إلى دهشة الإنسان الأولى .. إلى الفزع الكوني الخام معرض الفنان علي حمود « زين الشام « النحتي الأول في صالون سلمية الثقافي .
..ويستمر العطاء الفني الإبداعي للفنان السوري ،منذ بدأ الإنسان الأول يحفر على جدران كهوفه الأولى ،مايراه أمامه ويثير أسئلته ،يرسم خوفه الوجودي وأسئلته الكبرى ،بحثاً عن سر الحياة ،الولادة والموت ،والأصل الأول ،وموقعه في الطبيعة ومايجمعه مع باقي الكائنات أو ما يفرقه عنهم ..
والى يومنا هذا ،ممسكاً بأدواته المختلفة « صلصال ،حجر ،معدن ،خشب « ، ويقوم بتشكيل مايراه قادراً على التعبير عن واقعه وأحلامه ورؤيته للعالم بتجسيد فني مبتكر ،يضاف الى تاريخ النحت ،من أجل رسائل فكرية متعددة ونشر الجمال ..
.. هي اللوحة المنحوتة بيد الإنسان « كواسطة « لنقل المخزون الداخلي الواسع ،الكامن في الرؤيا والمشاهدة ،والمعجون بالرغبات والأسرار..
« المنحوتة « والإنسان كائنٌ ناحت ، منذ حمل لأول مرة أداته الحادّة و صار يضربها على جدار مغارته لتعطيه شكلاً بارزاً وخطوطاً غائرة ..وتمنحه الدهشة ،وربما الخوف وربما تحويلها الى معبودة وصلاة ،ينقل لها حاجته الى الأمان والكفاية وتحقيق الخلود ..
من هنا
أعمال الفنان « النحات « علي حمود « زين الشام « تبدأ مشروعها العفوي ،من طفولة الإنسان الأولى ،من حالة التعبير الأولى ،وقوة الصرخة البكر ،ومجادلة الكون والطبيعة بالأسئلةِ الجاحظة بألوانها الأولى ،المأخوذة مباشرة من الشمس ، واضحة ،من غير مواربة ،فالأبيض ..أبيض ،والأسود ..أسود ،مأخوذ من مصدره ،لا يدخل عليه لونٌ آخر ..
التكوين أيضاً ،متماسك أليف ،كأنه حالة الخلق الأولى ، عارٍ من غير سوء ،واضح من غير ملامح ولا تشريح ، من غير توازن بين الكتلة والفراغ ، يذهب مباشرة الى المعنى والى المراد ،قولاً تعبيرياً من الملامح الأساسية الغامقة اللون والشكل ..
أعمال المعرض تستلهم التشكيل « البدائي العفوي « وبناء الحالة التعبيرية الأولى « ماقبل النحت التشريحي « ..
تتميز الأعمال الفنية بتماسكها وإندماجها وقوة بنيتها ،حاملة الحالة التعبيرية من زمن توليف المجسمات الحاملة قوة التعبير ،انفعالاً في الحزن والدهشة والفزع والإغتراب الكوني ..
وحالة المعاصرة والحداثة فيها ،تأتي بقوة التكوين العفوي المباشر ..
وهي كتلة نحتية مستقلة عن الفراغ الذي يحيطها ، من غير عناية تذكر بالتوازن بين الكتلة والفراغ ..
والأعمال « شعبية ،فائقة الروعة « قريبة من الذائقة والفهم العام ..
وقد تنتمي الى « الدادائية « المعاصرة ، التي تأتي وتمنح الفنان ، بعد الأزمات الكبرى ،حالةً تشبه العودة الى الطفولة او البدائية ،لما تحمله من لحظات نقاء مستلبةٍ مسروقة ،نبحث عنها ليتم لنا شيء من التوازن والتماسك الإنساني ..
..
الأعمال « مواد مختلفة « لها اسلوبها الخاص ،والذي يحمل قابليةً للتطور والإغناء والذهاب بعيداً في التشكيل المركب ،المتعدد الأبعاد والرؤى والأفكار ..
تبحث في الأسئلة الكونية الكبرى ،كحالة تعبيرية لما يسمى « قبل معرفي « ،وهو بحد ذاته ،معرفة فلسفية عالية ووجودية ومرتبطة بمسيرة الإنسان الفكرية والجمالية الفنية ..
وهو التكوين الفني ،الباحث من غير أجوبة
إنه النداء الموجه الى الماوراء المخفي ،كي يمنح بركةَ الجواب الممكن ،على أسئلة المستحيل المرتكزة على البدائية المبدعة .