يعتبر العنف ضد المرأة من أهم مظاهر تخلف المجتمعات، وأهم العوائق في تطورها ،فما هو المقصود بالعنف ضد المرأة .
عرفت الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بأنه أي اعتداء ضد المرأة ،مبني على أساس الجنس والذي يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي أو جنسي أو نفسي للمرأة ، ويشمل أيضا التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات سواء حدث في إطار الحياة العامة ، أو الخاصة ، وقد اعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها 104/48 المؤرخ في 20 كانون الأول 1993، وينص القرار على اعتبار 25 تشرين الثاني من كل عام، كيوم عالمي للقضاء على العنف ضد النساء ، وبحسب تقرير الأمم المتحدة فقد تعرضت امرأة واحدة على الأقل من كل ثلاث نساء في العالم للعنف بمختلف أنواعه ، وتتعدد أنواع العنف ضد المرأة فهناك العنف الاجتماعي والعنف الجنسي ويتضمن أفعالاً مثل الاغتصاب أو محاولة الاغتصاب والتحرش الجنسي، والعنف الجسدي (البدني) ويتضمن أفعالاً مثل الاعتداء أو الضرب أو الكم أو الاتجار والاسترقاق والعنف العاطفي النفسي ويتضمن أفعالا مثل الاعتداء اللفظي المهين والمخزي أو تحديد الإقامة القسرية، أما العنف الاقتصادي، فهو تحكم الزوج والشريك الحميم في قدرة زوجته على الوصول إلى الموارد الاقتصادية ، مما يترتب عليه عدم قدرة الزوجة على دعم نفسها مادياً ، وتضطر أن تكون تابعة اقتصاديا للمعيل ، ويقتصر عملها على أعمال المنزل مجاناً، كذلك حرمانها من إمكانية حصولها على المال في الحاضر أو المستقبل عن طريق منعها من الحصول على التعليم أو العمل، وغالبا ما يستعمل العنف الاقتصادي كشكل من أشكال التحكم بالمرأة وخصوصا في المجتمع العربي، واستخدام التهديد ضد المرأة لإجبارها على إعطاء الزوج أموالها أو مصاغها في المجتمع العربي، أيضا والتهديد بالطرد من المنزل وهذا نراه متكررا وفي حالات ليست بالقليلة في مجتمعنا، أما فيما يتعلق بالعنف الاجتماعي ، ويقصد به أي فعل ضار ضد إرادة الشخص، ويستند على الفروق بين الذكور والإناث التي يرسمها المجتمع لكل منهما(أي النوع الاجتماعي)، ويشمل أيضاً الأفعال التي تلحق الأذى بالمرأة أو المعاناة أو التهديد أو سائر الاشكال الأخرى من الحرمان من الحرية، وتحدث هذه الأفعال علانية أو في السر (ويعتبر العنف الاجتماعي في مجتمعنا من أخطر وأكثر أنواع العنف التي تمارس ضد المرأة ).
هناك أ سباب عديدة لانتشار العنف في مجتمعنا، من أهمها عدم وجود المعرفة بالحقوق والتمييز بين الذكر و الأنثى وخصوصاً في مجتمعنا، بالإضافة إلى عدم توفر الخبرات والشهادات لدى البعض ، وهناك عوامل مساعدة لزيادة العنف ضد المرأة، منها الحرب ،النزوح ، فقدان العمل ،الفقر، العطالة ، المخدرات والكحول والتي بدورها تثمر أنواع العنف ، كما وأن هناك عوامل أخرى وتتعلق ببناء الإطار البيئي ومنها عزلة الإناث والأسرة في قسم من مجتمعنا ، ضعف الأسرة وضعف الوضع الاجتماعي والاقتصادي والضغط الاجتماعي والاقتصادي، ولعل الأهم في رأيي هو ضعف العقوبات في المجتمع ضد العنف القائم على أساس التنوع الاجتماعي وضعف السلامة في الأماكن العامة ، ونرى أن كثيرا من المدافعات عن حقوق المرأة قد تحدثن عن ضعف العقوبات التشريعية و انعدامها في بعض الحالات.
والعنف ضد المرأة في مجتمعنا فنراه مستساغاً لدى البعض، وفيما يتعلق بالعنف في المجتمع السوري ، حدثنا الخبير النفسي الدكتور أحمد الكنج عن العنف في المجتمع السوري قائلاً: تتعرض المرأة في مجتمعنا العربي والمرأة السورية إلى أنواع مختلفة من العنف الجسدي والنفسي والاجتماعي واللفظي والاقتصادي ، والحقيقة أن هذا العنف الذي يمارس على المرأة لا يتمثل بالزوج فقط ، فقد يكون من أحد أفراد الأسرة الأخ أو الأب وقد يكون العنف من الأم بحد ذاتها ،ولهذا العنف الذي يمارس على المرأة آثارا سلبية على شخصيتها ذاتها وعلى الأدوار المناطة بها، فهذا العنف يؤدي إلى عدم قيامها بأدوارها المطلوبة منها بحكم الدور الذي تمارسه في الأسرة من حيث رعاية شؤون منزلها والاهتمام بأسرتها بشكل كامل، ويشكل العنف نوعا من المشكلات النفسية بالمرأة حيث تتأثر وتظهر لديها اضطرابات أخرى قد تؤدي إلى اختلال في شخصية المرأة وعدم التوازن وقيامها بأدوارها بشكل صحيح .
وموضوع العنف يعد من المواضيع الشائكة في مجتمعنا ،والتي تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتعمق للوقوف بشكل حقيقي على أسباب العنف لوقاية المرأة منه ، وأهم عامل يمكن أن يشكل فرقا في كيفية التعامل وعدم تعرض المرأة للعنف، وهو توعية المرأة وتعليمها وحصولها على تعليم أكاديمي يتيح لها الاستقلال الاقتصادي عن الرجل، فمتى تحررت اقتصاديا عن الرجل تستطيع أن تتحرر من جميع أشكال العنف الموجه ضدها ،بحيث تستطيع من خلال تعليمها وحصولها على درجة من التعليم أن تصبح أكثر ، وعياً وأكثر قدرة على التعامل مع ظروفها ،والواقع الذي تعيش فيه ، وهنا أريد أن أبين أن المرأة قد تتعرض للعنف من قبل المرأة ذاتها ، فكثير من النساء يحرمن المرأة من الميراث، ومن حقوقهن التي أقرها الشرع ،فالمرأة هنا أصبحت وسيلة من وسائل العنف ضد المرأة ، وللوقاية من هذا لابد من توعية المرأة وكذلك حصولها على التعليم فهذا يضمن أكبر تحصين لها يمكنها من القيام بدورها بالشكل الصحيح واللائق.
وبتلك الكلمات أنهى الدكتور أحمد حديثه عن العنف ضد المرأة ، ونحن نهاية نقول إن العنف الموجه ضد المرأة في مجتمعنا يعبر عن جهل من الطرفين تارة وعن السلطوية المترسخة في ذهن بعض العقول الذكورية نتيجة عادات وتقاليد اجتماعية حان الوقت لاجتثاثها وصون كرامة المرأة وحقوها ، والتعريف بأهميتها والإيمان من أنها نصف المجتمع وأنها من أهم دعائم المجتمع .كما ويجب سن تشريعات أقوى لتجريم مرتكبي العنف ضد المرأة بمختلف أنواعه .
شذى الصباغ
المزيد...