النقد الأدبي نقدان: نقد تنظيري يضع المهاد الفكري والفني والتقني للشغل النقدي على النصوص الإبداعية، بقصد تأصيل المفهومات وتوضيحها، وضبط المصطلحات لتعني الشيء ذاته عند الجميع، وتوحيد الآراء ووضع المعايير التي يتم بموجبها تقويم النصوص والحكم عليها.. . ونقد تطبيقي، يشتغل على نص محدد، بقصد الكشف عن مواطن التوهج ومواطن التقصير فيه.
وللأسف الشديد فقد تحول النقد التنظيري، في كثير من الحالات، إلى تعالم وتفاصح، حيث يلجأ الناقد إلى حشد المصطلحات، بمناسبة ودون مناسبة، للخم القارئ وإرباك تفكيره، وجعله يستسلم لمقولات الناقد حتى لا يتهم بالتخلف والجهل. كما تحول النقد التطبيقي، في كثير من الحالات أيضاً، إلى المجاملة على حساب الموضوعية، أو إلى التجريح بقصد الانتقام والإساءة بعدوانية غير مبررة وغير مفهومة، لكنها تقع خارج نطاق الأدب، بالمعنيين التقني والأخلاقي لكلمة أدب.
وما نراه من كتابات نقدية تطبيقية تجعلنا في كثير من الحالات نترحم على نقاد منتصف القرن الماضي وما كان يجري بينهم من (معارك أدبية)، حين كان الإبداع والنقد فرسي رهان. والملاحظ أن جيل الستينيات من القرن الماضي قد حظي باهتمام النقد والنقاد بما لم يحظ به من جاء بعدهم، بل إن جيل التسعينيات، على النقيض من ذلك، قد قوبل بالتجاهل والإهمال، إما بقصد وسابق إصرار، أو نتيجة ضعف إمكانات النقاد، وعدم قدرتهم على المتابعة، مما جعل شعراء تلك المرحلة يشعرون بالغبن، والحقد على النقد والنقاد، والحط من شأن الفعالية النقدية وازدرائها، وحسبانها نوعاً من اللغو الذي يمارسه أناس فاتهم قطار الإبداع فاتجهوا إلى النقد انتقاماً، ولكنه النقد الحاقد والمدمر.
محمد راتب الحلاق