراقه(!!) قال نزار قباني:
ـ قصيدتي تكتبني.. والشعر استعداد فطري.. والموهبة أرض ، كل يوم أضع ورقة بيضاء أو زرقاء , وأقف أمامها مثل الصياد من الأسكيمو يثقب الثلج,.. ينتظر!!
تسأله: أين السمك؟ يجيب : سيأتي وحده(!)
وقد ظل نزار قباني نفسه عشر سنوات يحاول أن يصف موقفاً.. حتى كان نازلاً الدرج الحجري في منزله القديم بدمشق, عند الدرجة الثامنة جاءه المطلع:
ـ لاتمتقع .هي كلمة عجلى.. راني لأشعر أنني حبلى!!
بلى كل شيء سيأتي وحده.. ولابد من أن ننتظر .. لا بد .. لابدّ ..
ولكن ما أشقى الذي ينتظر السمك دون أن يتهيأ لاستقباله.. و.. أيضاً ما أشدّ تعاسة من يظن في نفسه أنه قادر على استقبال السمك كل يوم .. كل يوم.. لأنه يجهل ـ عملية الصيد ـ .. بل يجهل قيمة الكتابة المبدعة!!
نزار نجار