منذ زمن بعيد لم أحضر فرحاً (عرساً) وذلك لأسباب كثيرة يصعب سردها بهذه العجالة ,وكي لا يساء فهمي ,فأنا من أنصار الفرح ,وأي شكل من أشكال الفرح,ولكن للأسف ما أصاب البلاد والعباد ,من مآسٍ وكوراث ,جعلني متحفظاً جداً في مراعاة آلام وعذابات الناس ,وذلك حفاظاً على الحد الأدنى من التعاطف الإنساني . وهذا (أضعف الإيمان) إلى أن أحرجت بحضور فرح (عرس) في صالة خاصة كبيرة, قلت في نفسي أحضر بعضاً من الوقت وانسحب بهدوء دون أن أعكر صفو الفرح, ولكن المفاجأة (بالنسبة لي) وجود مطرب وفرقة موسيقية وأجهزة صوت (للصرعة ) تدخلك بحلبة (حوار الطرشان ) لأن من يجلس قربك لا تسمع ما يقوله ولا تستطيع أن تسمعه احتجاجك على هذه الصرعة .
طبعاً لن أسرد لكم نوعية الغناء المسف والمتخلف ,سواء على صعيد الكلمة أو اللحن ,وأتذكر هذا (الله يرحم أيام زمان) في الماضي عندما كنا نسمع بأعراسنا القدود الحلبية والأغاني الخفيفة والطربية مثل محمد عبد الوهاب أو أم كلثوم وصباح فخري ,وأحياناً أغاني التراث الثري بجملتها اللحنية التي تدفع ببعض الشبان للرقص.
ما سمعته لا يتجاوز بعض المواويل ,وهيمن علينا غناء التحيات ( تحية لفلان وتحية لعلان ) ويرد صاحب التحية على المبادرة بالتحية وبأحسن منها ليذكر جميع أقرباءه الأحياء منهم والأموات ,وهكذا كان المطرب (مجازاً) ليس سوى ناقل للتحيات بين هذا وذاك, والمفجع بكل هذا هو رمي المال, الذي يهدر مقابل (المنفخة الكذابة) هذه التحيات ليست سوى سلوك مخجل وتحمل طابع النفاق (الانتهازي) بين المرسل والمتلقي .
همست لصاحب العرس الذي دٌعي هو له (لأن ممول الحفل ) هو أحد أقربائه فقلت له :كم من الأبواب والنوافذ بحاجة لها بيتك..؟ (لأن العصابات الظلامية عاثت فيه فساداً وخراباً,لأنه من أبناء الريف) قال لي: ما زال بيتي بحاجة لخمسة شبابيك وثلاثة أبواب.
محمد أحمد خوجة